في عهد السيسي| المتحف المصري الكبير "الحلم يتحول إلى حقيقة".. (صور)
يعد المتحف المصري الكبير حلمًا من أحلام الدولة المصرية، والذي ظل مشروعًا متعثرًا لا يجد النور السبيل إلى أركانه، ولم يتم خلق آليات عملية لتنفيذه على أرض الواقع سوى في السنوات الثلاث الماضية، ولن نكن مبالغين إن قلنا فقط في السنتين الماضيتين.
الكلمات التي يرددها وبشكل دائم وزير الآثار الدكتور خالد العناني "القيادة السياسية تدعمنا بشكل غير مسبوق" وفي أكثر من مناسبة أيضًا قال "ملف الآثار" ولأول مرة يحظى بمثل هذا الاهتمام من أجهزة الدولة، وفي مناسبة ثالثة قال "لم نعد نعمل منفردين في مشروعات الآثار بل كل أجهزة الدولة تتعاون بشكل متناغم لإنجاز المشروعات المتوقفة أو التي أطلقناها في السنوات الأخيرة".
تلك التصريحات الثلاثة من وزير الآثار قد تكون كلمة السر فيما حدث من إنجاز في مشروع المتحف المصري الكبير والذي ظل متوقف العمل فيه لسنوات طويلة، ونستطيع أن نعطي للتصريحات الثلاث مصطلحًا أنيقًا يحلو للبعض الطنطنة به من حين لآخر وهو "الإرادة السياسية" حيث نجد أن الدولة بقيادة الرئيس اتخذت قرارًا بالتطوير والعناية بملف الآثار وهو الذي يتسق مه هدف "بناء الرئيس" والذي أعلن عنه الرئيس كهدف لعام 2019م.
كيف كانت بداية الحلم
في عام 2002، ظهر الحلم للنور، وهو إنشاء صرحًا أثريًا ثقافيًا علميًا يضم كل فنون الحضارة المصرية القديمة وآثارها وعلومها ويصير قبلة الباحثين والعاشقين لهذه الحضارة فكان التخطيط لبناء المتحف المصري الكبير عند سفح الهرم، وفي مؤتمر صحفى دولي تم الإعلان عن المسابقة المعمارية الدولية لتصميم المتحف المصرى الكبير ليكون أكبر متحف للآثار المصرية فى العالم بجوار هضبة الأهرام بالجيزة.
وبدأت أعمال البناء والتشييد فى مايو 2005 بالتوازى مع استكمال المرحلة الأولى التى تضمنت أعمال التصميم، واشتملت المرحلة الثانية على بناء مركز ترميم الآثار، ومحطتي الطاقة الكهربية، ومحطة إطفاء الحريق، ومبنى الأمن، والمخازن الأثرية.
وتكلفت تلك المرحلة حوالي 240 مليون جنيه بما يوازي 43 مليون دولار تم تمويلها بالكامل من صندوق تمويل الآثار بالمجلس الأعلى للآثار وقد احتوت محطة الطاقة الكهربائية على ماكينات التكييف المركزي والتحكم البيئي لتزويد مبنى مركز الترميم بالطاقة، كما تستخدم كمحطه بديلة لمبنى المتحف الرئيسي في حالة الطوارئ، أما مركز إطفاء الحريق فقد تم تجهيزه بأجهزة مقاومة الحريق تتم إدارتها من قبل إدارة الدفاع المدني لخدمة المتحف وكذلك المنطقة المحيطة بالمتحف.
توقف العمل - الميلاد الثاني – قرارت جريئة
ومنذ عام 2010 ومع أحداث وعام 2011 توقفت الأعمال في التحف المصري الكبير، وصار المشروع ينتظر من يأتي ليحرك مياهه الراكدة، وعندما تولى الرئيس السيس مقاليد الحكم عرضت عليه ملفات المشاريع القومية المتوقفة وكان ضمنها المتحف المصري الكبير والذي أولاه الرئيس اهتمامًا كبيرًا، كان لابد من اتخاذ قرارات جريئة تعتمد كل الاعتماد على المتاح في يد الدولة من ناحية، وعلى مهارات أبنائها من ناحية أخرى.
المقترح الذي تم تقديمه للرئيس والذي تم إعداده في فترة سابقة يتوقع تكلفة مالية باهظة، حيث كانت القيمة التقديرية لإنشاء المتحف المصري الكبير كانت 1.6 مليار دولار، وقد بدأ العقد بـ 800 مليون دولار وصلت التكلفة نتيجة الأحداث التي مرت بها البلاد إلي 1.6 مليار دولار، وهنا كان أحد القرارات الحاسمة م الرئيس بتولي الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المشروع.
