مذكرة حقوقية دولية توثق دعم قطر لإرهابيي ليبيا
وثقت مذكرة حقوقية في مدينة لاهاي بهولندا جانبا من انتهاكات قطر في ليبيا بدعمها المستمر للمليشيات الإرهابية بالأسلحة والمال ونقلهما عبر السفن والطائرات.
وذكر الفريق الدولي لتقصي الحقائق في انتهاكات قطر بالمذكرة التي أصدرها مؤخرا، أنه تم رصد وتوثيق انتهاكات قطرية تخالف لقرار مجلس الأمن رقم 1373، ولجنة مكافحة الإرهاب الدولية المنبثقة عنه، والذي يلزم جميع الدول بمنع وقمع تمويل الأعمال الإرهابية، والامتناع عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم الصريح أو الضمني إلى الكيانات أو الأشخاص الضالعين في أعمال إرهابية.
وحسب المذكرة، فإن قطر مستمرة في انتهاك القرار منفردة، إضافة إلى تعاونها الثنائي القطري-التركي، ونقل أموال وأسلحة عبر السفن والطائرات، وتسليمها إلى المليشيات الإرهابية التي تقوّض القانون والأمن في البلاد.
وبحسب الفريق الدولي لتقصي الحقائق، فإنه يجري تجهيز عمل توثيقي شامل، يرصد مجمل الانتهاكات القطرية للقانون الدولي في ليبيا منذ عام 2011 وحتى عام 2019.
ويمثل الفريق الدولي لتقصي الحقائق في انتهاكات قطر، مؤسسة بحثية دولية مقرها مدينة لاهاي بهولندا، وتعمل بشكل أكاديمي لتوثيق وملاحقة انتهاكات الحكومة القطرية للأمن والسلم الدوليين.
على الجانب نفسه، تقدم الحقوقي الليبي سراج سالم التاورغي، بشكوى إلى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان ضد ما يصفه بـ"مثلث الشر" في ليبيا، في إشارة إلى حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج وقطر وتركيا، تتهم الثلاثي بدعم المليشيات الإرهابية.
واتهم الحقوقي "مثلث الشر" بارتكاب جرائم إرهابية ضد الشعب الليبي، بما يمهد لوضع ملف انتهاكاته على مائدة الاتحاد الأفريقي.
وجاءت تحركات الحقوقي الليبي صوب الاتحاد الأفريقي بعد أيام من تقديمه ملفا كاملا حول تورط السراج والدوحة وأنقرة في دعم المليشيات والجماعات الإرهابية، إلى المقرر الخاص بالشعوب الأصلية بالمجلس الدولي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة.
وكشف التاورغي في بيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، عن أن الشكوى التي تقدم بها يوم 30 يونيو الماضي، تضمنت شرحا لقيام حكومة السراج بدعم مباشر من قطر وتركيا بتقديم دعم لوجيستي لجماعات مسلحة على الأراضي الليبية، والتي ارتكبت بدورها مذابح وجرائم ضد الإنسانية بحق أهالي مدينة تاورغاء (نحو 100 كم من طرابلس) وعدة مدن أخرى.
واتهمت الشكوى حكومة السراج بإيواء عناصر مسلحة مطلوب القبض عليها من قبل مجلس الأمن لتورطهم في ارتكاب جرائم إرهابية، إضافة إلى منح شخصيات منتمية لجماعات متطرفة إدارة موارد البنك المركزي الليبي وتبديد ثروات الشعب، حسب البيان.
وأضاف التاورغي في البيان: "بات ملف انتهاكات الحكومة الليبية، وتحالفها مع المليشيات المسلحة على طاولة المحكمة الأفريقية"، معربا عن ثقته بعدالتها والتحقيق فيما قدمه من أدلة.
وفي يوليو الماضي، قدم التاورغي مذكرة شاملة إلى البرلمان المصري، تضمنت أدلة جديدة على انتهاكات المليشيات الإرهابية المدعومة قطريا وتحارب في صفوف الوفاق، وأدلة أخرى على الجرائم والانتهاكات التي قام بها بعض الضباط القطريين ضد أهالي مدينة تاورغاء الليبية التي تم تهجير سكانها قسرا منذ عام 2011.
في السياق ذاته، أكد اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم الجيش الليبي، في تصريحات سابقة، أن قطر بدأت انتهاك السيادة الليبية منذ فبراير 2011، ومدت المليشيات والتنظيمات الإرهابية بالأموال والسلاح، وما زالت تدعم هذه التنظيمات الإرهابية التي تهدد المنطقة بالكامل، مشيرا إلى أن الجيش الليبي لديه كافة الوثائق التي تدل على
أول شحنة سلاح قطرية لإرهابيي ليبيا
وكانت "العين الإخبارية" قد انفردت بكشف الدور القطري المبكر في ليبيا في تقرير مدعم بالوثائق المسربة من مكتب علي بن فهد الهاجري مساعد وزير الخارجية القطري، يظهر دعم الدوحة المباشر لتنظيم الإخوان الإرهابي في ليبيا.
