تعرف على الهجرة النبوية
الهجرة النبوية تُعرّف الهجرة لغةًَ على أنها الخروج من أرضٍ إلى أخرى، أما الهجرة النبوية فتُعرّف على أنها خروج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة في السادس عشر من يولية عام ستمائة واثنين وعشرين للميلاد،
[١] ومن الجدير بالذكر أن الهجرة النبوية كانت حدثًا تاريخيًا عظيمًا، حيث كانت خطوةً انتقاليةً في الدعوة الإسلامية من المرحلة المكية إلى مرحلة المدنية، بالإضافة إلى أن عظم الأحداث تُقاس بعِظم الأشخاص الذين قاموا بها، وما ترتّب عليها من النتائج، وعِظم الأماكن التي حدثت بها.
[٢] وقد قام بالهجرة أعظم وأشرف الخلق؛ وهو محمد صلى الله عليه وسلم، وفي أطهر وأشرف الأماكن على الإطلاق؛ وهي مكة والمدينة، وفي الحقيقة أن هذا الحدث العظيم قد غيّر مجرى التاريخ، وكان درسًا للبشرية في التضحية، والصبر، والإخاء، والصحبة، والتوكل، والنصر، وتمخّض عنه عزّ الإسلام، وتمكين المسلمين، ورفع راية الحق، وإقامة الدولة الإسلامية، حيث قال تعالى: (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
ويحتفل المسلمون في كل عام بالسنة الهجرية، والتي تُصادف اليوم الأول من شهر محرم، وفي هذا اليوم تُعلن الكثير من الدول العربية الإسلامية العطلة الرسميّة، وتُقيم الاحتفالات التي تتمثل بتوزيع الحلوى، وسرد سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما يتبادل المسلمون بهذا اليوم المعايدات، ويتمنّون لبعضهم دوام الصحة والعافية، إضافة لإقامة العبادات الدينيّة المختلفة، كإقامة الصلاة وتقديم الصدقات.
بداية رأس السنة الهجرية بدأت السنة الهجرية عند المسلمين عندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنوّرة، وكان ذلك في عام 622 ميلاديّ، فكانت أول سنة للهجرة وبعدها توالت السنوات وحُسبت على أساس رؤية الهلال، وإثبات بداية شهر مُحرم، وفي الآونة الأخيرة اعتمد بعض العلماء التقويم الحسابي لإعلان بداية رأس السنة الهجريّة، وجاء ذلك بعد الاختلافات في تحرّي الهلال. أيام السنة الهجرية والسنة الميلادية
إنَّ السنة الهجرية تقل عن السنة الميلادية بما يُقارب عشرة أيام، وذلك لأن كل شهر في السنة الهجرية يتراوح من 29 يومًا إلى 30 يومًا، أما السنة الميلادية فيزداد عدد أيام أشهرها، فينحصر عدد أيام كل شهر من 30 يومًا إلى 31 يومًا، إلا شهر شباط فيبلغ 28 يومًا وكل أربع سنوات يُصادف أن تتراوح أيامه 29 يومًا فتُسمى السنة بالكبيسة آنذاك.
مظاهر الاحتفال برأس السنة الهجرية
تركيا: تطلق الدولة الألعاب الناريّة ابتهاجًا ببداية العام، ويتجمهر العديد من الناس أمام تلك الألعاب، كما يتم توزيع الحلوى على الأطفال.
السعودية: تعلن السعودية أول يوم برأس السنة الهجرية يوم عطلة رسميّة لكافة الدوائر والمؤسسات، وتبدأ المساجد بها بإقامة الصلوات وإعطاء الدروس الدينيّة التي تتضمن الحث على الصلاة والصيام وإقامة العبادات، وتتضمن الحديث عن سيرة الرسول محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
الأردن: تعلن المملكة الأردنيّة عطلة رسمية في ذلك اليوم، ويتبادل أفراد الشعب المعايدات الدينية فيما بينهم، وزادت تلك المعايدات بعد التطور التكنولوجي الذي وصل إليه العالم، كما يوزّع أفراد الشرطة الحلوى على الناس.
لماذا هاجر خاتم الانبياء؟
خاتم الأنبياء والمرسلين هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر، ويرجع نسبه إلى عدنان، فهو من أشرف السلالات وأكرمها، ومن قبيلة قريش أشرف القبائل وأشهرها، أمّه آمنة بنت وهب، توفي والده وهو جنين في بطن أمه، وعندما بلغ من العمر بضع سنين توفيت والدته أيضًا، فتولّى أمر رعايته جده عبد المطلب.
عندما بلغ ثماني سنين توفّي جده، فانتقل لرعاية عمّه أبي طالب، وبعد ذلك أصبح يرافقه في تجارته، ثم اشتهر بتجارته الرابحة وبصدقه وأمانته، فبلغ خبره السيدة خديجة فعرضت عليه تولّي أمر تجارتها فقبل، ثم تزوّجها وأنجبت له البنين والبنات، وعند بلوغه أربعين سنةً بدأ الوحي يتنزّل عليه من لدن الله عزّ وجل؛ حيث بعثه الله نبيًا ورحمةً للعالمين.