وبالفعل تم تكليف اللواء عاطف مفتاح كمدير لمشروع المتحف الكبير والمنطقة المحيطة به، وتم تكليف الهيئة الهندسية بعمل دراسة جديدة تشمل أيضًا المنطقة المحيطة بالمتحف، وقال اللواء عاطف مفتاح إننا استطعنا خفض تكاليف الإنشاء بحولي 770 مليون دولار، أي أن تكلفة المتحف انخفضت من 1.6 مليار دولار إلى ما يقرب من 830 مليون دولار، وأكد "كل جنيه بيتصرف احنا عارفين قيمته كويس، وندرك أن هذه أموال الشعب ونحرص عليها جيدًا"، وأشار إلى أن التوفير الذي حدث يقارب 14 مليار جنيه مصري، ولكي ندرك حجم هذا الانجاز علينا أن نقارن مشروع المتحف الكبير بآخر مشروع تم افتتاحه في العالم وهو متحف اللوفر في أبو ظبي، والذي تكلف 6.30 مليار دولار، وبعقد مقارنة سريعة أولًا من حيث المساحة فالمتحف الكبير مساحته 20 ضعف من متحف أبو ظبي، حيث تبلغ مساحته تبلغ 6400 متر، ولدينا البهو العظيم فقط وهي الساحة التي فيها يقف تمثال رمسيس الثاني وعمود مرنبتاح مساحتها 8000 متر مسطح.
وأكمل مفتاح قائلًا: من حيث عدد القطع ففي لوفر أبو ظبي 600 قطعة منها 300 قطعة تم إيجارها من لوفر فرنسا والباقي من البلد نفسها، أي أن تكلفة المتحف المصري الكبير كله أقل من ثلث تكلفة لوفر أبو ظبي في حين أن مساحة المتحف الكبير 20 ضعف مساحة لوفر أبو ظبي، وأضاف مفتاح أن الفارق في التصميم وجودة التشطيب لصالحنا والأرقام تؤكد الترشيد الكبير في تكلفة المتحف ويؤكد لأي مدي نحن مهتمون بكل قرش يتم صرفه، وأشار إلى أنه كان ما السهل أن تأتي وزارة الأثار بشركة لنقل الأثار لكنها فعلت ذلك بسواعد أبنائها ونقلت وزارة الأثار أكثر من 50 % من الأثار الثقيلة التي ستوضع علي الدرج العظيم وتم نقل معظم القطع بكوادر وزارة الأثار وهذا ترشيد ضخم جدا للنفقات خاصة في التكلفة والتنفيذ.
زيارة مفاجئة من الرئيس
قبل نهاية عام 2018 فاجأ الرئيس عبد الفتاح السيسى العاملين بالمتحف الكبير بزيارة غير متوقعة ليتابع بنفسه، أعمال التنفيذ، كما وجه باستمرار العمل على رفع كفاءة المنطقة المحيطة بالمتحف المصرى الكبير ومنطقة هضبة الأهرامات والطرق والمحاور المؤدية إليها، بحيث تتواكب مع قيمة وأهمية المتحف المصرى الكبير الذى يعد أكبر وأهم صرح حضارى فى العالم، والمنطقة مساحتها 9400 فدان، وحدودها القوس الشمالى للدائري الإقليمي، ومن الجنوب القوس الجنوبي للدائري الإقليمي، وحدها الشرقي ترعة المنصورية، وحدها الغربي طريق الفيوم مع طريق الواحات، وهذه المنطقة بالكامل منطقة إعادة تخطيط، فهناك لجنة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء ووزارة الدفاع والهيئة الهندسية ووزراتي الآثار والإسكان ومحافظة الجيزة، وجميع الجهات المعنية المنوطة بهذه الدراسة الواعية للتخطيط الواعي للمنطقة وتقديم الصورة الكاملة للمنطقة بالكامل لسيادة الرئيس.
