أمريكا تلاحق جامعات حصلت على أموال من قطر والصين
بدأت وزارة التعليم الأميركية بشن حملة ملاحقة ضد الجامعات التي فشلت في الكشف عن تفاصيل التبرعات والعقود التي قامت بإبرامها مع الحكومات الأجنبية، في إطار جهود لإضفاء المزيد من التدقيق والشفافية بالمؤسسات التعليمية الأميركية.
وتهدف هذه الحملة للكشف عن محاولات التأثير
على التعليم الأميركي من قبل بلدان غالباً ما تتعارض توجهاتها مع السياسات الأميركية،
كما تسعى هذه البلدان في الوقت نفسه للاستفادة من ألمع العقول في الولايات المتحدة،
وفقا لما جاء في تقرير موسع أعدته إريكا غرين لصحيفة "نيويورك تايمز".
وكانت وزارة التعليم الأميركية قد أعلنت
هذا الصيف أنها تحقق فيما إذا كانت جامعات "جورج تاون" و"تكساس إيه.
اند إم" و"كورنيل" و"روتجرز" تمتثل بشكل كامل مع القانون
الاتحادي الذي يفرض الإفصاح من الجامعات عن جميع التبرعات والعقود مع جهات أجنبية،
التي تتجاوز قيمتها 250 ألف دولار.
وطلب مسؤولو وزارة التعليم، في مخاطبات
رسمية إلى الجامعات في يوليو/تموز، سجلات ودفاتر حسابات يرجع تاريخها إلى 9 سنوات مضت،
وتتعلق بتفاصيل الاتفاقيات والاتصالات والمعاملات المالية مع كيانات وحكومات في دول
مثل الصين وقطر وروسيا. تخلف عن المهلة الرسمية
وكان من المتوقع أن تقوم الجامعات في موعد غايته هذا الشهر بتسليم الآلاف من السجلات
التي يمكن أن تكشف عن ملايين الدولارات من المساعدات الخارجية لإقامة فروع لها في الخارج
ومراكز للبحث الأكاديمي وغيرها من الشراكات الثقافية والأكاديمية.
ولم يقل مسؤولو الوزارة إنهم يعتقدون أن
هناك مخالفات في هذه السجلات، لكن في إطار المراسلات والتواصل مع الجامعات تطرقوا إلى
نقاط أساسية مثل "الأمن والحرية الأكاديمية وغيرها من المخاوف المرتبطة بالتمويل
الأجنبي". يتواكب التصعيد في حملة وزارة
التعليم الأميركية مع ما أعلنته وزارة العدل مؤخراً بشأن تصعيد حملاتها على عمليات
التأثير الأجنبي غير القانونية في الولايات المتحدة، وبخاصة كل ما يُحتمل أن يمثل انتهاكاً
لقانون تسجيل الوكلاء الأجانب FARA، والذي يفرض على جماعات الضغط ولوبي التأثير لصالح
حكومات أجنبية وغيرها من الكيانات أن تكشف عن أي نشاط تقوم به لتعزيز مصالح الحكومات
الأجنبية.
وفى الأشهر الأخيرة، واجهت وزارة التعليم
ضغوطاً للقيام بدور أكبر في الحماية من التأثير الأجنبي المفرط، من خلال إنفاذ القوانين
التي تطلب من الكليات والجامعات أن تكون أكثر شفافية فيما يتعلق بعلاقاتها الخارجية. وقد نشرت "العربية.نت" تقارير عن جانب
من حملة الضغوط هذه، والتي تبنتها العديد من الصحف والمؤسسات الفكرية منها مؤسسة
"الدفاع عن الديمقراطيات"FDD وصحف "ديلي كولر" و"وول
ستريت جورنال" و"ناشيونال ريفيو" ووكالة أنباء "أسوشيتد برس".
بداية الخيط بدأت الحملة في العام الماضي
في أعقاب ما أشار إليه مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي خلال جلسة استماع
في مجلس الشيوخ حول التأثير الروسي في الانتخابات الأميركية، قائلاً إن هناك بعض
"السذاجة من جانب القطاع الأكاديمي".
