هانى عبدالله يكتب : سيناريوهات «الإخوان» الأخيرة.. لفك رقبة «مرسى»!

مقالات الرأي

هانى عبدالله يكتب
هانى عبدالله يكتب : سيناريوهات «الإخوان» الأخيرة.. لفك رقبة

فيما كان «عصام الحداد»، مساعد رئيس الجمهورية لشئون العلاقات الخارجية والتعاون الدولى، ضيفاً على برنامج «بلا قيود» بفضائية (BBC Arabic)، الأحد الماضى.. كان أن قال الرجل عن «خيرت الشاطر»، بمنتهى الوضوح : «أنا لا أبتعد أبدا ًمن علاقاتى مع إخوانى.. فهؤلاء إخوانى.. وأقرب الناس إلى قلبى.. فماذا كسبت مصر بالهجوم على الشاطر؟.. هل ارتكب جريمة؟.. هل فعل شيئاً غير لائق؟.. فالرجل لم يفعل شيئًا ليواجه ذلك الهجوم العنيف» (!)

لكن ما لم يقله الرجل فى حينه، أن التنسيق بينه وبين الشاطر لم ينقطع فى أى مرحلة من المراحل.. رغم أنه قال إن الشاطر ليس له أى صفة فى إدارة الدولة (!).. وأنه قبل هذا اللقاء كان قد تلقى توجيها مباشراً من «خيرت» بتكثيف كل جهود وزارة الخارجية لإعادة المياه إلى مجاريها مع «البيت الأبيض»، بعد أن بات يستشعر وكل قيادات مكتب الإرشاد، أن الإدارة الأمريكية من الممكن أن تتخلى عنهم، إذا ما تصاعدت حدة الغضب الشعبى تجاه حكم الجماعة.

وأن إدارة أوباما يمكن أن تضحى بالجماعة، التى لم تستطع أن تملأ الفراغ الذى تركه سقوط نظام مبارك.. خاصة أن السفيرة الأمريكية «آن باترسون» باتت صوتا وحيدا بين كل الروافد المغذية لصناعة القرار.. فالعديد من الباحثين بمركز دراسات الكونجرس، يرون أن ثمة خطأ جوهرياً اقترفه «أوباما» بالارتكان إلى «الإخوان» فى الشرق الأوسط.. وأن هذا الأمر قد يكون له تداعيات خطيرة فى المستقبل على المواجهة مع التنظيمات الدينية «المتطرفة» وعلى رأسها القاعدة.. والبنتاجون و(SSI)، لا يزالان حريصين على الإبقاء على علاقات الإدارة قوية، بالقوات المسلحة المصرية.

وحتى المخابرات الأمريكية (CIA)، التى تبنت فى وقت سابق دعم التيارات الدينية فى منطقة «الشرق الأوسط»، باتت تراجع بشكل جاد توجهاتها، بعد أن قدمت 5 نقاط لـ «مرسى» بداية أبريل الماضى، كروشتة للخروج من الأزمة، إلا أنه لم ينفذ أيا منها (!)

وكانت هذه النقاط الخمس، تدور فى مجملها حول : إلغاء الدستور الإخوانى، وعمل حكومة ائتلافية، والحد من سيناريو أخونة المؤسسات، وإجراء انتخابات تشريعية نزيهة تحت إشراف دولى.

وإزاء كل هذه الاضطرابات مع الإدارة الأمريكية، كان أن رأت الجماعة أن عليها أن تضرب الكتلة «الصلبة» الممثلة فى القوات المسلحة أمام البيت الأبيض.. لعله يكون طوق النجاة الأخير (!)

عقب لقاء «الحداد» مع (BBC Arabic)، كان أن اختمرت الفكرة فى رأس «الشاطر»، إذ وجد ضالته – أو ما اعتبره كذلك – فى الحكم بإدانة 43 من العاملين بمنظمات دولية – بداية يونيه الجارى - بالقضية التى عرفت إعلاميًا بقضية «التمويل الأجنبى».. وهى القضية التى ضمت متهمين من جنسيات أمريكية، وفلسطينية، وأردنية، وصربية، ونرويجية.. وجميعهم قد نالوا أحكاماً بالسجن لمدد تتراوح ما بين سنة إلى خمس سنوات، فضلا عن الغرامات المالية.

ووجه الشاطر الحداد إلى الترويج إلى أن هذه الأحكام كانت بإصرار من قيادات الجيش، الذين شاركوا فى صناعة القضية أثناء تولى المجلس العسكرى حكم البلاد (!).. وأن نظام مرسى لم يكن له دخل بتقويض الهامش المتاح لحماية حقوق الإنسان، أو أى رغبةً فى تهميش دور المجتمع المدنى، خاصةً منظمات حقوق الإنسان (!).. على عكس ما روجت له المنظمات الحقوقية التى وقعت على بيان إدانة للحكم، عقب صدوره.. وضمت كلاً من:

مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الاتحاد النسائى المصرى، الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، المركز المصرى لحقوق المرأة، المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، مركز حابى للحقوق البيئية، مركز هشام مبارك للقانون، مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (أكت)، مصريون ضد التمييز الدينى، المنظمة العربية للإصلاح الجنائى، المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، مؤسسة المرأة الجديدة، المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، مؤسسة قضايا المرأة المصرية، نظرة للدراسات النسوية.