الوثيقة التي تحمل تاريخ 29 سبتمبر 2013، صادرة من مكتب مساعد وزير الخارجية القطري، موجهة إلى رئيسه خالد العطية وزير الخارجية القطري آنذاك (وزير الدفاع القطري حاليا)، تفيد بإتمام تحويل مبالغ مالية لأعضاء الجماعة الإرهابية في ليبيا بالصك رقم 9250444 بتاريخ 29 سبتمبر/أيلول 2013، اقتطعت من أموال الشعب القطري، لتذهب إلى قيادات حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية في ليبيا.
الوثيقة كشفت عن أنه تم سحب المبلغ من جانب محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء التابع للجماعة الإرهابية، والذي قام بتوزيعه على 19 من أعضاء الجماعة الإرهابية (الذين كانوا يشغلون مناصب مهمة في المؤتمر الوطني العام وقتها، وما زالوا يشغلون مناصب مهمة الآن في حكومة الوفاق)، على رأسهم خالد المشري، الذي يترأس مجلس الدولة الحالي في ليبيا ونائبه منصور الحصادي والقيادي الإخواني نزار كعوان وعبدالرحمن الديباني.
وجاءت الوثيقة المذكورة (المسربة) ردا على خطاب سري وعاجل من العطية موجه لمساعده الهاجري، ويحمل رقم 21245 بسرعة تخصيص وإرسال مبلغ 250 ألف دولار لصالح قيادات الجماعة الإرهابية.
تشكيل المليشيات
لم يقف الدور القطري عند الدعم المالي فقط، حيث أكدت مصادر أمنية وسياسية ليبية، في تصريحات متطابقة لـ"العين الإخبارية"، أن دور الدوحة في تشكيل المليشيات المسلحة داخل الأراضي الليبية لتكون بديلا للجيش والشرطة جاء مبكرا.
ففي 17 مارس 2011 استقرت بفندق المسيرة بطبرق مجموعات قطرية بالتوازي مع مجموعة أخرى وصلت إلى بنغازي، بحسب مصدر استخباراتي، تضمنت كلا من العميد القطري حمد الكبيسي، والعقيد علي المانع، والعميد بحري عبدالله البرداني، ويعمل بالمخابرات القطرية، والعميد عبدالله الفهد مسؤول توريد الأسلحة، والعقيد علي المناعي، وهو الذي حل فيما بعد محل الكبيسي في قيادة المجموعة القطرية بليبيا، إلى جانب عدد من الضباط من أصل يمني كانوا يعملون لصالح الاستخبارات القطرية.
ويقول المصدر، وفقاً لـ"العين الإخبارية" الذي فضل عدم نشر اسمه، إن المجموعة المخابراتية اتخذت من عملها في إصلاح مطار طبرق العسكري غطاء للحديث مع الليبيين من عناصر الأمن والجيش السابقين، ودفعت لهم آلاف الدولارات لتشكيل مجموعة (كتيبة 17 فبراير) لحماية طبرق من هجوم محتمل.
وتم الترويج لهذا التحرك إخوانيا، بحسب المصدر، بأن أرتالاً عسكرية كبيرة تابعة للرئيس السابق معمر القذافي تتقدم في طريق أجدابيا - طبرق الصحراوي، وتنوي سحق الثوار، وقامت المجموعة القطرية تحت هذا الزعم وبدعوى مساندة الثوار بزرع أجهزة تنصت أعلى الفندق.
السلاح إلى بنغازي
وبالتوازي كانت مجموعة قطرية أخرى وصلت إلى بنغازي، وكان عملها بالأساس هو الإشراف على دخول الأسلحة المتوسطة والصواريخ الحرارية المحمولة "ميلانو" عبر الجو والبحر.
وبحسب مصادر استخباراتية ليبية، فإن من ضمن الضباط والعناصر القطرية التي كانت تشرف على عملية شحن الأسلحة إلى ليبيا كلا من: ناصر عبدالعزيز المناعي وجاسم عبدالله المحمود، إضافة إلى عبدالرحمن الكواري الذي كان يتمركز في السودان مع ضباط قطريين آخرين، منهم ناصر الكعبي ومحمد شريدة الكعبي.
وبعد أسابيع قليلة من بدء دخول السلاح إلى بنغازي، تحت إشراف وتمويل قطر، بدأ تدفق أعداد كبيرة من المتطرفين وتدريبهم وتشكيل كتائب أطلق عليها سرايا تجمع الثوار، وهي مليشيات ضمت مئات المتطرفين، كما نصبت قطر القيادي الإخواني فوزي بوكتف قائداً لها عبر ترشيحات ودعم من علي الصلابي المقيم في قطر.
وحسب شاهد العيان، فإنه بالتدريج تحولت المليشيات "القطرية" إلى جيش وشرطة موازية في بنغازي وطبرق، وسط أحلام من قطر أن تتحول ليبيا إلى مستعمرة تقودها عبر "الإخوان" الإرهابيين والمتطرفين عبر توفير السلاح والعتاد والمال.