"ذاكرة أكتوبر الحية".. من هو المشير أحمد إسماعيل؟
ذكرى نصر أكتوبر الذي احتفى به الجميع، في يوم أصبح استثنائيًا بالنسبة لهم، وكل عام في هذا التوقيت يذكرهم بطعم الانتصار الذي تزيل مرارة الهزيمة التي تجرعها المصريون لسنوات عديدة، لكن هذا اليوم لم يأت من فراغ بل وقف خلفه الكثير من الأبطال، سواء كانوا ضباطًا أو جنودًا أو قادة، وعلى رأسهم المشير أحمد إسماعيل، القائد العام للقوات المسلحة في هذا الوقت، حيث تحتضن تلك السطور نتفًا من حكايته وسيرته.
تربية على أصول عسكرية
ولد المشير أحمد إسماعيل فى الرابع من أكتوبر عام 1917 بحي شبرا، وتربى على الحياة العسكرية حيث كان يعمل والده ضابطًا بوزارة الداخلية وترقى حتى أصبح مأمورًا لأحد أقسام الشرطة بمدينة القاهرة، وكان صارمًا والنظام ودقيقا فى كل تصرفاته منذ صباه ولم تكن تشغله اهتمامات أقرانه الشباب في سن الخامسة عشرة أو العشرين إنما كان دائمًا يهوي قراءة كتب التاريخ والسيرة وبطولات القادة العسكريين.
حصل "إسماعيل" على شهادة البكالوريا "الثانوية العامة"، ثم تقدم إلى الكلية الحربية مع الرئيس أنور السادات الا أن أوراقهما رفضت والتحق الطالب بكلية التجارة عندما رفضت الكلية الحربية قبوله ورغم نجاحه بتفوق لمدة عامين إلا أنه لم يقبل حرمانه من الالتحاق بالكلية الحربية وأخذ يسعى دون ملل حتى تمكن من الالتحاق بها عام 1937.
أمضي المشير فترة الإعداد فى الكلية بنجاح، وتخرج فيها برتبة ملازم ثان وتم تعيينه بسلاح المشاة عام 1938 ضمن الدفعة الثامنة حربية وعمل ضابط للاستطلاع وقائدًا لفصيلة في الكتيبة الرابعة مشاه ومن ضمن من زامله فى الخدمة الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس محمد أنور السادات وعبد المنعم رياض ويوسف السباعي وأحمد مظهر.
في لواء المشاة
تولي قيادة أركان حرب لواء مشاة ولتفوقه والتزامه العسكري التام تم اختياره ليكون واحدًا من أحد أعضاء دورة تدريبية عسكرية في دير ياسين بفلسطين وكانت الحكومة الإنجليزية هي الجهة المسئولة عن هذا الالتزام وفي هذه الدورة التدريبية حقق مفاجأة مذهلة وأظهر بلاءً حسنًا بأن يكون ترتيبه الأول في الدورة علي جميع الضباط الإنجليز والمصريين وهذا ما شجع القيادة العسكرية على أن ترسله فى دورة تدريبية أخرى في بريطانيا ورجع منها مجتازًا إياها بنجاح فائق وعلي جميع الطلاب الحاضرين فيها وكان ترتيبه أيضا الأول.
بعد ذلك صدرت إليه أوامر عسكرية بالمشاركة في حرب 1948م و بإنشاء خط دفاعي منيع في مدينة رفح وطبق في هذا الالتزام خبراته التدريبية ونجح فى عمل خط دفاع قوى ولذلك كان محل اهتمام من القيادة العسكرية بعد الهدنة وتم دراسة خططه الناجحة ووجدت ذات كفاءة مما جعله ينجح فى هذا الخط الدفاعي مما جعل القيادة العسكرية تصدر تكليف أحمد إسماعيل بإعداد خطة دفاعية مماثله لصد الهجوم الإسرائيلي علي مدينة العريش في ذلك الوقت.
رُقي فيما بعد إلي رتبة المقدم في الحادي عشر من فبراير، وبعدها بفترة قصيرة تم اختياره مدرسا بكلية القادة والأركان الحرب والذي كان يدرس فيها وصار يشغل هذا المنصب بالكلية، وكان معروفًا عنه النشاط والإفادة فى العلوم العسكرية والجدية فى نظام التدريس لطلبة الفرق التعليمية وعندما قامت ثورة 23 يوليو عام 1952م قامت قيادة الجيش بعمل ترقيات فى القيادات العسكرية ومنها إصدار أوامر عسكرية لأحمد إسماعيل بتولي رئاسة أركان حرب فرقة مشاة.
بعد فترة زمنية قصيرة تم أيفاد احمد إسماعيل للقيام بالالتحاق في دورة تدريبية بأكاديمية فروتز العسكرية العليا بالإتحاد السوفيتي "روسيا" بناءً على أوامر عسكرية، ودخل احمد إسماعيل مرحلة جديدة من الفكر العسكري وشهد له بالامتياز والكفاءة وسط جميع زملائه في هذه الدورة التدريبية وتخرج وكان ترتيبه الأول على زملائه.
الوصول إلى وزارة الحربية
تم تعيينه فى عام 1968م رئيسًا لهيئة العمليات، ثم رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية في مارس 1969م، بعد استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض كما عين في منصب الأمين العسكري المساعد بجامعة الدول العربية وأبعد عن القيادة وترك الخدمة، بعد حادث استيلاء القوات الإسرائيلية على رادار دفاع جوى من موقع منعزل على ساحل البحر الأحمر الغربي إلى أن اختاره الرئيس محمد أنور السادات فى مايو 1971، ليرأس جهاز المخابرات العامة وكشف الجهاز خلال رئاسته عددًا من قضايا التجسس.
تم تعيين المشير أحمد إسماعيل وزيرًا للحربية فى 26 أكتوبر 1972 من خلاله تم تحرير سيناء سياسيًا فيما بعد، أو استكمال التحرير عسكريًا وفي يناير عام 1973، عين قائدًا عامًا للقوات المسلحة المصرية في دولة اتحاد الجمهوريات العربية وبعد أسبوع عينة مجلس الدفاع العربي قائدًا عامًا للجبهات الثلاث الشرقية "الأردن" والشمالية "سوريا" والجنوبية "مصر."
حرب أكتوبر
قاد الفريق أول أحمد إسماعيل قوات الجبهتين الشمالية والجنوبية في حرب أكتوبر 1973، والتي أدارها بمهارة وصبر مما ساعد على اجتياز الأوقات العصيبة للحرب، كما نجح في تنسيق الجهود والتعاون مع القوات السورية أثناء الإعداد للحرب وبدء الأعمال القتالية، وحقق النصر الكبير ثم قاد عملية تطوير وتحديث القوات المسلحة المصرية عقب الحرب مباشرة.
أصدر الرئيس السادات في أعقاب حرب أكتوبر قرارًا بترقية الفريق أول أحمد إسماعيل إلى رتبة "المشير" أرفع الرتب العسكرية في احتفال مجلس الشعب في فبراير 1974، لتوافيه المنية في ديسمبر من ذات العام، تاركًا خلفه سيرة حية تنبض بتضحياته.