"نبع السلام".. ماذا يريد "أردوغان" من الهجوم على سوريا؟
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء، بدء عملية جديدة ضد وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من الدول الغربية، والتي تعتبرها أنقرة "إرهابية"، وذك بعد أن نشر أردوغان تغريدة عبر حسابه الرسمي في تويتر، قال فيها إن "القوات المسلحة التركية والجيش الوطني السوري، بدآ عملية "نبع السلام" في شمال سوريا، ليُسمع دوي انفجار في بلدة رأس العين الحدودية مع تركيا في شمال سوريا، وسط تحليق للطائرات في أجوائها، بعد دقائق من إعلان أنقرة بدء العملية العسكرية ضد المسلحين الأكراد، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
هدف تركيا من الهجوم
تتركز أهداف تركيا، من وراء الهجوم على شمال شرق سوريا، في إبعاد وحدات حماية الشعب الكردية عن حدودها، حيث تعتبرها خطرًا أمنيًا، بهدف إنشاء منطقة داخل سوريا يمكن فيها توطين مليوني لاجئ سوري تستضيفهم في الوقت الراهن، فيما تحرض أنقرة الولايات المتحدة للمشاركة في إقامة "منطقة آمنة" تمتد 32 كيلومترا في الأراضي السورية، لكنها اتخذت عملًا عسكريًا من جانب واحد متهمة واشنطن بالتلكؤ.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد تحدث في الآونة الأخيرة عن قيامه بالتوغل أعمق في سوريا، بشكل يتجاوز "المنطقة الآمنة" المقترحة إلى مدينتي الرقة ودير الزور من أجل السماح لمزيد من اللاجئين بالعودة إلى سوريا.
كيف تنعكس العملية على الأكراد؟
وبرز دور الأكراد كجزء من المشهد ووكلاء للولايات المتحدة الأمريكية بادية من عام 2015، في حربها ضد تنظيم الدولة "داعش" في سوريا والعراق، وقد نالوا دعمًا كبيرًا شمل السلاح والعتاد والتدريب والمال من قبل الإدارة الأمريكية ومؤسساتها، ولم يكن وضع الأكراد العراقيين معقدًا، إذ إنهم ضمن الغطاء الأمريكي منذ عام 1991، لكن الحال في سوريا مختلف جذريًا، فقد دعمتهم الولايات المتحدة بقوة، وتحديداً قوات "وحدات حماية الشعب" التي تشكّل عصب قوات سوريا الديمقراطية.
أتى هذا الدعم في الوقت الذي تعتبر فيه تركيا؛ شريكة واشنطن في حلف الناتو، الوحدات الكردية بأنها لوائح الإرهاب، لاتصالها بحزب العمال الكردستاني التركي الذي تحاربه أنقرة بقوة منذ سنوات، وخاضت معه معارك طاحنة، وترغب بإيقاف مشروعهم في مناطق شمال سوريا، ورغم أن حزب العمال مصنف على لوائح الإرهاب دوليًا، فإن الأمر لا ينطبق على المليشيات الكردية السورية التي نالت دعمًا وفيرًا زمن الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، وخلال فترة الرئيس دونالد ترامب.
لكن يوم الاثنين 7 أكتوبر 2019، فجر الرئيس الأمريكي مفاجأة جديدة للوحدات الكردية؛ بإعلانه الانسحاب الأمريكي من مناطق شرقي الفرات شمالي سوريا، والتي تسيطر عليها القوات الكردية، قائلاً: "آن الأوان لخروج أمريكا من تلك الحروب اللا نهائية السخيفة، وسيتعين الآن على تركيا وأوروبا وسوريا وإيران والعراق وروسيا والأكراد تسوية الوضع"،ثم استكمل حديثه قائلاً: "الأكراد حاربوا إلى جانبنا لكننا دفعنا لهم مبالغ ضخمة من المال والمعدات للقيام بذلك".
إلى أين يصل الهجوم التركي؟
يسيطر الأكراد في الوقت الحالي على 40 كيلو مترًا من نهر الفرات، ومن المحتمل أن تركيا تخطط تركيا للسيطرة على قطاع حدودي بين مدينتي رأس العين وتل أبيض اللتين يفصلهما نحو 100 كيلومتر، الأمر الذي يشكل خطورة على الأكراد بعد انسحاب القوات الأمريكية منها، ورغم أن هذا الجزء يقع تحت سيطرة القوات التي يقودها الأكراد فإنه كان على مر التاريخ يحوي وجودًا عربيًا قويًا.
وفي تصريحات أوزجور أونلو هيسارجيكلي من صندوق مارشال الألماني "هذه منطقة سكانها عرب ولتركيا علاقات طيبة مع الجماعات البارزة فيها، وإذا حاولت وحدات حماية الشعب أن تحتفظ بأراض هناك، فستخسر الكثير من الدماء".
ردود أفعال أوروبية
شن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجومًا على تركيا، حليفته في حلف شمال الأطلسي، وهدد بتدمير اقتصادها إذا مضت قدمًا في هجوم عسكري تعتزم تنفيذه في سوريا، حيث قال ترامب إنه سيدمر ويمحو تمامًا اقتصاد تركيا، إذا أقدمت على شيء في سوريا يعتبره تجاوزًا للحدود في أعقاب قراره الذي أعلنه الأحد سحب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا.
ما أثار قلق الدول الأوروبي، هو أن يؤدي تدفق السوريين العرب السنة على شمال شرق سوريا والذي يسيطر عليه الأكراد إلى تغيير التركيبة السكانية للمنطقة، حيث قال منسق الأمم المتحدة الإقليمي للأزمة السورية إن على كل الأطراف تفادي تشريد المدنيين إذا شنت تركيا الهجوم.