من "التسمية" إلى "التعليم".. تعرف على حقوق الطفل في القانون
عرّفت اتِّفاقية حقوق الطِّفل في عام 1989، "الطفل هو كلّ إنسانٍ لم يَتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سنّ الرشد قبل ذلك بموجب القانون المُنطبق عليه ومّما يُوضِّح أهميّة هذه الاتّفاقية وقيمتها توقيع عددٍ كبيرٍ من الدُّول عليها، فقد وقّعت ما يُقارب 193 دولة حول العالم عليها وصادقت على نُصوصها، كونها تضمّنت غالبيّة حقوق الطفل، تعريف الاتفاقية للطفل يُصنِّف الأطفال إلى صنفين، هُما الأفراد تحت سنّ الثامنة عشر، وهؤلاء مِعيارهم العُمر، والأفراد الذين بلغوا سنّ الرّشد قبل وصولهم لعمر الثامنة عشر، وهُنا تُطبّق عليهم أحكام القوانين الداخليّة في دولتهم لتحديد أعمارهم.
ما هي حقوق الطِّفل
حقوقُ الطفل هي مجموعةٌ من الحُقوق المُتخصّصة بالطِّفل، والتي تُعدّ حُقوقًا فرديّةً تَتماشى مع عمره واحتياجاته وتَتناسب مع صفاته، بكونه إنسانًا وفردًا ذا عمرٍ صغير لا يقدر على تلبية حاجاته ورِعاية نفسه إلّا بمساعدة شخص كبيرٍ آخر، ونصت اتّفاقية حقوق الطِّفل أن الأطفال هم الأشخاص الذين لم يتجاوزوا سنّ الثامنة عشر، والأطفال بحاجةٍ لرِعاية واهتمامٍ خاص من قبل ذويهم والقائمين عليهم، ولأجلِ ذلك تنبَّه العالم لأهميّة وضع ميثاق خاص للتعريف بحقوق الطفل، ليضمن لهم حقوقهم عبر توقيع دول العالم عليها ومُصادقتها على بنودها
تاريخ إتفاقية حقوق الطفل.
صدرتَ هذه الاتفاقيّة في 20 نوفمبر لعام 1989م، وبدأ العمل بها في 2 سبتمبر عام 1990م وتعدُّ الميثاق الرسمّي القانونيّ الأوّل الذي ألزم الدُّول التي صادقت عليه بتنفيذ ما نصّ عليه، وقد لقت رواجًا كبيرًا بين دول العالم، فوقّعت عليها ما يُقارب 193 دولة إلى الآن كما أسلفنا، وهو عددٌ ضخمٌ تجاوز عدد المنضميّن لهيئة الأمم المُتحدة وجاءت هذه الاتفاقية ضمن 54 مادّة، وبروتوكولين، والأخذُ بمضمونهما اختياريّ، وهي تُوضِّح حقوق الطفل الأساسيّة والمهمّة التي يجب مراعاتها ومنحها لجميع أطفال العالم، دون مُمارسة التمييز في ذلك.
مبادئ حقوق الطفل
أسّست اتِّفاقية حقوق الطِّفل مجموعةً من المبادئ العامّة والأساسية المهمّة والمُتعلِّقة بالطفل، مبدأ عدم التمييز يُعدّ مبدئًا مهمًّا ومحوريًّا، ويجمع الحقوق المَنصوصة للطفل كلها، ويقولُ بوجوب أنْ يَحظى الطفل بكلّ حقوقه دون أن يُنظر له بأيّ صورةٍ من صور التمييز، سواءً أكان مَصدر التمييز قائمًا على الطفل أو والديه أو وصيّه القانونيّ، أو ما يَتعلّق بهم من جنسهم، أو لونهم أو دينهم أو عِرقهم أو أصلهم القوميّ أو أصلهم الاجتماعيّ أو مقدار ثروتهم أو مقدار عجزهم، أو مكان ولادتهم، أو أيّ شكلٍ آخر من أشكال التمييز.
حق الطفل في الحياة والبقاء والنمّاء على أعلى وأقصى مستوىً ممكن
ويُعدّ كَذلك مبدأً تمّ إقراره والاتفاق عليه في أهمّ الأدوات الدولية لحقوق الإنسان، ويجمع الحقوق المَنصوصة للطفل كلها، وهو مُتعلِّق بالطفل وحياته ونموّه؛ حيثُ يَسعى إلى أن يُوفِّر للأطفال الرُضّع أحسن بدايةٍ لهم على هذه الحياة، كما يَسعى لتوفير أفضل رعاية للنّساء الحوامل وتحصين الأطفال ضدّ جميع الأمراض التي قد تُصيبهم سواءً أكانت ساريةً أم مُعديةً أم متوطّنة، وتغذيتهم تغذيةً متكاملةً مُتوازنة، وتحفيزهم نفسيًا ووضعهم ضمن بيئات صحيّة سليمة، وتشجيع تطوّرهم ونموّهم بشكلٍ متوازن، من خلال التسلية واللعب والمُشاركة في مُختلف الأنشطة الثقافيّة والمدنية.
