غضب متسارع ومظاهرات عارمة ضد الفساد بالعراق
تعيش العاصمة العراقية بغداد ومدن أخرى، اليوم الثلاثاء، أحداثًا متسارعة وذلك من خلال مظاهرات عارمة خرج فيها الاف المحتجين ضد فساد الحكومة، وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
وتسبب قمع الشرطة العراقية وقوات الأمن للمتظاهرين، اليوم، بسقوط قتيلين، وإصابة عشرات آخرين، وأشارت المصادر إلى استخدام الشرطة للرصاص الحي ضد المحتجين في بغداد وغيرها من المناطق العراقية.
كانت ساحة التحرير في بغداد نقطة البداية لآلاف المتظاهرين، الذين رفعوا أصواتهم بهتافات مختلفة جُلها يطالب برحيل الحكومة، ومكافحة الفساد، وتوفير الخدمات العامة، وفرص العمل لآلاف الشباب العراقيين العاطلين عن العمل.
ومن المطالب الرئيسية للمتظاهرين منع تدخل الأحزاب والكتل السياسية في العمل الحكومي وفصل الاستحقاق السياسي عن المناصب الحكومية وتأسيس مجلس الخدمة الاتحادي، وتشكيل مجلس الإعمار ليكون مسؤولًا عن كل المشاريع والخطط المستقبلية للبلد وإيجاد فرص عمل ومحاربة الفساد.
"باقونا الحرامية":
وردد المتظاهرون شعار "باقونا (سرقونا) الحرامية"، في إشارة إلى الطبقة الحاكمة في البلد، الذي يحتل المرتبة 12 في لائحة الدول الأكثر فسادًا في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية.
وبحسب تقارير رسمية، فمنذ سقوط نظام صدام حسين في العام 2003، اختفى نحو 450 مليار دولار من الأموال العامة، أي 4 أضعاف ميزانية الدولة، وأكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي للعراق.
وتعتبر هذه التظاهرة أول التحركات المطلبية التي تواجهها الحكومة الحالية التي تتتم عامها الأول في السلطة في نهاية أكتوبر الحالي.
وحمل متظاهرون آخرون صورًا لقائد جهاز مكافحة الإرهاب، عبدالوهاب الساعدي منددين بقرار نقله إلى وزارة الدفاع، ورددوا هتافات (هاي الحكومة الفاسدة ما نريدها وثورة العشرين نعيدها) و(الشعب يريد إسقاط النظام).
وأثار قرار عادل عبد المهدي رئيس الوزراء العراقي، استبعاد الفريق عبد الوهاب الساعدي قائد قوات مكافحة الإرهاب، الذي اضطلع بدور كبير في المعارك ضد تنظيم داعش، على مدى اليومين الماضيين، غضبًا في البلاد وسط علامات استفهام عن أسباب القرار، ورأى مراقبون أنه نتيجة انقسام داخلي بين القوى والأحزاب النافذة، إلى جانب التدخل الخارجي في شؤون الأمن والدفاع، خصوصًا بين حليفتي العراق الكبيرتين، الولايات المتحدة وإيران، في حين رأى البعض أن عملية استبعاد الساعدي ليست إلا انتقامًا وتصفية حسابات داخلية.
واعتبر الساعدي في تصريحات صحافية، يوم السبت الماضي، قرار إحالته إلى إمرة وزارة الدفاع "عقوبة وإساءة وإهانة له ولرتبته العسكرية".
وتقول متظاهرة عراقية شاركت بالاحتجاجات، نطالب بحقوق الشعب المغبون منذ عام 2010، لقد يئسنا من المناشدات ونريد أخذ حقوقنا بكل الطرق السلمية، ولا نريد الشغب، لقد نفد صبرنا ونحن الآن في ثورة عارمة وإن قل العدد.
مشاركة واسعة
واتسعت رقعة الاحتجاجات لتصل إلى محافظة ميسان الواقعة شرق العراق، وطالب عدد كبير من سكان المحافظة بإجراء إصلاحات حكومية ومحاربة الفساد المتفشي في مؤسسات الدولة؛ فيما فرضت قوات الأمن إجراءات أمنية مشددة.
وقال نائب رئيس مجلس محافظة ميسان جواد الساعدي، إن "الحكومة المحلية تتعاطف وبشكل كبير مع مطالب المتظاهرين بشرط عدم المساس بالأجهزة الأمنية أو الاعتداء على ممتلكات الدولة والمواطنين".
ولفت الساعدي إلى أن حكومة ميسان سوف تحاول الاستجابة لمطالب المتظاهرين والموجهة في غالبيتها إلى الحكومة الاتحادية.
وفي النجف انطلقت تظاهرات من ساحة ثورة العشرين باتجاه مجلس المحافظة، لكن الشرطة منعت المتظاهرين من الوصول إلى المجلس.
أما في مدينة الناصرية فقد خرجت تظاهرة شارك فيها المئات مرددين شعار "الشعب يريد إسقاط النظام".
مطالبات بالتهدئة
وذكرت المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالعراق أنها رصدت إطلاق غازات مسيلة للدموع من قبل قوات الأمن ضد المتظاهرين في بغداد وحدوث حالات اختناق، كما وثقت اعتقال 11 شخصًا في البصرة، أطلق سراحهم لاحقًا، بعد تدخل المفوضية حسب تصريحات صحفية لعضو المفوضية فاضل الغراوي.
وأكد فاضل الغراوي عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان، على أن حرية الرأي والتعبير والتظاهر السلمي من الحقوق المكفولة دستوريًا، داعيًا قوات الأمن والمتظاهرين إلى الحفاظ على سلمية التظاهرات.