الدعوة المحمدية وموقف الكفار منها بدأت دعوة رسول الله -محمد صلى الله عليه وسلم- سرًا؛ حيث دعا أهله وأقرب الناس إليه لدخول الإسلام وتوحيد الله وعبادته، فكان من أوائل من دخل الإسلام من الرّجال أبو بكرٍ الصدّيق -رضي الله عنه-، ذلك الصحابيّ الجليل الذي صدّق برسالة نبينا الكريم، كما صدّقه بكل ما يلفظ به من قول.
بعد بضع سنين أجهر الرّسول الكريم بدعوته، فاستشاط الكفار غضبًا، فكذّبوه وردّوا عليه دعوته، وناصبوه العداء، فآذوه وآذوا صحبه ومن آمن برسالته وأنزلوا بهم أشد العذاب، فكان أبو بكرٍ الصاحب الوفيّ والصديق الصدّيق، فدافع عن رسولنا دفاع الحبيب لمحبوبه، فعلم الله ما في قلبه من صدقٍ وإيمان فاختاره من بين الخلق أجمعين ليصحبه في هجرته من مكة إلى المدينة، ولمّا بلغ بالمؤمنين العذاب الشديد أذِن الله لرسوله بالهجرة.
هجرة الرسول من مكة إلى المدينة اجتمعت قريش يومًا لتبحث بأمر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين معه، فانتهى بهم الأمر إلى قتله، واختاروا من كل قبيلة شابًا قويًّا ليتفرّق دمه بين القبائل وكي يصعب الثأر له، فنزل جبريل -عليه السلام- على سيد المرسلين وأمره بعدم المبيت في بيته هذه الليلة، فذهب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى بيت أبي بكرٍ الصديق، وأخبره بأنّ الله قد أذن له بالهجرة، فقال له أبو بكرٍ: الصحبة يا رسول الله، فجهّز أبو بكر راحلتين وأخذ كلّ ما يملك من المال، وأمر رسول الله عليًّا بالمبيت في فراشه تلك الليلة ليتوهّم المشركون أنّ رسول الله نائمٌ في فراشه، وعند حلول الظّلام تجمّع الحاقدون عند بيت رسول الله ومعهم سيوفهم الحادة، عندها خرج رسول الله من بيته وحثا التراب على رؤوس أعدائه واخترقهم دون أن يشعروا به ومضى في رعاية الله وحفظه.
في الصباح استيقظ المجرمون من غفلتهم وعلموا أنّ عليًا من كان نائمًا في فراش الرسول، فعلمت قريشٌ بالخبر فجنّ جنونها، فراقبت الطرق، وأعلنت عن جائزةٍ ثمينةٍ لمن يأتي بمحمدٍ وصاحبه، وفي هذه الأثناء اتّجه رسول الله مع صاحبه إلى غار ثور ومكثا فيه بضع ليالٍ، وخلال هذه الأيام كان عبد الله بن أبي بكرٍ يأتي لهما بالأخبار، وكانت عائشة وأسماء تأتيان بالطعام، وكان راعي أغنام أبي بكرٍ يأتي باللبن وكذلك كان يمرّ بالغنم ليلًا على آثار أقدام عبد الله ليمحو الأثر، واستأجر رسول الله عبد الله بن أريقط ليدلّه على الطريق، وكان كافرًا ولكن خبيرًا عالمًا بالطرق.
انتشر الكفار بحثًا عن الرسول حتى وصل بعضهم إلى مكان وجوده، فنظر أحدهم إلى داخل الغار ولكنّ الله أعمى بصره فلم يرَ شيئًا، فخاف أبو بكرٍ أن يراهما أحد، فقال له الرسول الكريم: يا أبا بكرٍ ما ظنّك باثنين الله ثالثهما، وبعد ثلاثة أيامٍ؛ حيث خفّ الطلب واللحاق بهما خرج رسول الله وصاحبه وعبد الله بن أريقط، في الطريق يراهم سراقة بن مالك فيلحق بهما ليلقي القبض عليهما ويفوز بالجائزة، ولكن الله تعالى جعل أقدام فرسه تغوص في الرمال مرّة تلو الأخرى حتى طلب من رسول الله النجاة ويكفُّ عن اللحاق بهما، فكان له ذلك، فرجع أدراجه وأصبح كلما مرّ به أحد من المشركين يقول له لم أر أحدًا في هذا الطريق.
مرّ رسول الله بامرأةٍ يقال لها أم معبدٍ، فطلب منها الطعام، فقالت له: إنّ شياهها هزيلةٌ ولا يوجد فيها اللّبن، فطلب رسول الله منها إحدى الشياه الهزيلة فمسح بيده الشريفة على ضرعها فتفجّرت العروق باللبن، فشرب رسول الله وسقى المرأة وصاحبه ثم ارتحل، وعندما أصبح على مشارف المدينة سمع الأنصار بخبر قدومه، فخرجوا لاستقباله بالأناشيد والتكبير فرحين بقدومه.