في ذكرى ميلاد جلال الدين الرومي.. تعرف على رقصة الدراويش
تحل علينا اليوم ذكرى ميلاد جلال الدين الرومي المولود عام 1207 منذ نحو809عاماً، ذلك الأستاذ الذي ولد في مدينة بلخ التي نُسِبَ إليها كبارُ العلماء والفلاسفة والفقهاء، كالفردوسي وابن سينا والغزالي، وارتبطت حياته بالموسيقى والرقص، حتى أنه ترك خلفه ميراثاً للأجيال رسم فيه طريقة لتحرر الروح من كل ما يُقيدها" عرفت بـ"رقصة المولوية" المتنقلة بين الأجيال من عام إلى أخر.
رقعة شاسعة من الأرض
عقب وفاة "مولانا الرومي"، قام أتباعه وابنه سلطان
بإتباع "الطريقة المولوية" ورقصة الدروايش من أجل نشرها في بقاع الأرض، وبالفعل
انتشر تأثيرها في رقعة شاسعة من الأرض، امتدت
ما بين أذربيجان إلى ڤيينا.
ومع انتشار التكايا،
انتشر المثنوي وأصبح له شعراؤه المنشدون العظام، ومنهم: إبراهيم بك، سلطان ديواني،
أرزي، ديدي، شيخ غالب، وسواهم. كما انتشرت الموسيقى المولوية ورقص السماع، وأثَّرت
التقاليد الفنية للطريقة في فنَّي الرسم والخط.
إرث الكمال
من أهم معتقدات جلال الدين، أن الإصغاء للموسيقى والدوران
حول النفس، هم رحلة روحية تصطحب الإنسان في رحلة تصاعدية من خلال النفس والمحبة للوصول
للكمال، وتبدأ تلك الرحلة بالدوران الذي يسقي الإنسان بماء المحبة، ثم تنخفت انانيته
ليجد الحق وحينها يعود للواقع، فيصبح أكثر نضوجاً.
إرث ديني
"رقصة المولوية" هي إرث ديني واجتماعي، يتدرج المشاركون
بها في ترتيب تفرضه الصفات والأعمار المختلفة للراقصين المولويين.
انتشرت المولوية كطريقة صوفية بعهد الدولة العثمانية، ثم
انتقلت لسوريا ومصر، فمنطقة البلقان وبعض البلدان الأخرى، ولكن تم التضييق على أنصارها
في تركيا عقب ثورة "كمال أتاتورك العلمانية"، ثم عادت بعدها الدولة لتسمح
بتقديم عروضها مرة أخرى.
ويُعَد السماع، أو الرقص الكوني للدراويش الدوارين، من أشهر
فنون الطريقة المولوية، وهو طقس له رمزيته:" فالثياب البيض التي يرتديها الراقصون
ترمز إلى الكفن، والمعاطف السود ترمز إلى القبر؛ وقلنسوة اللباد ترمز إلى شاهدة القبر؛
والبساط الأحمر يرمز إلى لون الشمس الغاربة؛ والدورات الثلاث حول باحة الرقص ترمز إلى
الأشواط الثلاثة في التقرب إلى الله، وهي: طريق العلم والطريق إلى الرؤية والطريق إلى
الوصال؛ وسقوط المعاطف السود يعني الخلاص والتطهر من الدنيا؛ وتذكِّر الطبول بالنفخ
في الصُّور يوم القيامة؛ ودائرة الراقصين تُقسَم على نصفَي دائرة، يمثل أحدهما قوس
النزول أو انغماس الروح في المادة، ويمثل الآخر قوس الصعود أي صعود الروح إلى بارئها،
ويمثل دوران الشيخ حول مركز الدائرة الشمس وشعاعها؛ أما حركة الدراويش حول الباحة فتمثل
القانون الكوني ودوران الكواكب حول الشمس وحول مركزها".
مناجاة الخالق
يبدأ الدراويش الرقصة بحركة دورانية تعتبر جزءا من مناجاة
الخالق، ويعتبرون أن فى دورانهم تجسيدا للفصول الأربعة، وأن الصلة بين العبد وخالقه
تنشأ عندما يقوم الراقص أو اللفّيف، برفع يده اليمنى إلى الأعلى وخفض اليسرى إلى الأسفل
متخففا من كل شىء بقصد الصعود إلى ربه.
فالحركة الدورانية تلك يكون فيها الراقص على اتساق مع حركة
الكون، ودوران الكواكب، و لحظات تأمل بهدف الوصول إلى مرحلة الكمال و كبح شهوات النفس
والرغبات الشخصية عبر الاستماع إلى الله والموسيقى والتفكر فى الله.
رقصة المولوية في العلم
وهناك تفسير علمي للرقصة أيضاً، ففي علم الفيزياء هناك قانون
يؤكد أن دوران الأرض حول نفسها، يولد طاقة تؤثر على الأشياء حولها، وعند التأمل في
الرقصة الصوفية يمكننا تشبيه دوران الدرويش بالكرة الأضية التي تدور هي الأخرى بثوبها
المتمثل في الغلاف الجوي، لتولد طاقة ناتجة عن هذا الدوران.