عادات يوم عاشوراء.. "البليلة" كيف عرفها المصريون ولماذا قدسها العثمانيون
قالت نادية طه الباحثة في علم الآثار، ومفتشة آثار بالقاهرة التاريخية، إن الاحتفال بـ "يوم عاشوراء" اختلف من عصر إلى آخر، ولكن عادة توزيع القمح المبلل في اللبن والتي اعتداها المصريين عرفوها خلال العصر العثماني.
البليلة عادة عثمانية
وأشارت إلى أن العثمانيون دخلوا مصر عام 571 ميلادية، وبالطبع صاحبتهم عادات وتقاليد منها عدة عادات مرتبطة بالأطعمة والأشربة، ومن أبرز العادات التي فعلها الأتراك في مصر هي إحياء ذكرى استشهاد سيدنا الحسين، والاحتفال بيوم عاشوراء وهو الاحتفال الذي لم يكن غريبًا على المصريين فهو معروف منذ الدولة الفاطمية.
وأضافت طه أن البعض كان يكف عن شرب الماء في الأكواب الزجاجية، ويستبدلونها بالجرار أو الطاسات المصنوعة من الفخار في هذا اليوم، وإذا شربوا لا يشربوا حتى يرتووا لإظهار شدة جزعهم على الحسين رضي الله عنه والذي استشهد وهو على ظمأ.
تقديس القمح عند العثمانيين
والجديد أن الأتراك العثمانيون –والكلام لنادية طه- كانوا يحتفلون بذكرى استقرار سفينة نوح عليه السلام على جبل جودي، وهو أحد الجبال الشهيرة في بلادهم، ويوافق نفس يوم عاشوراء، وكان لديهم اعتقادًا أن حبوب العاشوراء وهي القمح، كانت ضمن الحبوب التي وجدت على هذا الجبل، وهي ضمن الحبوب التي حملها نوح معه في سفينته، فاعتبروها من الحبوب المقدسة، لذا فكانوا يصنعون نوعان من الحساء وحلوى العاشوراء التي تكون حبوب القمح أساسها ويقومون بتوزيعها على الأصدقاء والجيران وصدقة جارية للفقراء، فكانوا يبللون القمح باللبن فأطلق عليها المصريين لفظة "بليلة"، وكان العثمانيين يزينون سطحها بحبوب الرمان، إلا أن المصريين لم يستسيغوا ذلك واكتفوا بالقمح المبلول.
ضمن مظاهر الاحتفال
وأشارت طه، إلى أن ضمن مظاهر الاحتفال بـ "يوم عاشوراء" في العصر العثماني، أنه من اليوم الأول إلى اليوم العاشر من هذا الشهر كانت تخرج طائفة من المتسولين العميان مع من يقتدرون على تلاوة المراثي، ويتجولون في الطرق وقد علقوا على رؤوسهم وأعناقهم حقيبتين أو ثلاثًا ويتلون مرثية كربلاء.
وهؤلاء المرتلون كانوا يصيحون جميعًا بصوت واحد مولولين معولين بهذه العبارة والتي يرددونها بعد كل طائفة من الأبيات وهي (ياهوى جوى جوى يا روحي)، وبعد بلوغ الخاتمة ( الله الله واحد كرامة للحسن والحسين وجميع الأولياء والأنبياء وعلى أرواح المؤمنين)، ثم يقرأون دعاء وجيزًا يفصل بين كل جملة قولهم آمين، ثم يحملون طستًا مملوء بالقمح أو الأرز أو الحمص للتوزيع منه على الجميع.
قصة يوم عاشوراء
ويوم عاشوراء قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم "صيامُ يومِ عاشُوراءَ، أحتسِبُ على اللهِ أن يكَفِّرَ السَّنةَ التي قَبْلَه"، وهو يوم نجّى فيه الله نبيه موسى عليه السلام ومن آمن معه من فرعون، وقتل فيه أيضًا الحسين بن علي بن أبي طالب حفيد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، في معركة كربلاء بعد حصاره ورجاله بواسطة جنود يزيد بن معاوية أيامًا ومُنع عنه الماء، ووافق ذلك العاشر من شهر محرم عام 61 هـ، ولقبه المسلمون بـ "سيد الشهداء"، وأصبح اليوم رمزًا عند الشيعة، وعاشوراء لفظة عربية تعني العاشر، فيوم عاشوراء يعني العاشر من شهر محرم، ويقال عن هذا اليوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى يثرب، عرف أن اليهود يصومون ذلك اليوم فرحًا بنجاة موسى عليه السلام من فرعون وجنوده، فقال صلى الله عليه وسلم، "أنا أحقُّ بِموسَى منكم"، فصامهُ صلى اللهُ عليه وسلمَ وأمر بصومه، وذلك السنة الثانية من الهجرة، وكان صيامه واجبًا، وعندما فُرض صيام شهر رمضان صار صيام عاشوراء من السنن.