إيران وأبناء الملالي.. مسلسل من الفساد لا تنتهي حلقاته (تقرير)
بينما يعاني الشعب الإيراني تحت وطأة الجوع والفقر، جراء العقوبات التي جرها النظام على الدولة، والتي تشتد يوماً بعد يوم فتنهك جميع الأطياف والفئات، يعيش أبناء المسؤولين في رغد من العيش بين المليارات التي يجمعونها من عمليات الفساد وسرقة قوت الشعب، كان آخر هذه الفضائح محاكمة ابنة وزير الصناعة الإيراني السابق، محمد رضا نعمت زاده.
احتكار الدواء
وتتهم شبنم نعمت زاده ابنة وزير الصناعة الإيراني السابق، باحتكار الدواء في أسواق إيران ما تسبب برفع أسعاره وشح بعض أصنافه، حيث كشفت الجلسة الثالثة أثناء محاكمتها عن وجود مخازن جديدة لتخزين الأدوية بغرض احتكارها.
وكشف هذه الفضيحة قاضي المحاكمة، بحسب وكالة الطلبة الإيرانية "إيسنا" التي أكدت أنّ القاضي كشف في بداية الجلسة عن ضبط مخزن كبير لتخزين الدواء في مدينة كرج، جنوب غرب طهران، يعود لـ "زاده" وشريكها المتهم الآخر أحمد رضا لشكري بور.
اتهامات حاضرة
وتتهم نعمت زاده وشريكها بتعطيل سوق الأدوية المحلي، وانتهاك قوانين الأغذية والمشروبات، وجني أكثر من 42 مليون دولار من خلال قنوات غير قانونية.
كما تتهم باستغلال علاقات والدها محمد رضا نعمت زاده، الذي كان وزيراً للصناعة من 2013 إلى 2017 في إدارة الرئيس حسن روحاني للحصول على تراخيص استيراد وتخزين الأدوية.
من هما؟
وتتقلد "شبنم" منصب رئيس شركة "رسا" منذ عام 2009 واحتل اسمها عناوين الصحف في فبراير الماضي في ما يتعلق ببناء فيلا فاخرة في حي فخم بطهران، فيما يتهم شريكها المدعو أحمد رضا لشكري بور، باحتكار الأدوية وتحصيله مبلغ 180 مليون تومان بطريقة غير شرعية.
اعتقال المتهمين
وكانت السلطات القضائية الإيرانية قد اعتقلت المتهمين، قبل نحو أسبوعين، موجهة لهم تهم احتكار سوق الأدوية، وجني "شبنم" ملايين الدولارات بالطرق غير القانونية بالتواطؤ مع أحمد رضا لشكري بور، المدير الإداري لشركة "رسا" للأدوية المدعومة حكومياً في إيران.
ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية "إيسنا" عن المدعي العام الخاص بملفات الفساد، القاضي أسد الله مسعودي قوله إن "شبنم نعمت زاده تم اعتقالها وستتم محاكمتها مع متهم آخر هو أحمد رضا لشكري بور في 15 سبتمبر".
وأوضح "مسعودي" حينها أنهما يواجها سلسلة من التهم، بما في ذلك "تعطيل سوق الأدوية المحلي، وانتهاك قوانين الأغذية والمشروبات، وجني أكثر من 42 مليون دولار من خلال قنوات غير قانونية".
اكتشاف مستودعات الفساد
وكانت السلطات أعلنت في أغسطس من العام الماضي 2018، أنها اكتشفت مستودعاً للأدوية في محافظة البرز بقيمة 5 مليارات تومان، بعضها يعود لابنة وزير الصناعة السابق، فيما كشفت التحقيقات الأولية أن بعض هذه الأدوية منتهي الصلاحية، ومعظمها من الأدوية العامة والمكملات الغذائية.
وقال الوزير السابق "نعمت زاده" آنذاك بأن ابنته کانت تقوم باستیراد الأدویة، وفقاً للتراخیص التي حصلت علیها، لكنها في السنوات القليلة الماضية، تعاونت مع شخص آخر في إنشاء شركة توزيع، وقد توقف البیع على مدار العام الماضي، وهي مشغولة الآن بسداد ديون هذه الشرکة.
ملفات وقضايا
وفي ذات السياق قال ياسر رایجاني، المتحدث باسم منظمة التعزیرات الحكومية، في تصريحات له سابقة إنّ "شبنم نعمت زاده" كان لديها ملفان، أثناء اكتشاف مستودع الأدوية، أحدهما بقيمة ملیار و200 ملیون تومان، والآخر بقيمة خمسة مليارات تومان.
