البابا تواضروس يتحدث عن مكانة الكتاب المقدس في التعليم الكنسي بعظته الأسبوعية
ترأس قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، مساء أمس الأربعاء، عظته الأسبوعية، بكنيسة السيدة العذراء مريم والأنبا رويس في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية.
وقال قداسة البابا، في الآونة الأخيرة تثار بعض الموضوعات الخاصة بالتعليم ودائمًا نقول إن حياة الكنيسة القبطية تسير على قدمين، القدم الأول اسمه التعليم والقدم الثاني اسمه التكريس، لذلك التعليم له المجال الأول مثلما نطلق على السيد المسيح المعلم الصالح، وأول شيء نتعلمه في الكنيسة هو مصادر التعليم في الكنيسة والمراجع الرئيسية والأساسية وهي تشبة مثلث في قمته الكتاب المقدس والنقطتين التالين هم الليتوجيات والأسرار التي ِحفظت فيها الصلوات ووضع فيها الإيمانيات، والنقطة الثانية أقوال وشروحات الآباء.
أولًا الكتاب المقدس "اليوم إذا سمعت صوته في الإنجيل فلا تقسوا قلوبكم" هناك صيحات في العالم الآن تتكلم على الإنجيل وتقلل من قدره، وتدعي أن الإنجيل به حكايات غير حقيقية وخيالية، به عبارات غير مرغوبة، وهناك أسفار قديمة الفكر، وهناك من يشوه معانى بعض الآيات.
سوف نتكلم عن مكانة الكتاب المقدس في التعليم، ولنفهم وضعية الكتاب المقدس وعمله في حياتنا كلنا.
هناك ثلاث عبارات:
العبارة الأولى: للقديس جيروم "أن جهلنا بالكتاب هو جهلنا بالمسيح" الذي لا يعرف الكتاب المقدس لا يعرف المسيح، فالكتاب المقدس وثيقة تقدم لنا من هو شخص المخلص، من هو المسيح، هناك من يجهل الإنجيل ولا يعيش في الإنجيل يعيش في فكره الخاص وكما قال بولس الرسول "سمو الحكمة البشرية" وعلى قدر معرفتك بالإنجيل على قدر معرفتك بالسيد المسيح.
العبارة الثانية: القديس أغسطينوس "الكتاب المقدس هو فم المسيح " ولا يستطيع أحد أن يقلل من قدر سلطة الكتاب المقدس في التعليم، الكتاب المقدس كما هو من سفر التكوين لسفر الرؤيا كل أسفاره قانونية وكل كلمة في هي من فم المسيح.
العبارة الثالثة: القديس يوحنا ذهبي الفم "عدم معرفة الكتب المقدسة هو علة كل الخطايا" لماذا يعيش الناس في الخطية لأن الإنجيل لا يعيش بداخلهم "فلنجتهد أن ندخل تلك الراحة (التي هي في لإنجيل) لئلا يسقط أحد في عبرة العصيان" عصيان كلمة الرب وينساها ولا يعطيها قدسيتها واحترامها وبعدها يقول "لأن كلمة الله حية وفعاله......" أعرف هذه الثلاث عبارات.
لدينا جميعًا الإنجيل ونحن في زمن يتوفر فيه الإنجيل بكل الأشكال والأحجام، زمان كان الإنجيل غير متوفر في كل مكان، وقبل اختراع الطباعة كان الكتاب المقدس يِنسخ في سنوات.