وأوصى الشاطر الحداد بالتأكيد على أن «مرسى» و«مكتب الارشاد» يدرسون حالياً السبل القانونية للخروج من هذا الموقف، الذى ورطهم به الجيش – على حد تعبيره – وأن الاحتمالات القانونية التى يدرسونها تتضمن صدور قرارات رئاسية بالعفو عن كل المدانين بالقضية، خاصة حاملى الجنسية الأمريكية (!)

بعدها – وحسب معلومات مؤكدة – كان أن طلب «الحداد» من وزير الخارجية «كامل عمرو» أن يستخدم علاقاته الدولية فى الترويج لقرار مرسى «المحتمل»، دون أن يطلعه على تفاصيل ما جرى بينه وبين الشاطر.. وأن هذا الأمر لضرب القوات المسلحة المصرية أمام الإدارة الأمريكية (!)

قبل خطة ( الشاطر – الحداد ) كانت أغلب الرسائل التى تلقاها «مرسى» من البيت الأبيض، تفيد أنه حال نزول مظاهرات حاشدة للمصريين يوم 30 يونيو.. فإن الإدارة الأمريكية لن تدعمه.. إذ إن هذه المظاهرات يمكنها أن تسقط حكم الإخوان فى يومين فقط.. فهى – بحسب المتوقع - ستشهد نزول ملايين المصريين إلى الشوارع بشكل غير مسبوق، يفوق ما حدث فى الفترة من 28 يناير إلى 11 فبراير 2011.

وبالتالى.. كان أن قرر الشاطر الارتكان مرة أخرى إلى «أولاد أبو إسماعيل».. ودفعهم، مجدداً، لحصار مدينة الإنتاج الإعلامى.. حتى لو وصل الأمر إلى اقتحامها واحتجاز عدد من الإعلاميين داخلها بحجة تآمرهم على نظام الحكم (!)

على أن تبدأ فعاليات الحصار الذى أجهضه الآن تأمين الجيش للمدينة بالتزامن مع دعوات التيار الدينى المؤيد لمرسى فى 28 يونيو.. وخلال اليومين التاليين.. تكون قناة الجزيرة «الموالية للجماعة» – تحت إشراف المذيع الإخوانى أحمد منصور - قد انتهت من إعداد خطتها المكملة لخطة الحصار.

ووفقا للمعلومات المتاحة فى هذا السياق.. تعتمد الخطة على اقتطاع عدد من المشاهد القديمة، لاشتباكات بين قوات الشرطة والمتظاهرين، خلال أحداث يناير وفبراير 2011.. وإعادة بثها، بدعوى أنها مقاطع حديثة.. وحينها سيتجه المتظاهرون للالتحام بقوات الشرطة مجددا.. وهو ما سيدفعها، فى المقابل، إلى الدفاع عن نفسها.. وبالتالى يبدو أن هناك تعمداً للتخريب من قبل المتظاهرين السلميين.. لتلتقط عدسات القناة، وعدسات الفضائيات ووكالات الأنباء الأخرى، الاشتباكات الجديدة.. وتبدأ فى بثها على نطاق واسع.. بما يشوه سلمية التظاهر.

وكان هذا هو السيناريو الذى بدأ منصور فى الترويج له عبر صفحات جريدة «الشروق» خلال الأيام الماضية، إذ قال منصور تحت عنوان (السيناريو الأسود لـ 30 يونيو) :

إن فلول النظام السابق سوف يستخدمون نفس الوسائل والأساليب التى استخدمها الشعب حينما قام بالثورة، إذ من المقرر أن يقوموا بمحاصرة كل مؤسسات الدولة ومجلس الوزراء ومجلسى الشعب والشورى والوزارات المختلفة، والمحاكم وسوف يقومون بإغلاق الطرق السريعة عبر استئجار مئات الشاحنات وملئها بالرمال والحجارة وإلقائها عشوائيا فى الطرق السريعة وبكميات كبيرة بحيث يتم إعاقة حركة السيارات.

وسوف يشعلون عددا كبيرا من الحرائق سوف تطال الممتلكات الخاصة والعامة ومحطات الوقود بحيث يشتتون جهود الدفاع المدنى والمطافئ، وقد قاموا باستنفار جميع البلطجية والمسجلين خطر والهاربين من الأحكام فى جميع أنحاء البلاد.. وأغدقوا عليهم الأموال ووعدوهم بالمزيد حال نجاح المخطط (!)

لكن.. المؤكد.. أن منصور بهذه الكلمات، كان يكشف عن مخططات جماعته، لا مخططات الشعب الغاضب.. الذى يسعى لاسترداد ثورته ممن سرقوها.. وإن غدا لناظره قريب.