عبر ودروس مستفادة من الهجرة النبوية الشريفة
هاجر النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكه المكرمة إلى المدينة المنورة في عام 622 للميلاد، وتعتبر الهجرة النبوية حدثا عظيما ومرحلة مميزة في نقل الدعوة الإسلامية، ويرجع أهمية حدث الهجرة النبوية لأهمية وعظمة الأشخاص الذين قاموا بها إلى جانب المكان الذي وقعت به، والنتائج التي ترتبت عليها في النهاية، والدروس والعبر المستفادة من الهجرة النبوية.
الهجرة النبوية، قام بها أعظم الخلق محمد عليه الصلاة والسلام، وتعتبر الهجرة النبوية كانت بين مكانيا لهما مكانة عظيمة ومن أفضل بقاع الأرض، تعلمنا من الهجرة النبوية الصبر والتحمل، وشملت في طياتها "النصر، والتوكل، والإخاء".
وقال الله تعالي في كتابه العزيز "إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ".
ومن هنا ننشر لكم دروس وعبر مستفادة من الهجرة النبوية:
العقيدة أغلى من الوطن.. من الدروس المستفادة من الهجرة النبوية:
خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- مهاجرين في سبيل الله، تاركين أرضهم ووطنهم، على الرغم من محبتهم لها ورغبتهم في العيش فيها، مصداقاً لما رُوي عن عبد الله بن عدي ابن الحمراء أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفاً على الحزورةِ فقال: واللَّهِ إنَّكِ لخيرُ أرضِ اللَّهِ، وأحبُّ أرضِ اللَّهِ إلى اللَّهِ، ولولا أنِّي أُخرِجتُ منكِ ما خرجتُ).
مخططات الظالمين باءت بالفشل:
قرر كفار مكة استخدام آخر ما في جعبتهم للتصدي لدعوة الإسلام، حيث اجتمعوا على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما أحاط فرسانهم ببيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليضربوه عند خروجه ضربة رجل واحد، كان التدخل الإلهي لإفشال مخطّطاتهم، فقد أمر الله -تعالى- النبي -عليه الصلاة والسلام- بالخروج من منزله، فخرج -عليه الصلاة والسلام- وهو يقرأ مطلع سورة يس إلى أن وصل إلى قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ)، فأخذ الله -تعالى- أبصارهم عنه، حتى أنه وضع التراب على رؤوسهم ولم يروه.
حِرص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الصحبة:
حرص الرسول على اختيار الصحبة في بداية الدعوة في مكة، وكان يلتقي بالوفود وبرفقته أصحابه رضي الله عنهم، ولمّا عزم على الهجرة سأل جبريل -عليه السلام- عن الصحبة، وكان هدفه -عليه الصلاة والسلام- من ذلك توضيح أهمية اختيار الصحبة الصالحة للأمة الإسلامية من بعده، وتأصيل قاعدة إسلامية مفادها أن الجماعة قوة، مصداقاً لما رُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (علَيكُم بالجماعةِ وإيَّاكم والفُرقةَ فإنَّ الشَّيطانَ معَ الواحدِ وَهوَ منَ الاثنَينِ أبعدُ).
أبو بكر الصديق والنبي عليه الصلاة والسلام:
ضرب أبو بكر الصديق المثل في حبه للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبكى من شدة فرحته عند علمه أنه سيرافق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رحلة الهجرة.
وفي الطريق كان يمشي تارة خلف النبي عليه الصلاة والسلام، وتارة أخرى أمامه ليحميه من أي خطر قد يتعرض له، ولما وصلوا إلى الغار سبقه إلى الداخل وقام بتنظيفه، وغيرها الكثير من المواقف التي لا يتّسع المقام لذكرها.
لا تتعجبوا من محبة الصديق -رضي الله عنه- لا سيّما أنه يعلم وجوب تقديم محبة رسول الله على النفس والمال والولد، مصداقاً لما رُوي عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ).
الأخذ بالأسباب:
بحث الرسول عن مكان يختفي فيه عن الأنظار إلى حين انتهاء حملة قريش للبحث عنه، فقرّر اللجوء إلى غار ثور، وسار في عكس اتّجاه المدينة المنورة، وكلّف رجلاً بالسير بغنمه خلفه ليُخفي آثار الأقدام، وطلب من رجل آخر أن ينقل له أخبار قريش، واستأجر من يدلّه على الطريق، وكلّف من يأتيه بالطعام والشراب كل يوم، ثم توكّل على الله تعالى.
السبب الرئيسي لمشروعية الهجرة النبوية يرجع إلى التالي:
نصرة الدين
اجتناب فتنة الكفار
هاجر الصحابة -رضي الله عنهم- مقدّمين مصلحة العقيدة على كل المصالح الدنيوية الأخرى.
واستقرّوا في المدينة المنورة، فتهيّأ بذلك الأمة والأرض وأصبح المناخ مناسباً لقيام المجمتع الإسلامي.
إقامة الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، فقد كانت أوّل دولة يقيمها نبي عبر التاريخ.
نعلم جيدا أن الدين الإسلامي دين يجمع بين العقيدة والشريعة والحكم، وقد تحقّقت العديد من النتائج من خلال إقامة الدولة الإسلامية، منها:
تأصيل مبدأ الأخوة بالله، ووحدة الصف من خلال وقوف المهاجرين والأنصار في صف للجهاد في سبيل الله، وبناء قوة الدولة الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية.