في ذكرى وفاته.. جمال عبد الناصر والبابا كيرلس من علاقة فاترة إلى حب لا ينتهي
في ذكرى وفاة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، يظل البحث علي علاقته بالكنيسة ورئيسها الراحل البابا كيرلس السادس، بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الـ 116، العلاققة التي كانت فاتره ثم تحولت الي صداقة قوية.
ترصد الفجر أهم المحطات التي جمعت بينهما بعد رحيل النظام الملكي وإعلان الجمهورية العربية المتحدة.
- كيرلس وعبد الناصر بداية حب لا تموت:
البابا كيرلس السادس رجل الدين الذي عرف برجل الصلاه المتوحد، حيث يعتبره المسيحيون داخل وخارج مصر بالقديس الذي يعشقونه علي المستوي الشخصي والروحي والوطني، فعلاقته بالرئيس جمال عبد الناصر صارت تعبيرًا عن علاقة حب ووطنية الكنيسة المصرية التى يعيدها للأذهان، والتي تشبه بعلاقة البابا تواضروس البطريرك الحالي بالرئيس عبد الفتاح السيسي والتي جمعهم حب الوطن كأسمى وأهم علاقة تفوق كل شىء.
- من علاقة فاترة إلي صداقة وأبوية:
فتور وسوء فهم هما اللذان قادا إلي العلاقة القوية والمتينة التي جمعت الزعيم جمال عبدالناصر بالبابا كيرلس السادس، فكان البابا قد طلب مقابلة الزعيم ناصر أكثر من عشر مرات وناصر يرفض.
بدأت قصة علاقة الزعيم والبابا كيرلس السادس كما دونتها ووثقتها الكنيسة حينما طلب البابا كيرلس مقابلة جمال عبد الناصر أكثر من 10 مرات وهو يرفض، وكان يريد البابا أن يعرض عليه بعض مشكلات الأقباط والمضايقات التي تتعرض لها الكنيسة، ولم يجد البابا أي استجابة لرغبته في مقابلته وحدث أن كان للبابا صديق عضو في مجلس الشعب وكان يحبه وكان دائم الزيارة له، وكان له ابن مريض، فطلب العضو أن يصلي البابا لأجل ابنه، وربنا شفاه بصلاته.
وقابل جمال عبد الناصر البابا كيرلس بفتور شديد جدًا وابتدره قائلًا بحدة: "إيه فيه إيه!! هم الأقباط عايزين حاجة مالهم الأقباط هما كويسين قوي كده أحسن من كده إيه مطالب مطالب مطالب".
وكانت مقابلة عبد الناصر ليست كعادته ومع ذلك قال البابا كيرلس مبتسمًا: "موش تسألني وتقول لي: فيه إيه!!" فرد محتدًا قائلًا: "هوه فيه وقت أقولك وتقول لي ما هو مافيش حاجة".
ووجد البابا نفسه في موقف دقيق فغضب وزعل جدًا وقال لعبد الناصر: "ده بدل ما تستقبلني وتحييني بفنجان قهوة، وتسمعني، وفي الآخر يا تعمل يا ما تعملش كده من الأول تحاول تعرفني إن مافيش وقت لعرض موضوعاتي!!
"وخرج البابا زعلان قائلًا لعبد الناصر: "ربنا يسامحك" ورجع البابا للبطريركية مع عضو مجلس الشعب الذي راح يعتذر طول الطريق فقال له البابا كيرلس: "إنت كتر خيرك، تمكنت من تحديد الموعد أما استقبال عبد الناصر لي بهذه الطريقة أنت مالكش ذنب فيه".
وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل حضر عضو مجلس الشعب وطرق الباب وفتحه بواب المقر الباباوي، وقابل تلميذ البابا سليمان، وقال له: عبد الناصر عاوز يقابل البابا دلوقت حالًا ولكن حاول سليمان الإعتذار بأن البابا تعبان وده وقت متأخر يمكن يكون البابا نائمًا.
غير أن عضو مجلس الشعب اقترح أن يطرق علي باب البابا كيرليس مرتين فإذا لم يرد يذهب ويقول لجمال عبد الناصر أنه وجد البابا نائمًا، ولكنهم قبل أن يطرقوا علي باب البابا فوجئوا بأن البابا مرتديًا ملابسه ويفتح الباب ويقول له: "يالا يا خويا".
وكان جمال عبد الناصر له ابنة مريضة أحضر لها كبار الأطباء الذين قرروا أن مرضها ليس عضويًا وعندما تكلم مع عضو مجلس الشعب ذكر له شفاء ابنه فدخل البابا مباشرة علي حجرة ابنة جمال عبد الناصر المريضة وقال لها مبتسمًا: إنت ولا عيانة ولا حاجة" واقترب البابا منها وصلي لها ما يقرب من 15 دقيقة وشفيت.
ومن هنا تحولت العلاقة التي كانت فاترة في يوم من الأيام إلي صداقة بينهما ووصلت هذه العلاقة إلي أن قال الرئيس جمال عبد الناصر يومًا: " أنت من النهاردة ابويا أنا هاقولك يا والدي علي طول، وزي ما بتصلي لأولادك المسيحيين صلي لأولادي ومن دلوقت ما تجنيش القصر الجمهوري، البيت ده بيتك وتيجي في أي وقت أنت عاوزه".
ويروى محمد حسنين هيكل فى كتابه "خريف الغضب" قطوفا من العلاقة بين الزعيم والبابا، قائلا: "كانت العلاقات بين جمال عبد الناصر وكيرلس السادس علاقات ممتازة، وكان بينهما إعجاب متبادل، وكان معروفا أن البطريرك يستطيع مقابلة عبدالناصر فى أى وقت يشاء، وكان كيرلس حريصا على تجنب المشاكل، وقد استفاد كثيرا من علاقته الخاصة بعبد الناصر فى حل مشاكل عديدة".
وأوضح هيكل فى كتابه كانت هناك مشكلة أخرى واجهت البطريرك كيرلس السادس، فقد كان تواقا إلى بناء كاتدرائية جديدة تليق بمكانة الكنيسة القبطية، كان بناء كاتدرائية جديدة مشروعا محببا إلى قلب البطريرك، لكنه لم يكن يريد أن يلجأ إلى موارد من خارج مصر يبنى بها الكاتدرائية الجديدة، ولم ير مناسبا أن يفاتح جمال عبدالناصر مباشرة فى مسألة بناء الكاتدرائية، فلقد تصور فى الموضوع أسبابا للحرج.
واضاف " هيكل"، عندما تحدثت مع الرئيس عبد الناصر فى هذا الموضوع كان تفهمه كاملًا، وكان يرى أهمية حقوق أقباط مصر فى التركيب الإنسانى والاجتماعى لشعبها الواحد.
واكمل: الرئيس عبد الناصر ابلغ الكاتدرائية بقرار بناء الكاتدرائية علي نقفة الدولة والتي كلفت ما يقرب عن 50 الف جنية وقتها، ثم قام الرئيس بافتتاحها بنفسه وسط حضور كنسي وشعبي كبير.