"مسام" ينتزع 1,980 لغمًا في اليمن خلال الأسبوع الثاني من سبتمبر
تمكّن مشروع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لنزع الألغام في اليمن “مسام” خلال الأسبوع الثاني من سبتمبر الجاري، من انتزاع 1,980 لغمًا منها 2 لغم مضادة للأفراد، و332 لغمًا مضادة للدبابات و1,629 ذخيرة غير متفجرة، و17 عبوة ناسفة.
وبلغ إجمالي ما جرى نزعه منذ بداية المشروع حتى الآن 89,761 لغمًا زرعتها المليشيات الحوثية المارقة في الأراضي والمدارس والبيوت في اليمن وحاولت إخفاءها بأشكال وألوان وطرق مختلفة راح ضحيتها عدد كبير من الأطفال والنساء وكبار السن سواء بالموت أو الإصابات الخطيرة أو بتر للأعضاء.
رحلة الحوثي الدموية من صعدة إلى إب
قالت دارسة بحثية حديثة، صادرة عن مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، إن جماعة الحوثي جماعة دينية تشبه الجماعات الدينية المسلحة كالقاعدة وداعش، إلا أنها تتميز عنهما بكونها تمتلك هوية ذات طابع اجتماعي محلي راسخ.
وأضافت الدراسة التي أعدها الباحث أحمد الطرس العرامي، وحملت عنوان، "الحوثيون بين السياسة والقبيلة والمذهب"، إن جماعة الحوثيين استطاعت في رحلة صعودها أن تدمج فيها المكون القبلي، وأن تصبح بنحو ما قبيلة، إذ إن أغلب المنتمين لها ومناصريها، من أبناء قبائل شمال الشمال تحديداً.
وذكرت أن الجماعة وظفت إمكانات القبيلة، من خلال الثقافة القبلية والانتماء القبلي ودعم جبهاتها بالمقاتلين، كما فككت القبائل المعارضة لها وسيطرت عليها، رغم أن الحوثيين عبارة عن تكتل من فئة الهاشميين، التي ينتمي إليها عبد الملك الحوثي زعيم الجماعة الحالي وشقيق مؤسسها، وكذلك غالبية المنتمين إليها الذين يشكلون بنيتها الأساسية ورأس هرمها القيادي.
ووفق الدراسة فإن دور القبيلة تقلّص بشكل غير مسبوق مع استيلاء الحوثيين على الدولة ومؤسساتها منذ العام 2014، وتلقت أكبر صفعة.
وقالت: "حرصت جماعة الحوثيين في صراعها مع القبائل على خطاب ذرائعي تفكيكي، مستفيدةً من النزاعات البينية للقبائل، لتستفرد بكل قبيلة أو قوة قبلية أو أجنحة قبلية على حدة، عاملة بكل ما لديها على تحاشي توحد خصومها ضدها.
وعلى إثر ذلك، أخضعت قبائل صعدة لهيمنتها، لتمضي قدماً في طريقها إلى صنعاء، وساعدها على ذلك التنظيم والاحترافية والهوية الحربية أمام ميل القبائل للسلام، فالمنظومة القبلية هي نظام اجتماعي يسعى في جوهره للاستقرار والحفاظ على تماسكه.
وأشارت الدراسة إلى أن المواجهة الأكثر حسماً كانت ضد عائلة الأحمر، المشايخ التقليديبن لقبيلة حاشد، والذين كانوا يمثلون، مثلما تمثل قبيلة حاشد التي ينتمون إليها ويتزعمونها، قمة هرم القبائل اليمنية نفوذاً وقوة.
ورأت أن انتصار جماعة الحوثيين على أسرة الأحمر جعلها تتموضع، داخل الخارطة القبلية كأكبر قبيلة يمنية، وأقواها وأكثرها نفوذاً وقوة، وعقب ذلك عمدت إلى تنصيب مشايخ قبائل موالين لها.
ونوهت الدراسة أن الجماعة تمسكت بتوظيف الثقافة القبلية وإبرازها بدقة، فهي في الكثير من مواقفها مع القبائل تستخدم منظومة العرف القبلي وأحكامه وسلوكياته مثل (الهجر والتحكيم والنكف)، ويتجاوز ذلك إلى استخدام فنون القبيلة وأدبياتها مثل "البرع" (رقصة الحرب) و"الزامل" (فن شعري شعبي ينشد جماعياً) والزي الشعبي القبلي.
ووفق الدراسة فإن الحوثيين إلى جانب كونهم جماعة وطائفة وميليشيا مسلحة، هم قبيلة من الناحية السلالية والعصبوية، على الرغم من عدم تمتعهم بمجال جغرافي محدد كحال القبائل.
غير أن جماعة الحوثيين تختلف عن القبيلة اليمنية من حيث أنها ذات سمة سلالية، فالهاشمية هي العمود الفقري لها، وتمثل الوشيجة الأقوى في هوية الجماعة، أضف إلى ذلك البناء الهرمي المتماسك الذي تتميز به.
السيطرة على القبيلة
وبنت جماعة الحوثيين وجودها في المناطق القبلية على أرضية النزاعات والخلافات بين القوى القبلية، عاملة على تفكيكها، وتنصيب أكثر الأطراف ولاءً لها، لكنها جعلت من سلطة المشايخ، كما من سلطة المؤسسات، تقبع في أدنى مستوياتها وأضعف حالاتها.
وخلال الحرب، استخدم الحوثيون مشايخ القبائل للمساعدة في تمويل الحرب والدفع بسلاح القبائل، والزج بأبنائهم في جبهات القتال.
ودفع غضب قيادات الحوثيين من بعض زعماء القبائل، إلى اضطرار الأخيرين بإثبات ولائهم للجماعة من خلال إرسال أبنائهم أو أقاربهم للقتال في صفوفها، وهو أمر لا خيار لهم فيه.
ووفقاً للدراسة فإن الحوثيين استخدموا كل السبل لإخضاع القبيلة، وتوظيف قوتها البشرية وسلاحها للقتال، بينما ما زالت تستخدم الأساليب ذاتها التي كان يستخدمها الأئمة في اليمن، بما في ذلك الرهائن والخطف، ومصادرة الأملاك.
وأوضحت: "منذ ما قبل سيطرة الجماعة على العاصمة صنعاء في 2014، وحتى ما بعد ذلك، خاضت العديد من المعارك مع قبائل وقوى قبلية موالية لأحزاب سياسية وقوى قبلية مستقلة في كل من الجوف والرضمة بإب، وآنس، وعتمة بذمار، ومؤخراً قبيلة حجور بحجة، وما ارتكبته عناصر الجماعة ضد بعض الشخصيات القبلية والتمثيل بهم كالشيخ المتحوث "مجاهد قشيرة" واغتيالها للشيخ السكني ومؤخراً أحد مشايخ حرف سفيان وسط العاصمة صنعاء، وهو الأمر الذي يشير لقوة الصراع ودمويته تجاه القبيلة اليمنية من قبل جماعة الحوثي".