مبدأ المصلحة الفضلى للأطفال
يقتضي إبداء مصلحة الطفل الفضلى وإعطائها الاعتبار الأول، ورفعها فوق الاعتبارات والحاجات الأخرى، حقّ الطفل في التّعبير بحريّة والمُشاركة: تُقرّ اتفاقية حقوق الطِّفل بكونِ الأطفالِ مواطنين قانونيين، ولأجل ذلك تسعى لإشراكهم في الأعمال والقرارت التي تخصُّهم وتُشدّد على ذلك، وتقتضي وجوب أخذ آرائه بعين الاعتبار بما يُناسب عمره وقدرته، وتُشجّعهم وتُعزّزهم ليكونوا مفاتيح تغيير.
حقُّ الطِّفل في الحياة
نصّت المادة 6، البند الأول في اتِّفاقية حقوق الطِّفل على "تعترف الدول الأطراف بأنّ لكل طفل حقًّا أصيلًا في الحياة"،حقِّ الطفل في النُّمو؛ إذ نصّت المادة 6، البند الثاني، في اتّفاقية حقوق الطفل على "تكفل الدول الأطراف إلى أقصى حدٍّ مُمكن بقاء الطفل ونموه"، حقّ الطفل في اللعب؛ إذ نصّت المادة 31، في اتّفاقية حقوق الطفل على أن "تعترف الدّول الأطراف بحقّ الطفل فى الراحة ووقت الفَراغ ومُزاولة الألعاب وأنشطة الاستجمام المُناسبة لسنّه، والمُشاركة بحريّة فى الحياة الثقافيّة وفى الفنون، وهو حقٌّ مُقدّس تكفّلت به المواثيق الدّولية والإسلامية والإقليمية، والأديان كلها لما له من آثارٍ إيجابيّة كثيرة في حياة الأطفال، فحسب العالم الألماني كارلبيولر، المُتخصّص في علم النّفس إنّ اللعب له أهميّةٌ في نموّ عقل الطفل، كما أكدّ ذلك العالم الروسي ماكارينكو إذا قال بأنّ اللعب له بالغ التأثير في تَشكيل شخصيّة الطِّفل.
حقّ الطفل في التّعليم
نصّت المادة 31 في اتّفاقية حقوق الطفل على أن "تعترف الدّول الأطراف بحقّ الطفل في التعليم، وتحقيقًا للإعمال الكامل لهذا الحق تدريجيًّا وعلى أساس تكافؤ الفرص"؛ حيثُ ضمِن القانون توفّر حقّ التعليم للأطفال جميعًا دون النظر لأيّ صورةٍ من صور التمييز، وألزم الدولة بحماية هذه الحق وتطبيقه، كما أنّ هُناك العديد من الطُّرق لمُحاسبة الدُّول التي تنتهك هذا الحق وتحرم منه أحدًا حقوق الطِّفل في الإسلام جاء الإسلام ليؤكّد على حُقوق الطّفل بصفته إنسانًا لا يقلُّ أهميّةً عمّن يكبره سنًّا، ومن ضمن الحقوق التي جاء بها وأقرّها للطفل الآتي: الحق في الحياة حرّم الله قتلَ الإنسانَ بشكلٍ عام، فقال في كتابه: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ)، وحرّم كذلك قتل الأبناء بشكلٍ خاص، ليُظهر الله بالغَ رحمته ورعايته بالطِّفل الذي لا إثم له، وللتّأكيد على أنّ قتلَ الأبناء من أعظم الذنوب التي تستحقّ في المُقابل أعظم العقوبات، وليُبيّن أنّ الطِّفل إنسانٌ مستقلٌ يجبُ حمايته ومراعاة حقوقه، فقال:(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وقال تعالى (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا).
حقوق الطفل في التسمية
إنّ لكلّ شيءٍ في هذا الكون اسمًا يُعرفُ به، وإنّ الإنسان لهو أحقُّ الكائنات بأنْ يُسمّى بأفضل الأسماء، كونه سيُعرف بهذا الاسم بين الناس والملأ الأعلى، ويُنادى به، إضافةً لتأثير الاسم على جوانب كثيرة في شخصيّة الطفل، فلذلك من حَقّ الطفل على والديه أن يُسمّوه باسمٍ حَسَنٍ فعن أبي الدرداء رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّكم تدعونَ يومَ القيامةِ بأسمائِكُم وأسماءِ آبائِكُم فأحسِنوا أسماءَكُم)
الحق في التوجيه والإرشاد
تبّين من خلال الدّراسات التربويّة أنّ لبيئة الطفل المُحيطة به أثرٌ كبيرٌ على شخصيّته؛ فهو يَكتسب منها قيمه ومُعتقداته وسلوكيّاته، وذلك من خلال تفاعله معها، ولأجلِ ذلك أعطى القرآن الكريم لجانب التّوجيه والنُّصح والإرشاد عنايةً خاصّة، وبالرّجوع إلى كتاب الله والسنّة النبوية يُلاحظ أنّ أكثر المَواضيع ذكرًا بعد مواضيع العقيدة هي مواضيع السّلوكات الاجتماعيّة والآداب، حيثُ إنّه من النّادر أن تجدَ سورةً مكيّةً لا تحتوي على حثٍّ على الواجبات الاجتماعية، وكذلك السّور المدنية فإنّ منها ما نَزل بشكلٍ كامل عن السلوك الاجتماعي.