"البروفيسور غنيم".. رائد زراعة الكلى في سطور
علامات الزمن على وجهه المضيء البروفيسور المتواضع صاحب السيارة بيجو ٥٠٤ موديل السبعينات
والتي لم يغيرها طول حياته.
رفض المليارات ورفض فتح عيادة خاصة كانت تجلب له مليارات الدولارات لكي يحقق حلمه فى إنشاء أكبر مركز فى الشرق الأوسط يعالج حوالى مليون و٨٠٠ الف مصري من امراض الكلى والمسالك البولية فى مصر بالمجان.
عينه السادات مستشارًا طبيًا له وصديق مقرب بعد اعجابه بشخصيته وطموحه فى الخير وفى خدمة الناس ولكى يبعده عن الروتين الحكومي الممل فى تحقيق حلم حياته فى إنشاء ( مركز الكلى والمسالك البولية فى المنصورة ).
من أكبر ١٠ جراحين فى العالم فى جراحة الكلى وأول جراح مصري يقوم بعملية زرع ونقل كلى فى مصر سنة ١٩٧٦ رغم أنه لاتوجد امكانيات طبية متاحة فى ذلك الوقت لدى قسم ٤ الصغير جدًا الخاص بالمسالك البولية فى مستشفى جامعة المنصورة قبل إنشاء مركز الكلى.
رفض الظهور أمام الصحف والمجلات بعد نجاح العملية وابتعد عن فلاشات الكاميرات والمصورين ورشح شخص أخر للتحدث بدلًا منه لأنه كان منشغل بتحقيق حلم وإنجاز أخر هو مركز الكلى.
كل الأموال التى يتحصل عليها من العمليات الجراحية الدولية خارج مصر تذهب لصالح مركز الكلي فقد أجرى عملية جراحية ناجحة للرئيس العراقى صدام حسين وأرسل له الملك فهد بن عبدالعزيز طائرة خاصة لنقله بالمعدات الطبية للأراضي السعودية وذهبت كل الأموال التى تحصل عليها من هؤلاء الملوك لصالح مركز الكلى.
بعد موافقة جامعة المنصورة على تخصيص الأرض لإنشاء المركز لجأ غنيم لدول كثيرة لتمويل المركز لم توافق منهم إلا (هولندا) ولكن غنيم طلب من أهل المنصورة أن يكونوا سباقين فى التبرعات وبالفعل ظهرت الرجولة لدي سكان المنصورة وتم تسديد كافة المبالغ المالية والتبرعات التى احتاجها الدكتور غنيم.
اشترط على الأطباء الذين يعملون معه فى المركز التفرغ التام للمركز فلا يفتح عيادة قبل أن يحصل على درجة الدكتوراة ومرور ٣ سنوات على حصولها وبالتالى صرف حوافز ١٠٠% بدل لتفرغهم للمركز.
أنهى البروفيسور غنيم فترة الإقامة الطبية في قسم الجراحة العامة والمسالك البولية في مستشفيات القاهرة الجامعية خلال الأعوام 1962 و1965. وبعد ذلك انتقل إلى مدينة المنصورة مسقط رأسه كي يقدم النفع والفائدة لأهل بلده، حيث عمل في البداية كمحاضر إكلينكي في علم المسالك البولية في مستشفى جامعة المنصورة حتى عام 1968 قبل أن يصبح محاضرًا في علم المسالك البولية في كلية الطب بجامعة المنصورة.
وفي عام 1971، انتقل الدكتور محمد غنيم إلى إنجلترا ليعمل كمساعد استشاري لدى مستشفى ساوث ميد العام في بريستول، في قسم المسالك البولية والجراحة العامة (زراعة الأعضاء).
وفي عام 1973 حصل على الزمالة السريرية لمدة سنة في علم المسالك البولية في مركز ميموريال سلون كيتيرينج للسرطان في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية. وبعدها حصل على الزمالة البحثية وانتقل إلى مختبر يورودايناميك في قسم المسالك البولية، في المركز الطبي بجامعة شيربروك في كيبك بكندا. بعد ذلك عاد - متمتعًا بخبرات واسعة جدًا - إلى مستشفى جامعة المنصورة كأستاذ في علم المسالك البولية عام 1976.