قرارات جريئة
قال اللواء عاطف مفتاح، إن الدولة اتخذت بعدة قرارت جريئة أولها نزع الملكية للمنفعة العامة لصالح إنشاء نفق الفيوم والذي سيغير معالم المنطقة، تنفيذ طريق شمالى، وطريق جنوبي، مكون من أربع حارات لكل اتجاه، بالإضافة إلى تطوير طريق الإسكندرية ليصبح به أربع حارات أخرى فى كل اتجاه، وذلك لتأمين حرة السائحين ولتوفير السيولة المرورية اللازمة حول المتحف الكبير، حيث أصبح لدينا فى منطقة نزلة الدائرى 14 حارة، وبذا تحقق الربط بين هضبة الأهرامات وبين منطقة نادي الرماية وبين المتحف المصرى الكبير
نفق الفيوم
قال مفتاح إنه تم تقديم مقترح للسيد رئيس الجمهورية، بإنشاء نفق طريق الفيوم 1200 متر بواقع 6 حارات مرورية لكل اتجاه، وهو ما سيحقق الربط بين المتحف المصرى الكبير ومنطقة نادى الرماية وهضبة الأهرامات ويوفر سهولة التحرك للسائح فى أمان كامل، والانتهاء منه 30 يونيو 2020
نسبة إنجاز المشروع في آخر عامين
قال مدير مشروع المتحف المصري الكبير والمنطقة المحيطة به، إنه تم تكليفي بالإشراف على المشروف في أكتوبر 2015 وتم عد عدة اجتماعات كان نتيجتها نتيجتها ترشيد التكلفة للإنشاءات من مليار و600 مليون دولار إلى 950 مليون دولار مع إنجاز المشروع دون الإخلال بأي من بنوده بتوفير قدره 650 مليون دولار، بل واستطعنا أن نرفع حد التوفير إلى 770 مليون دولار خلال الشهور الأخيرة، ووصلت نسبة إنجاز المشروع إلى 93%، تم تنفيذ 17 % منها في خمس سنوات، وباقي الـ 93% نُفذوا في العامين الماضيين، من حين تولت الهيئة الهندسية مسؤولية تنفيذ المشروع، ولولا توجهات الدولة والرؤية الثاقبة للقيادة السياسية ما كنا وصلنا إلى الإنجاز الحالي.
كيف حققنا توفير 770 مليون دولار؟
أكد مفتاح أن البداية كانت من الدعم اللانهائي من القيادة السياسية والتكليف من السيد الرئيس بالتنسيق بين كل جهات الدولة والقيادات المعنية بالاشتراك في تنفيذ المشروع والمنطقة المحيطة كل ذلك جعل الرؤية واضحة، وكانت أول بنود التوفير في الحائط الزجاجى أو الحائط الديكوري، حيث تم تأجيل تنفيذ هذا الحائط ودراسة الواجهة الرئيسية للمتحف، مما أدى لعدم الوقوع في مصيدة احتكار الخامات المستوردة للواجهة، حيث قامت الهيئة الهندسية بتقديم مقترح لها وفر مبلغ 180 مليون دولار، وتنفيذه بـ 20 مليون دولار بدلًا من 200 مليون دولار وبشكل لم يؤثر على الجودة التشطيبات والمساحات.
ثانيًا وذلك الاعتماد على الخامات والعمالة المصرية، والتصميم المصري مع مراعاة إنجاز العمل بشكل دقيق، وتوفير الصيانة اللازمة للمتحف دون المغالاة في استخدام الخامات المستوردة، حيث اعتمدنا في الإنشاءات الداخلية والخارجية للمتحف على الخامات المحلية وكذلك العمالة المحلية، وأكد أن الأعمال الهندسية للمتحف ستنتهي في سبتمبر الحالي.
وأختتم اللواء عاطف مفتاح تصريحاته بأن المتحف المصري الكبير مشروعًا ضخمًا، يتضمن مساحة عرض لما يقرب من 40 ألف قطعة أثرية لازالت لجنة سيناريو العرض تعمل على الخطة الأمثل لها، وأكد أن العدد ليس نهائيًا قد يزيد أو ينقص لحساب المصلحة المثلى لخطة سيناريو العرض بما يضمن أفضل طريقة ممكنة للعرض.
وأضاف أن تلك الخطة ستضم عرض كامل قطع الملك توت عنخ آمون في مكان واحد، كما سيضم المشروع مطاعم وبازارات وقاعة مؤتمرات وصالة عرض سينمائي ومتحف للطفل وحديقة متحفية كاملة أي أن دخول الزائر للمتحف لن يكون لغرض ثقافي فقط بل لترفيهي أيضًا، وخطة عمل المتحف تتضمن تشغيله 24 ساعة بشكل سيمثل نقلة حضارية نوعية في الثقافة السياحية العالمية، وبما سيغير خريطة السياحة في مصر.