كاتب عراقي لقطر: "كفوا عنّا شركم"
أكد الكاتب العراقي علي الصراف، في مقال له نشر بصحيفة العرب اللندنية، اليوم الأحد، أن قطر لا منذ سنوات عدة سوى أن تأخذة العزة بالأثم .. مؤكداً أن هذا حقيقة لا شي أكثر من ذلك .
وقال "بل وكلما أظهرت الدول العربية
المعنية بصد الأذى حرصا على التعايش، كلما زادت الدوحة عنادا، وكأن المراهقة ترفض أن
تنضج" .
وأضاف صراف أنه لا أحد يرغب، لاسيما بين
الدول العربية التي قررت مقاطعة قطر، أن يلحق بقطر ما تلحقه قطر بغيرها. فقط قالت:
“كفوا عنّا شركم”. أو “كفى، تعني كفى”. فكانت مقاطعة، لا قطيعة.
وقال "أنظر في أدق تفاصيل المقاطعة
العربية، وسترى أنها لا أكثر من مسعى لاتقاء الشر. ولا أحد تقصّد أن يتبع الأذى بأكثر
من صدّه. وهذا حق بسيط" .. متسائلاً هل تتضرر الدوحة من جراء ذلك؟ قبل أن يجيب
"ربما، ولكنها بعنادها، وتمسكها بالضلالة، تكاد تستهين بذلك الضرر. وهو طفيف على
أي حال" .
وأضاف "القطريون يجولون أربع أرجاء
الأرض بحرية. ويحجون ويعتمرون بيت الله الحرام، باحترام واهتمام أكثر مما يحظى به آخرون.
على الأقل تحاشيا للزيادة في القيل والقال. وظلّت أبواب السعودية مفتوحة للنوايا الطيّبة.
والوساطة الكويتية لم تنقطع. وفعلت الإمارات الشيء نفسه، وزادت في الحرص على الأخوة،
كي تأتي مضمخة بالنزاهة، فركنت الملف كله على كتف الرياض لتقول فيه القول الأخير"
.
وتابع "وردّدت البحرين الموقف المخلص
نفسه. ولطالما شدّدت القاهرة على أنها لا تريد من الدوحة إلا ما تم التوافق عليه، برضا
الدوحة نفسها، قبل أن تنقلب الدوحة على نفسها. ولئن خاضت الدوحة في مسعى لحوار جانبي
مع السعودية، فإنه لم يأت مخلصا. من ناحية، لأنه تحاشى القضايا الأساسية في الخلاف.
ومن ناحية أخرى لأنه قصد وجها آخر للشر، بتحويل الخلاف على أنه نزاع مع الإمارات"
.
ويؤكد الكاتب أن الأمر مثيرا للقرف، بالفعل.
إذ المسألة لم تكن هنا ولا هناك. العواصم العربية الأربع التي قررت مقاطعة قطر، إنما
قدّمت لها مطالب، لا تتجاوز دفع الشر عنها. وإذا جاز لهذه العواصم أن تكون ضحية لأعمال
التحريض والدعاية الرخيصة، والعواقب الناجمة عن دعم قطر لتنظيمات الإرهاب، فالإمارات
واحدة من الضحايا، وقررت، على حد السواء نفسه، أن تقول “كفى”.
وقال "بعبارة أخرى: لا شيء استثنائيا
في موقف الإمارات. وليس لها مطلب يزيد عما يطلبه الأشقاء الآخرون. سوى أن تخصيصها بالعداوة،
هو نوع من تجسيد المرض. إنه الإثم، والعزة فيه. وعندما صدّت الرياض المحاولة، انقلبت
الدوحة لتتعالى عليها ببيان أقل ما يقال فيه إنه أقبح من ذنب" .
ويشير الكاتب إلى أن قطر تنكر أنها تدعم
تنظيمات الإرهاب. ولكن الوقائع والأدلة تعدّت حدود الاتهام المجرد. إنها اعترافات وحقائق
وأدوار ملموسة. وكلها تصب في خانة توفير التمويلات لتلك التنظيمات. مئات الملايين من
الدولارات ذهبت إليها. وآخرها كان ما يقرب من مليار دولار تقاسمه حزب الله والحرس الثوري
ومنظمات الإرهاب التابعة له في العراق.
وأضاف "أما جبهة النصرة، فقد كانت
لا تختطف رهينة، إلا من أجل أن يكون الاختطاف تعلّة لعشرات الملايين، تسرع قطر لتتبرع
بها، بزعم قيامها بلعب دور إنساني مفضوح الغايات" .. مؤكداً أن محاسب الإرهاب
في الدوحة، كما في العديد من العواصم الغربية، يعرف جيدا كم دفع لهذا التنظيم وذاك
وذلك، من “جبهة النصرة” إلى “جيش الإسلام” إلى “أحرار الشام” و”صقورها”.
وأشار إلى أن حقيقة دعم قطر لتنظيم الإخوان
المسلمين، وإيوائها لقياداته، قصة قائمة بذاتها. وما من عاقل في أربعة أركان الأرض،
إلا ويدرك أن “الإسلام السياسي” واحد، وأن “الإخوان المسلمين” هم عصب الحركة، ومحركها،
والرحم الذي تولّدت منه كل تنظيمات الإرهاب.
ويرى الكاتب أن الأمر لا يحتاج إلى برهان
حتى. فالدلائل التي تثبت الصلات والنوافذ والشبكات التي تربط بين جماعات الإسلام السياسي،
المسلحة منها وغير المسلحة، مفتوحة على بعضها بدرجة لا تحتاج إلى ما يثبتها.
ولقد أرادت قطر من دعمها للتنظيم الأم،
وكل فروعه الأخرى، أن تحقّق غاية لا يكفي القول إنها واحدة من أكبر الجرائم التي عرفتها
المنطقة.
وتساءل "لماذا دعمت قطر هذه التنظيمات؟
الجواب مكشوف تماما لكل ذي بصر وبصيرة. إنه الحلقة المركزية لمشروع يقضي بتفتيت المنطقة
وتمزيق شعوبها وإسقاط دولها الوطنية، وإغراقها بدم بعضها البعض. لكي تهنأ إسرائيل بقوتها
وتفوقها، ولكي تهنأ قطر بخدمة واحد من أعتى خطط “المحافظين الجدد” في واشنطن، الذين
خططوا لغزو العراق، فدمروه، والذين لم يخفوا، ولا حتى للحظة واحدة، أنهم يريدون إعادة
المنطقة كلها قرونا إلى الوراء، بتحويلها إلى طوائف ومذاهب متنازعة" .
قطر إنما قدمت الدعم السخي لهذه الجريمة
بالذات. وظلت تتكابر على كل الحقائق التي تقول إنها أشبه بقنبلة نووية يتم تفجيرها
في مجتمعات المنطقة، لتدميرها الدمار الأخير. شيء كالذي يحصل في العراق وسوريا الآن.