وأضاف: "بالنسبة للملف الأول تم إصدار الحکم وتنفیذه، وتم تدمير جميع الأدویة المخزنة على نفقتها الخاصة، أما ملف تهريب الأدویة البالغة قيمتها 5 مليارات تومان، فما زال مفتوحًا وأُحيل إلى مكتب المدعي العام في محافظة كرج، لأنه لیس ضمن اختصاص منظمة التعزیرات".
نجل خامنئي وصفقات الأسلحة المشبوهة
ولا يقتصر الفساد على نجلة وزير الصناعة السابق، بل هناك عشرات القضايا لأبناء مسؤولي الملالي، من بينهم نجل "خامنئي" المتورط في صفقات الأسلحة المشبوهة، بحسب ما أدلت به مسؤولة إيرانية سابقة، مايو الماضي، تدعى شهرزاد ميرقلي خان وكانت مفتشة سابقة في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية.
وأكدت" ميرقلي" أنّ نجل "خامنئي" تورط في صفقات شراء أسلحة بشكل غير قانوني، فضلا عن الالتفاف على العقوبات المفروضة على طهران منذ سنوات.
وأشارت إلى أن هناك دوراً رئيسيا يلعبه بيت المرشد الإيراني، وعلى رأسه مجتبي خامنئي وهوالابن الثاني لمرشد إيران، في التحايل على العقوبات المفروضة على نظام ولاية الفقيه، باعتباره مقرباً من استخبارات الحرس الثوري.
شقيق "روحاني" وفساد غسل الأموال والرشاوى
في مارس من العام الحالي 2019، واجه حسين فريدون، شقيق الرئيس الإيراني حسن روحاني، اتهامات قضائية بالحصول على رشاوى مالية ضخمة لتمرير صفقات مشبوهة، وكذلك التورط بعمليات غسل أموال مع رجال أعمال قبل سنوات، وفقا لمصادر مطلعة.
وأوضحت وكالة أنباء فارس الإيرانية آنذاك، أنّ الأخ الشقيق لروحاني ومستشاره السابق الذي اعتقلته السلطات قبل عامين قبل أن يفرج عنه بكفالة مالية باهظة، والذي أعيدت محاكمته مؤخراً، ضالع في فساد مالي لصالح أفراد مقابل حصوله على مبالغ طائلة كرشوة.
نجل "رفسنجاني" وتهم الاختلاس
في أبريل من العام الماضي، أفرجت السلطات الإيرانية، عن مهدي هاشمي نجل رئيس تشخيص مصلحة النظام الراحل علي أكبر هاشمي رفسنجاني، بعد أن قضى 3 سنوات في سجن إيفين.
وأوضح حينها "محمود علي زاده طباطبائي"، محامي "هاشمي"، أنّ السلطات أفرجت بشكل مؤقت عن موكله المحكوم بالسجن 10 سنوات والطرد الدائم من وظيفته الحكومية مع 50 جلدة، بتهمة الفساد وتهديد الأمن القومي“، مبيناً أن الإفراج عن موكله أمر طبيعي ووفق القانون، ولا توجد شروط خاصة له، كغيره من السجناء، بحسب وصفه.
رشاوى بالملايين
ووفقا للنائب السابق في البرلمان الإيراني "أحمد توكلي" قال إنّ "مهدي رفسنجاني" تلقى رشوة تقدر بـ5 ملايين و200 ألف دولار من شركة النفط استات أويل النرويجية؛ من أجل عقد صفقة بين "استات أويل" والشركة الوطنية للنفط عام 2002.
وفي 15 مارس 2015، قضت محكمة ثورية في طهران بسجن مهدي هاشمي رفسنجاني لمدة 15 عامًا، ودفع غرامة مالية وفصل من الخدمة، لإدانته بقضايا تتعلق بـ ”الفساد“ و“تهديد الأمن القومي“، لكن محكمة الاستئناف خففت مدة السجن إلى 10 سنوات، بحسب ما أعلنه المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، غلام حسين محسني إيجائي.
انهيار النظام
وفي ذات السياق حذّر مؤخراً أحمد توكلي، عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني من عمق انعدام الثقة بين الشعب ونظام ولاية الفقيه في طهران بشكل لم يسبق له مثيل، مشيرا إلى أن هناك فجوة باتت تتسع بشكل مقلق بين الطرفين في البلاد، مؤكداً أن الفساد المنظم قد يسقط النظام دون تدخل عوامل خارجية.
وأوضح توكلي، أنّ شبكات الفساد المنظم قد ينجم عنها انهيار أعمدة النظام بالكامل دون حاجة لهجوم عسكري أجنبي أو انقلاب، منتقداً انتشار ما وصفها بـ"الأرستقراطية" بين المسؤولين بشكل يثير استياء الناس في الشوارع، ومن ثم يتحول إلى حالة كراهية مجتمعية.