وأوضح حينها أن الجامعات الأميركية تتعرض
لممارسات تمس الأمن القومي، مشيراً إلى ضرورة مجابهة مخاطر تجسس من الصين وغيرها. وفي فبراير الماضي، تبين من تحقيق أجرته لجنة فرعية
تابعة لمجلس الشيوخ عن معاهد "كونفوشيوس" الصينية أن هناك تقصيراً مالياً
واسع النطاق من جانب الكليات والجامعات التي تستضيف تلك المعاهد. وخلص التقرير إلى أن "إنفاق الحكومات الأجنبية
على المدارس الأميركية يعد بمثابة ثقب أسود". مؤسسات "خطرة" على الأمن وبادرت وزارة
التعليم بالسعي للحصول على سجلات شاملة حول تبرعات الصين وقطر للمؤسسات التعليمية. وتستشهد إشعارات الوزارة، مراراً وتكراراً، بأسماء
منظمات تعتبرها إدارة دونالد ترمب مصدر خطر على الأمن القومي الأميركي، مثل مكتب مجلس
اللغة الصينية الدولي، المعروف أيضاً باسم "هانبان"، الذي يدير معاهد
"كونفوشيوس"، وشركة "هواوي" للاتصالات و"مؤسسة قطر للتربية
والعلوم وتنمية المجتمع"، التي تقوم بتقديم تبرعات ضخمة لجامعات أميركية. بدورها، قالت ميغان دوبياك، المتحدثة باسم جامعة
"جورج تاون" التي طُلب منها تقديم سجلات تتعلق بعلاقاتها مع الصين وقطر وروسيا:
"لقد استخدمت الجامعة عملية دقيقة ومنهجية لفهرسة هدايا، أو عقود مع مصادر خارجية".
وقالت إن الجامعة "عملت مع وزارة التعليم لتوفير معلومات إيجابية تثبت
أنها أبلغت عن جميع المعلومات المطلوبة".
مؤسسة قطر والتلاعب لكن وزارة التعليم تشير إلى أن بعض الجامعات مثل جامعة
"تكساس إيه. أند إم" الأميركية وفرعها في الدوحة لجأ إلى حذف بعض البيانات
ولم يتم توثيقها في بعض الأحيان. وأوضحت وزارة
التعليم الأميركية على سبيل المثال أنه كان ينبغي أن تشمل تقارير جامعة "تكساس
إيه. اند إم" وفرع الجامعة في قطر، تلقي ملايين الدولارات من "مؤسسة قطر".
وأكدت مصادر عدة أن هناك كليات تخضع التحقيق
لشراكاتها مع "مؤسسة قطر". وفي محاولة
لتبرئة ساحتها قالت جامعة "كورنيل"، التي يشمل التحقيق مها أيضاً علاقاتها
مع الصين، إن فرع الجامعة في قطر "قام بتدريب وتخريج مئات الأطباء الشباب من الشرق
الأوسط وآسيا والعديد من الدول الأخرى (بما في ذلك الولايات المتحدة)"، فيما يُعد
ترويجا لإنجازات أكاديمية غير ذات صلة بما هو منسوب لها من تلاعب مالي ومخالفات للقوانين
الأميركية. وكانت "مؤسسة قطر" قد أثارت موجة من الشكوك حول تسترها على ممارسات
فساد في العام.
وبحسب ما أشار إليه تقرير "نيويورك
تايمز"، برز هذا الموقف جلياً عندما قامت "مؤسسة قطر" برفع دعوى قضائية
للحفاظ على سرية البيانات الخاصة بالمنح والتبرعات المقدمة منها لجهات أميركية، في
أعقاب تلقيها طلبا من مكتب السجلات العامة الأميركي بخصوص بيانات حول مدفوعات ونسخ
تعاقدات تمت بين المؤسسة وجامعة "تكساس إيه. أند إم" وقد رفضت "مؤسسة
قطر" تقديم البيانات المطلوبة بحجة أنها معلومات تجارية سرية وأن الإفصاح عنها
يعد "بمثابة إفشاء لأسرار تجارية".