قطعة فنية بمتحف طنطا تحكي كيف أثر المصري القديم في الوجود الأجنبي (صور)
الحضارة المصرية القديمة وتفردها، شئ لم يأت من فرغ، وليس نابع المصادفة أو جميل الحظ، بل هو راجع لشعب اعتز أيما اعتزاز بإنتاجه الفني واعتبره علمًا له بين الأمم، واعتبره من صميم اعتقاده حتى أنه أثر في الآخرين ولم يتأثر بهم.
قال الدكتور عماد بدير مدير عام متحف طنطا، إن مصر القديمة في الفترة المتأخرة من عمرها في الأسر التاسعة والعشرين والثلاثين، شهدت وجود مجموعات من الأجانب كانوا يعيشون بها، منهم الأشوريين والكوشيين والفرس.
وأضاف أنه على الرغم من هذا الوجود الأجنبي، فإن الفن المصري القديم وخاصة فن النحت لم يتأثر وظل النحات المصري حريصًا علي الاستمرار في إنتاج أعماله الفنية غير متأثرة بأي عوامل خارجية.
وأشار بدير إلى أن الآخرين هم من تأثروا بالمصريين وقلدوهم في أعمالهم وكل أمة جاءت إلى مصر تطبعت بما اعتاده المصريون بل ولما اعتنقوه أيضًا، ونستطيع أن نقول "إن المصري القديم غزا بفنه من حاولوا أن يحتلوه"، وقد أنتج العصر الفرعوني المتأخر مجموعة من الأعمال النحتية الجميلة، وخاصة في الأسرة التاسعة والعشرين والثلاثين والتي تميز فيها النحت من خلال صقل القطعة المنفذة.
وأحد أجمل القطع التي تركها لنا ذلك العصر –والكلام لدكتور عماد بدير مدير متحف طنطا- تمثال الملك "نابي-اف-عا-رود"، والمعروض في الصالة الرئيسية لمتحف طنطا، والذي يرجع لعهد الأسرة التاسعة والعشرين في مصر القديمة، وهو أحد أندر المنحوتات المصرية القديمة، وهو مصنوع من البازلت، لملك ويظهر عليه الملامح الفنية لتلك الفترة، يرتدي نقبة قصيرة "الزي الملكي" نقش علي وسطها حزام به خرطوش يحمل اسم الملك، وله مسند خلفي عليه ألقاب الملك الخمسة.
ويضم متحف طنطا الأثري 2005 قطعة أثرية من مختلف المواقع الأثرية في دلتا مصر، من صان الحجر "سايس" وصان الحجر "تانيس" وتل بسطة وبوتو وغيرها من المناطق الأثري التي أثرت المتخف بتلك القطع. ويعتبر المتحف أحد متاحف مصر الإقليمية والذي يمثل أهمية كبرى للمحافظة لأنه سيعمل علي خلق مناطق جذب سياحية جديدة بها، بالإضافة إلى نشر الوعي الأثري لدى أبناء المحافظة.
وتُعد فكرة إنشاء متحف للآثار بطنطا من أقدم مشاريع إنشاء المتاحف الإقليمية بمصر، حيث أنه في عام 1913 وقع الاختيار على مبنى البلدية الخاص بالمدينة ليكون أول متحف للآثار بالمحافظة، ولكن سرعان ما أُغلق، ونُقلت آثاره إلى مدخل سينما البلدية عام 1957، ثم عادت فكرة إنشاء متحف طنطا مرة أخرى في بداية الثمانينات من القرن الماضي، وافتُتح المتحف للجمهور في 29 أكتوبر 1990، ولكن بسبب المشكلات التي تعرض لها المبنى أُغلق المتحف مرة أخرى في عام 2000، ولكنه ظل يقدم بعضًا من خدماته الثقافية والتعليمية لأبناء المحافظة.
وأعمال تطوير المتحف بدأت في ديسمبر 2017، شملت ترميم مبنى المتحف ومعالجته إنشائيًا، وتغير دهانات الحوائط وتنظيف الأرضيات وجليها بالاضافة إلى وضع فتارين عرض جديدة، وتم تغيير سيناريو العرض المتحفي للمتحف، والذي من أهم ما يميزه هو فاترينة عرض خاصة يقدمها المتحف لزائريه، لعرض مجموعة من القطع الأثرية التي تعبر وتنقل فكرة التواصل الحضاري والثقافي للمجتمع المصري، وموضوعها الموالد وأولياء الله الصالحين.
وسوف يعرض بداخل هذه الفاترينة تمثال للمهندس أيمحتب، وأيقونة للسيده العذراء، وتمثال للمعبود أوزوريس، كما سوف تشرح المادة العلمية الملحقة بالعرض المتحفي لها تاريخ الموالد والاحتفال بأولياء الله الصالحين، ومنها الموالد في العصر المصري القديم مثل عيد الأوبت ومولد سيدي أبو الحجاج الأقصري، ومولد شيخ العرب السيد بمدينه طنطا، وأيضًا مولد السيدة العذراء والسيد البدوي.
ووزارة الآثار كانت قد أعلنت أن أعمال التطوير الإنشائي وإعادة العرض المتحفي لمتحف طنطا القومي بمحافظة الغربية انتهت وسيتم افتتاحه ضمن خطة الوزارة لتطوير وافتتاح المتاحف المغلقة في جميع أنحاء الجمهورية، وكانت الوزارة قد بدأت مشروع تطوير وترميم متحف طنطا القومي بمحافظة الغربية، وذلك ضمن خطتها لتطوير وترميم المتاحف والمواقع الأثرية، حيث أنه المتحف الأثري الوحيد الموجود في المحافظة، ويضم 8579 قطعة أثرية من مختلف العصور، والتي تتنوع بين العصور المصرية القديمة والرومانية واليونانية، وهو مغلق منذ عام 2000. وأعمال التطوير شملت ترميم مبنى المتحف ومعالجته إنشائيًا، ووضع فتارين عرض جديدة، كما قامت لجنة سيناريو العرض المتحفي بتغير سيناريو العرض الخاص به، كما تضمنت وضع سيناريو للعرض المتحفي بشكل جديد، وذلك لإبراز القطع الأثرية الموجودة به سابقًا بأفضل شكل، والتي تعبر عن عصور تاريخة مختلفة.
وينقسم سيناريو العرض المتحفي به إلي قسمين؛ القسم الأول يضم الاكتشافات الأثرية للحفائر التي تمت بمحافظة الغربية، والقسم الثاني يضم القطع التي ترمز للحياة اليومية والبعث والخلود. ومبني المتحف يتكون من خمسة طوابق، خصص الطابق الأول للخدمات، والطابق الثاني والثالث لعرض مختلف القطع الأثرية، والطابق الرابع مخصص للمكاتب الإدارية الخاصة بموظفي المتحف، أما الطابق الخامس فيه قاعة للمحاضرات والمؤتمرات، والمتحف سيمثل قبلة سياحية لمواطنى محافظات الدلتا لاحتوائه على مجموعة من القطع الأثرية التي تؤرخ تاريخ وحضارة الدلتا عبر جميع العصور.