المستويات الثلاثة للإنجيل في التعليم:
١- القرأه في الكتاب المقدس هي اكتشاف: أن تكتشف المعني والكلمة والعمق الذي يدخل في الكتاب
أول مستوى أن تعيش في الكتاب أنك تكتشف وتعرف، تكتشف النص والكلمة والمعنى وربط الآيات وآخر آيه في الكتاب المقدس " آمين تعالي أيها الرب يسوع" مع كل كلمة تقرأها قلبك يقول " آمين تعالي أيها الرب يسوع" أريد أن أراك يا رب في نص الإنجيل، ويقال ونحن نقرأ الإنجيل "نحن نبحث على الكلمة في وسط الكلمات" نبحث عن المسيح بين كلمات الإنجيل، تقرأ النص لأكثر من مرة لتكتشف أعماقه وكما يقول القديس يوحنا ذهبى الفم "الكتاب المقدس منجم لآلي" اقرأ الإنجيل وعلى قدر أمانتك يكشف لك الله لآلي، عندما تقرأ الإنجيل أنت تتنفس أنفاس الله، لأن الكتاب المقدس المكتوب بالوحى الإلهي من خلال الرسل والأنبياء مسوقين بالروح القدس أنت تتنفس كاتبه، أنت تتقابل مع من وضع الكتاب المقدس مباشرتًا وهذا الإكتشاف يحتاج إلى دراسة لتفهم وهناك الكثير من الكتب تساعدك على الفهم وسوف يكون شيء مخجل وأنت تقف أمام السيد المسيح وأنت تجهل الكتاب.
٣- وكل مرة تقرأ الكتاب "القرأة صلاة": يجب أن اصلي قبل القرأة وبعد القرأة احوله إلى مادة صلاة، القرأة صلاة...أن ما نقرأه يعطينا مادة صلاة، القداس والتسبحة والليتورجيات عبارة عن آيات من الإنجيل، إذا أردت أن تعيش الإنجيل وتُعلم به يجب أن يكون بالنسبة لك صلاة والصلاة هي التي سوف تجعلك تفهم "في ناموسه يلهج نهارًا وليلًا " كلمة الله في حياته في قلبه، أنت تصلي لكي تفهم الكتاب أكثر.
3- القرأة حياة: حياتي تكون بحسب الإنجيل
الضلع الثالث هو أن تعيش الكتاب، فالكتاب المقدس ليس كتابًا نظريًا،يجب أن تعيشه، هناك من يربي أولاده كما يسمع وهناك من يربي أولاده بالإنجيل وتسمى تربية النعمة " فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح" الكتاب المقدس متجدد في كل يوم لكل الأزمان هو كتاب خلاص ولذلك عندما نشرح عقيدة أو إيمان أو طقس أو معرفة في الكنيسة يجب أن تكون معتمده على الإنجيل أولًا ثم يأتي بعده شرحات الآباء وإذا شرحت العقيدة من خلال الكتاب المقدس هذا يكفى جدًا لأن الكتاب وجه لكل البشر، في سفر الرؤيا "طوبى للذي يقرأ وللذين يسمعون أقوال النبوة ويحفظون ما هو مكتوب فيها لأن الوقت قريب" من ضعفات هذا الزمان أن الناس أنشغلت بدراسات في مجالات كثيرة وليس في الإنجيل، لذلك ضعوا الكتاب المقدس أمامكم قبل كل شيء، اقرأ واسمع واحفظ الإنجيل، وحفظك للإنجيل ينقي ويطهر قلبك من أفكار وشرور كثيرة، وعندما تحفظ سوف تشبع من كلمة الله، (اقرأ- اسمع – احفظ – اشبع – استعد ).
الكتاب المقدس ينطبق عليه آيات كثيرة منهم " تكلم يا رب لأن عبدك سامع" اجعلها امامك عندما تقرأ الكتاب المقدس قد يكلمك الله وأنت مشغولا ولا تسمعه، ومن العبارات الجميلة "لن اتركك ما لم تباركني" وبعد القرأة تشعر بالتعزية، "نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيمًا.وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ.خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا أَشْهي مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ.
الكتاب المقدس له المكانه الأولى في التعليم وهو المرجع الأول والأساسي، نحتاج باستمرار أن نقرأ الكتاب ونكتشف ونصلي ونفهم ونعيش لتصير حياتنا كلها بحسب الكتاب المقدس، ضع الكتاب المقدس دائمًا أمامك، علم بيتك كيف يقرأ الإنجيل، ضع أمامك خطة بمشورة أب اعترافك لتعرف طريقك وتعيش فيه، يعطينا الله أن نكون في هذه الكلمة المقدسة ثابتين على الدوام، لإلهنا كل مجد وكرامة من الأن وإلى الأبد آمين.