أبرز المحطات المهنية
أسس البروفيسور محمد غنيم في عام 1983 مركز طب المسالك البولية والكلى (يو إن سي) – وهو مركز متعاون مع منظمة الصحة العالمية، لعلاج أمراض المسالك البولية والكلى في مدينة المنصورة بجمهورية مصر العربية. وقد تأسس مركز التميز ذاك في داخل مستشفى جامعة المنصورة، وهو مخصص للعلاج الطبي والجراحي للأمراض البولية التناسلية. وفي الوقت الحالي، يقدم مركز "يو إن سي" الرعاية إلى عشرات الآلاف من المرضى، ويتم تقديم الغالبية العظمى من هذه الرعاية مجانًا، كما يقدم التعليم والتدريب لمئات من الممرضات والأطباء من جميع أنحاء العالم. ويعود النجاح الذي حققه المركز في إلى الالتزام الشخصي والجهود الدائمة للبروفيسور غنيم. ومن اللافت أن 85% من البيانات في مركز يو إن سي مخزنة رقميًا مما يتيح للأطباء الوصول إليها ومراجعة صور ومعلومات المرضى التشخيصية إلكترونيًا واتخاذ قرارات سريعة وفعالة في سياق تقديم الرعاية الطبية. ولتحقيق هذه الغاية، وظّف البروفيسور غنيم علماء حاسوب من جامعة القاهرة ومهندسين من شركة جينرال إليكتريك وأعضاء من كليّته، ليتعاونوا على بناء نظام رقمي يخدم الطبيب في العيادة والجرّاح في غرفة العمليات بنفس الكفاءة التي يخدم فيها مدرس الجامعة وخبير الإحصاء.
ويعد البروفيسور محمد غنيم رائدا في مجال زراعة الكلى. حيث قام مركز يو إن سي بإجراء أول عملية زرع كلى في مصر عام 1976. وبلغ عدد عمليات زراعة الكلى التي أجراها المركز حتى الآن أكثر من 2000 عملية، وهو ما يجعل المركز أحد المراكز الرائدة في زراعة الكلى في الشرق الأوسط. كما يعد البروفيسور غنيم كذلك خبيرًا دوليًا في عمليات المسالك البولية العامة والتخصّصية، وأمراض البروستات، وأورام الجهاز التناسلي البولي، وعمليات حصوات الكلى، وتصحيح الشذوذات الخلقية، والجراحة البولية التنظيرية بأنواعها. وقد قام بالعديد من الدراسات على سرطان المثانة الناتج عن عدوى البلهارسيا؛ وهي مشكلة وبائية في مصر. كما ابتكر العديد من الأساليب الجراحية الجديدة للاستعاضة عن المثانة بالأمعاء بعد إزالتها بسبب السرطان. وبالإضافة إلى ذلك، فقد حرص البروفيسور غنيم على المشاركة القوية في الأبحاث الأساسية. وفي الوقت الحالي، يتم تنفيذ الدراسات التي تهدف إلى علاج مرض السكري بوساطة الخلايا الجذعية.
وقد نشر البروفيسور محمد غنيم ما يزيد على 14 كتابًا وفصول كتاب، في علم الأورام الطبية وسرطان المثانة، وغيرها من موضوعات علم المسالك البولية. كما نشر أكثر من 130 مقالًا أصيلًا في دوريات علمية محلية ودولية. وفي عام 2010، بدأ البروفيسور محمد غنيم الدورة التدريبية الدولية " تقنيات الجراحة البولية الترميمية" التي تقدم تدريبًا عمليًا على الأساليب المتطورة المعمول بها في في الطب الترميمي للجهاز البولي. كما ذهب البروفيسور محمد غنيم إلى قطاع غزة خلال الحرب على غزة في شتاء عام 2008 – 2009 للمساعدة في تقديم الخدمات الطبية لمصابي الحرب.