من مكة إلى العراق ثم مصر.. محطات في حياة السيد البدوي
يعتبر مسجد السيد البدوى بطنطا، هو أشهر المعالم الموجودة بالمدينة والمحافظة بأكملها، ويأتى الية كل عام الملايين من مريدى المذهب الصوفى وغيرهم للاحتفال بذكرى مولدة والتى تأتى فى منتصف شهر أكتوبر.
ويعد السيد البدوى هو أشهر صاحب مقام فى مصر، ويأتى الية كل عام أتباعة ومريدية للاحتفال بذكرى مولدة فى منتصف شهر أكتوبر لمدة أسبوع فى مدينة طنطا التابعة لمحافظة الغربية.
هجرته إلى مكة
في سنة 603 هـ1206 م، عندما كان عمر أحمد البدوي سبع سنوات، هاجرت أسرته من فاس إلى مكة في رحلة أستغرقت حوالي أربع سنوات، وقد مروا بمصر في طريقهم، وعاشوا فيها فترة تقدر بحوالي ثلاث سنوات.
وهناك بعض القصص الصوفية تقول أن علي والد البدوي جاءه هاتف في المنام أن: يا علي، ارحل من هذه البلاد إلى مكة المشرفة، فإن لنا في ذلك شأنًا.
وقد توفي والده سنة 627 هـ1229 م، وبعدها بأربع سنوات توفي محمد شقيق البدوي، فلم يبقَ من إخوته الذكور أحد سوى شقيقه الأكبر حسن، وهو الذي تولى رعايته.
وبحسب مصادر الصوفية، فإن البدوي قد لزم منذ صباه العكوف على العبادة، وتعود الذهاب إلى مغارة في جبل أبي قبيس قرب مكة ليتعبد فيها وحده.
وبقي هكذا حتى بلغ ثمانية وثلاثين سنة من عمره، حينها قرر الرحيل إلى العراق مع أخيه حسن سنة 634 هـ1227 م.
الهجرة إلى العراق
طاف البدوي شمال العراق وجنوبه، وزار أم عبيدة بلدة أحمد بن علي الرفاعي ومركز الطريقة الرفاعية، كما زار مقام عبد القادر الجيلاني حتى اشتاق أخوه حسن لرؤية زوجته وأولاده، فأستأذن أخاه أحمد فأذن له.
وهناك عدة أقوال في سبب ترك البدوي لمكة ورحيله إلى العراق فقد أكد الإمام الأكبر عبد الحليم محمود شيخ الأزهر السابق أنه لم يتصرف من تلقاء نفسه كعادة غيره من الأولياء، وأنه رأى رؤيا تأمره بالرحيل إلى العراق.
كما ذكر آخرون أن أحمد البدوي أدرك أن مكة مع عظيم مكانتها أضيق من أن تتسع لطموحاته وآماله، ففكر في الهجرة إلى بلد واسع الإمكانيات البشرية والمادية، فهاجر إلى العراق، خصوصًا أنه قد عاش على أرضها العديد من الأولياء، وقطبين من أقطاب الولاية هما أحمد الرفاعي وعبد القادر الجيلاني.
واتجه أحمد البدوي بعد رحيل أخيه إلى العيش في شمال العراق، لزيارة ضريح عدي بن مسافر الهكاري صاحب الطريقة العدوية والذي يقدسه أتباع الديانة اليزيدية ويعتبرونه إلهًا.
وعندما كان بقرب الموصل حدث صراع بينه وبين امرأة اسمها فاطمة بنت برى وبحسب روايات الصوفية، فإن المرأة كانت غنية وجميلة، ولكنها مغرمة بإيقاع الرجال في شباك حبها.
فحاولت أن تفعل ذلك بالبدوي لكنها لم تستطع، ثم حاولت أن تجرّه إلى الزواج بها، لكن في نهاية الأمر يروي بعض المتصوفة أنها تابت على يديه، وعاهدته أن لا تتعرض لأحد بعد ذلك.
العودة إلى مكة
وبعد مرور سنة قضاها البدوي في ربوع العراق، عاد إلى مكة سنة 635 هـ1238 م ويذكر المتصوفة أن البدوي قد تغير تمامًا في سلوكه وعبادته بعد عودته من العراق، فأصبح يكثر من الصلاة والصيام بشكل غير معهود عليه، وأصبح طويل الصمت، طويل النظر إلى السماء، ولا يكلم الناس إلا بالإشارات ويفضل لزم الصمت حتى قلقت عليه أخته فاطمة، فكانت تنبه أخاها الحسن من نومه ليلًا تشكو إليه من حالته، ففي إحدى الروايات تقول له: ابن والدي، إن أخي أحمد قائم طول الليل، وهو شاخص ببصره إلى السماء ونهاره صائم، وانقلب سواد عينيه بحمرة تتوقد كالجمر، وله مدة أربعين يومًا ما أكل طعامًا ولا شرابًا.
الهجرة إلى مصر
وفي نفس عام عودته إلى مكة، قرر البدوي الرحيل إلى مصر، وبالتحديد إلى طندتا -وهي طنطا الحالية-، وقال عدد من الصوفية منهم عبد الوهاب الشعراني أنه لم يرجع إلى مكة، ولكنه سافر إلى مصر مباشرةً لهاتف منامي قال له: قم يا هُمام وسر إلى طندتا.
كذلك يتفق معه المناوي، ولكنه قال أن الهاتف المنامي قد قال للبدوي قُم (ثلاثاُ) وأطلب مطلع الشمس، فإذا وصلته فأطلب مغربها، وسر إلى طندتا فيها مقامك أيها الفتى.
وقد تعددت الآراء حول قرار البدوي الهجرة إلى مصر، والاستقرار تحديدًا بمدينة طنطا، فقد قيل أنه قد يكون للبدوي فكرة عن موقع طنطا المتوسط بين مدينتي القاهرة والإسكندرية بوسط دلتا النيل، فاستقر بها لنشر طريقته بسهولة.
وحسب مصادر الصوفية، عندما استقر البدوي بطنطا؛ أقام في دار تاجر اسمه «ابن شحيط» ويُعرف أيضًا باسم «ركن الدين»، وسكن فوق سطح داره.