"رفض غزو أمريكا للعراق".. صوت جاك شيراك يصمُت للأبد
استيقظ العالم اليوم على خبر وفاة الرئيس الفرنسي الأسبق "جاك شيراك"، بحسب ما أعنلته وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس"، نقلًا عن عائلته التي نعت رحيله عن عمر يناهز الـ86 عامًا.
الركل خارج مرمى السياسة
وُلد جاك شيراك في 29 نوفمبر عام 1932 في مدينة باريس الفرنسية، لعائلة مسيحية من الروم الكاسوليك، فوالده أبيل شيراك، عمل كموظف حكومي بشركة طيران، أما والدته فكانت ربة منزل، وتلقى تعليمه الابتدائي في مدينة باريس، وفي عام 1950 التحق بوظيفة في الأعمال المدنية، وفي الوقت ذاته تابع دراسته لينال شهادةً في العلوم السياسية من معهد باريس للعلوم السياسية عام 1953م.
قضى شيارك مدة قصيرة، بين جدران جامعة هارفرد وفي مدرسة نورمال للإدارة، ليقرر بعدها الولوج إلى المجال العملي، حيث كانت بداياته بأعمال مدنية بعيدة عن السياسة، لتتابع عليها المناصب العديدة، فشغل وزيرًا للزراعة، وزير التجارة الداخلية، وعمدة باريس، ورئيس وزراء فرنسا، ثم رئيس الجمهورية الفرنسية، في الفترة من عام 1995 حتى عام 2007، و في عام 2011، أدانت المحاكم الفرنسية جاك شيراك بتهمة التلاعب بأموال الضرائب المدفوعة، فحُوكم بالسجن لمدة عامين بعد ثبوت إدانته.
رحلة صعود "الجرّافة"
كانت سنة 1962 بداية الحياة السياسية لجاك شيراك، فقد حصل على منصب رئيس الموظفين التابعين لرئيس الوزراء الفرنسي جورج بومبيدو، ونظرًا لمهارته في التعامل مع الأمور وقدرته على تخطي الصعاب مهما كان حجمها، لقبه بومبيدو بـ"الجرّافة".
بعد ذلك بخمسة أعوام أي عام 1967، صارع لنيل مقعد في الجمعية الوطنية عن الحزب الديغولي، يدعمه في ذلك رئيس الوزراء بومبيدو، ومع أواخر الستينيات شغل جاك شيراك مناصب عديدة، حيث تولى منصب سكرتير وزير الاقتصاد من عام 1968- 1971، كما عُين أيضًا وزيرًا للعلاقات مع البرلمان الفرنسي من عام 1971 حتى 1972 ، وترافقت هذه المرحلة بتولي بومبيدو منصب الرئيس الفرنسي.
في عام 1972، استلم شيراك أولى مناصبه السياسية الكبيرة، حيث تم انتخابه كوزيرٍ للزراعة والتنمية الريفية، وقد حاز بسبب المنصب شهرة كبيرة لممارساته الناجحة، وكان من أهمها انتقاده للسياسات الزراعية التي تمارسها الدول المتعارضة مع الدولة الفرنسية.
تولى شيراك في عام 1974 منصب وزير التجارة الداخلية، وفي ذات العام بدأ بإجراء التحضيرات للدخول في الانتخابات الرئاسية لعام 1976، ولكن هذه الجهود ذهبت سدى بسبب تزامنها مع الوفاة المفاجئة للرئيس بومبيدو في أبريل عام 1974، فانتُخب جيسكار ديستان رئيسًا للجمهورية الفرنسية، وخلال هذه الفترة، عُين جاك شيراك رئيسًا للوزراء، ولكن بسبب الخلافات الشخصية والعملية بين شيراك ورئيس الجمهورية في تلك المرحلة، قدم شيراك استقالته من منصبه.
تولى شيراكم فيما بعد منصب عمدة باريس، وخلال توليه لهذا المنصب عمل على توسيع علاقاته السياسية بشكل كبير، فخاض عام 1981 تجربته الأولى في الانتخابات الرئاسية، حيث كان مرشحاً مقابل فرانسوا ميتيران، وانتهى السباق بينهما بفوز ميتيران، ليحافله الحظ مرة أخرى عام 1995، فأصبح رئيسًا للجمهورية الفرنسية، ترافق هذا النجاح مع إنجازات أخرى حققت له شهرة واسعة.
تحطمت السيرة الحافلة بالإنجازات لشيراك، بمثوله عام 2011 أمام المحكمة، بتهمة التلاعب بالضرائب خلال فترة توليه لمنصب عمدة باريس، وقد حكم عليه بالسجن لمدة عامين.
الظل الرحيم لشيراك
من ضمن ما قيل عن الرئيس الفرنسي الراحل، أنه حظي بتأييد شعبي واسع بعد أن أعرب عن معارضته الشديدة للغزو الأمريكي للعراق سنة 2003، فقال وقتها: "بالنسبة لنا تعد الحرب دائمًا دليلًا على الفشل وأسوأ الحلول، ولذا يجب بذل الجهود لتجنبها"، الأمر الذي تسبب في تعكير صفو العلاقات بين باريس وواشنطن.