ماذا تضمن تقرير الهيئة الوطنية للوساطة والحوار في الجزائر؟
كشفت الهيئة الوطنية للوساطة والحوار في الجزائر بقيادة كريم يونس عن سلسلة من الإجراءات التي تدعو إلى العمل بها من أجل تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال. أبرزها إطلاق سراح مساجين الحراك، تعديل القانون الانتخابي ورحيل حكومة نور الدين بدوي.
ووفقاً لتقرير أعدته "فرانس 24" سلمت الهيئة الوطنية للوساطة والحوار في الجزائر، التي يترأسها كريم يونس، الأحد تقريرا مفصلا للرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح، يحتوي على مقترحات كفيلة في نظرها لإخراج البلاد من الأزمة السياسية التي تمر بها منذ بدء الحراك الشعبي في 22 فبراير/شباط الماضي.
هذا التقرير تقول اللجنة بأنه خلاصة للقاءات ومشاورات أجراها أعضاؤها مع الأحزاب السياسية والمعارضة وممثلين من المجتمع المدني والفاعلين السياسيين والاجتماعيين.
ويحتوي التقرير على شقين. الشق الأول، الذي يتضمن 53 بندا، حسب وكالة الأنباء الجزائرية، يقترح تأسيس سلطة وطنية للانتخابات تكون "هيئة دائمة ومستقلة" تمارس مهامها دون "تحيز" وتتلقى من السلطات العمومية كل "أنواع الدعم وتزودها بمعلومات ووثائق تكون ضرورية لتجسيد مهامها".
ومن بين أهداف هذه السلطة، "تجسيد وتعميق الديمقراطية الدستورية في الجزائر وترقية النظام الانتخابي المؤدي إلى التداول في السلطة بشكل سلمي" فضلا عن تنظيم "انتخابات حرة وشفافة ونزيهة تعبر عن إرادة الشعب".
كما تقع على عاتق هذه السلطة مسؤولية تسيير كل مراحل العملية الانتخابية، بدءا بالتحضير لهذه الانتخابات إلى غاية الإعلان عن نتائجها.
فيما يمنح لها حق مراقبة الانتخابات، وذلك من خلال جعل قراراتها "غير قابلة للطعن في اختصاصها" علاوة عن إعطائها صلاحية تسخير القوة العمومية لتنفيذ هذه القرارات.
كما حدد المشروع أيضا تشكيلة هذه السلطة التي ستضم 50 عضوا يعملون لمدة 6 سنوات غير قابلة للتجديد مع إمكانية تجديد بعض الأعضاء كل 3 سنوات.
تنظيم انتخابات في أقرب الآجال
أما الشق الثاني من التقرير الذي يحتوي بدوره على 196 بندا حسب نفس المصدر الرسمي، فيهتم بشكل عام بتعديل نظام الانتخابات، كتعديل القوائم الانتخابية ومراجعة قانون الانتخابات وتحويل بعض صلاحيات المجلس الدستوري إلى السلطة المستقلة (السلطة الوطنية للانتخابات) وإعادة النظر في بعض شروط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، كحيازة مثلا شهادة جامعية وجمع 50 ألف توقيع فردي عبر 25 ولاية و1200 توقيع من قبل منتخبين.
كما تشدد المقترحات التي تضمنها الشق الثاني من التقرير على نقل كافة الصلاحيات المخولة لوزارات الداخلية والعدل والخارجية وكل السلطات المحلية، وكذا بعض صلاحيات المجلس الدستوري، إلى السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات،من خلال تعديل القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات.
هذا، ودعت الهيئة الوطنية للوساطة والحوار في الجزائر إلى تنظيم انتخابات في "أقرب الآجال" في إطار الدستور القائم" مع السهر على "تحقيق الشروط والآليات السياسية والقانونية الضامنة للنزاهة والشفافية والحياد التي ظل الشعب يطالب بها منذ أمد غير قريب"، حسب وكالة الانباء الجزائرية.
كما أكدت مقترحات هذه السلطة على "ضرورة خلق مناخ إيجابي لبناء وتعزيز جسور الثقة بين السلطة والشعب وبالتالي بين الناخب والمنتخب". وهو الهدف الذي يمر عبر "اتخاذ تدابير تهدئة، كإطلاق سراح محبوسي الحراك وحماية المؤسسات الخاصة التي يوجد مسيروها محل متابعات قضائية، حفاظا على الاقتصاد الوطني ومناصب الشغل وكذا رحيل الحكومة الحالية التي يقودها نورالدين بدوي كونها منتوج النظام السابق حسب السلطة الانتخابية الجديدة.
كما اقترحت نفس الهيئة تعديل شامل للدستور الحالي أو صياغة دستور جديد يتم التصويت عليه عبر استفتاء شعبي.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه بنفسه هل سيشارك الشعب الجزائري في هذه الانتخابات وهل سيكون هناك مترشحون يقبلون خوض غمار هذه الانتخابات؟ لغاية الآن الشارع الجزائري الذي يتظاهر كل يوم جمعة وكل يوم ثلاثاء بالنسبة للطلبة يرفض الخيار الذي قدمه كريم يونس.
المتظاهرون وغالبية الأحزاب المعارضة يدعون إلى تنظيم مرحلة انتقالية تدوم على الأقل سنتين يتم خلالها تعديل القانون الانتخابي والدستور فضلا عن تنظيم انتخابات بلدية وتشريعية جديدة مع تنصيب حكومة كفاءات منبثقة من الشعب قبل الذهاب أخيرا إلى انتخابات رئاسية.
لكن هذا الخيار قبل بالرفض من قبل رئيس الأركان الفريق قايد صالح الذي يصر على تنظيم انتخابات رئاسية إيمانا منه بأنها الكفيلة بإخراج الجزائر من المحنة التي تعيش فيها واحتراما حسب تعبيره للمسار الدستوري الجزائري.
فهل تسير الجزائر نحو انتخابات جديدة أم ستعرف نفس المصير الذي عرفته الانتخابات التي كان من المفروض تنظيمها في 4 يوليو الماضي؟