"اتجاه سريع نحو السقوط".. تعرف على خطورة حروب الجيل الخامس
حروب الجيل الخامس، في أبسط تعريفاتها هى الصراع الذى يتميز بعدم المركزية بين أسس أو عناصر الدول المتحارَبة، واستُخدم هذا المصطلح لأول مرة عام 1989، من قبل المحلل الأمريكي ويليام ستركس ليند، لوصف الحرب التي تعتمد على مبدأ اللامركزية.
كما يُطلق عليها البعض مسمى "الحرب الهجينة" لأنها عبارة عن نوع متميز من القتال يعجز فيه الجيش النظامي عن الإطاحة بالخصم الذى يُعتقد أنه غير محترف، وهو عادة ما يكون كذلك، لكنه يخوض حربًا غير نظامية بأفكار مبتكرة تعد خليطًا من مفهوم الحرب الشعبية، والحرب الثورية، وأسلوب حرب العصابات ووسائل الحرب الحديثة التى تتمتع بتكنولوجيا فائقة لا تخضع لشكل معين وقواعد ثابتة، بدءًا من القيادة وانتهاءًا بالعمليات الحالية خلالها.
خطر دائم بيت الدول
قد تصبح حروب الجيل الخامس مجالًا مفتوحًا لصراع ينشأ بين الحكومات والجيوش، ويتم تنفيذ عملياتها دون قيود أخلاقية، وتُستخدم فيها جميع وسائل القوة المتوفرة سواء كانت مسلحة وغير مسلحة لإجبار الخصوم على الخضوع لإرادة من يشن الحرب، حتى وإن تضمن ذلك سقوط الضحايا المدنيين بأعداد كبيرة.
ومن مظاهر الجيل الخامس للحروب، سعي الأفراد والمجموعات غير الحكومية للوصول إلى المعرفة المتطورة والتكنولوجيا الحديثة، واستخدامها كوسائل هجومية فى معارك غير متماثلة لتحقيق المصالح الفردية والجماعية، وذلك من خلال القدرة على تنفيذ الأعمال التخريبية من خلال الإنترنت، والوسائط الإلكترونية المختلفة، والذي أصبح معروفًا بالحرب الرقمية.
حروب ناعمة
تغيرت آليات حروب الجيل الخامس، حيث باتت تعتمد على زرع الخلاف ما بين الدولة والمجتمع، باستغلال كافة الوسائل، لإحداث الخلل في العلاقة بينهما، فيقول الخبراء إن حرب الجيل الخامس تعتمد في إستراتيجيتها على احتلال العقول لا الأرض، ثم سيتكفل المحتل بالباقي، فهو يرتكز على سياسة العنف غير المسلح، مستغلًا جماعات وعصابات التهريب المنظمة، والتنظيمات الصغيرة المدربة، من أجل صنع حروب داخلية تتنوع ما بين اقتصادية وسياسية واجتماعية للدولة المستهدفة، وذلك لاستنزافها عن طريق جرها إلى صراعات داخلية، بالتوازي مع مواجهة التهديدات الخارجية العنيفة.
أساليب عديدة يلجأ إليها صانعو حروب الجيل الخامس، والتي تتراوح بين الأدوات العسكرية كالصواريخ، والعمليات الانتحارية وعمل الكمائن، وبين القوة غير المسلحة والتي يكون فيها العدو فاعلًا دون أن يظهر بشكل مباشر، كما تشمل أيضًا الحرب الإلكترونية وما تحويه من سياسة تحريض الشعوب، كي يتم استغلاله لصالح أهداف ودول أخرى.
كما يعملون على إشاعة حالة الفوضى في أماكن الصراع بين الأطراف المحلية، حيث تأخذها الدول الكبرى ذريعة للتدخل في شئون تلك الدول واتباع سياستها الناعمة لتدخلها لما تقتضيه المصلحة العامة، مثلما حدث في العراق عام 2003، كما ترى بعض الدراسات أن الربيع العربي كان أحد هذه التطبيقات، وترى أخرى أن إغراق الدول بالمخدرات هو أحد الأسلحة الفعالة في تلك الحرب.
لماذا حروب الجيل الخامس؟
أسباب عديدة دفعت بحروب الجيل الخامس إلى الظهور، منها وسائل الإعلام التي تعد أحد أهم الأدوات المستخدمة في حروب الجيل الخامس، إذا تم تطويعها في إدارة العلاقات بين الدول، لصناعة رأي عام معارض للسلطة السياسية في الدولة، من أجل إضعاف قدرتها على ضبط الأمور وإحكامها، وموازنة العلاقة بين المجتمع والدولة، كما يلعب العامل المادي دورًا كبيرًا في تلك الحرب، فالقوة العسكرية تحتاج إلى تكلفة عالية، في حين تعد حروب الجيل الخامس أقل تكلفة منها.
اعتماد الدول على عقد تحالفات مع كيانات وتنظيمات وأفراد غير حكومية، أدى أيضًا إلى ظهور هذه النوعية من الحروب، وذلك للمارسة سلوك عدواني، مستغلة بذلك التطور الحاصل في دور هذه الكيانات في العلاقات الدولية، مبتعدة عن مفهوم التحالف التقليدي.