مجلس السيادة السوداني: لن يقف أمام أهداف ثورة الشعب عائق
أكد محمد حسن التعايشي عضو مجلس السيادة السوداني أن أعضاء مجلس السيادة عازمون ومصممون على العمل معاً من أجل تحقيق أهداف ثورة الشعب السوداني. وقال التعايشي، العضو الشاب في مجلس السيادة الذي وجد أكبر تضامن شعبي لمساندة وصوله لعضوية المجلس، لـ«الاتحاد» إنه «لن يعجزنا أي عائق عن وضع السودان على الطريق الصحيح وتحقيق الأهداف التي ناضل من أجلها الثوار».
وأضاف أنه لا يخفى على أحد أن السودان في
وضع لا يحسد عليه، وأن هناك قضايا أساسية لابد من حلها، وفي مقدمتها وضع حد للحرب الأهلية،
وإزالة التشوهات التي لحقت بكل هياكل الدولة السودانية على مدى الثلاثين عاماً الماضية
من حكم النظام البائد. وأوضح أن هذين الأمرين تحيط بهما تعقيدات كبيرة للغاية، لكنه
أعرب عن ثقته بأن السودانيين الذين صنعوا ثورة ديسمبر المجيدة، ومعهم القوى السياسية
الأخرى والعسكريون الذين ارتضوا أن يكونوا شركاء في هذه المرحلة الفارقة ليس أمامهم
سوى خيار واحد، هو التنازل لصالح شراكة تعبر بالبلد إلى بر الأمان.
وتابع أن لديه إحساساً عميقاً بأنه ليست
هناك عقبات تستطيع أن تعوق هذا المسار الذي ارتضاه الشعب السوداني. وأضاف أنه ليس هناك
أي خيار لدى العسكريين والمدنيين سوى الشراكة، والخيارات الأخرى كلها خيارات «شريرة»
وستقود البلد لأوضاع لا يحمد عقباها. وقال: «أنا متفائل أننا نستطيع أن نعبر بالبلد
إلى بر الأمان».
ورداً على سؤال حول العلاقة بين أعضاء المجلس
السيادي من العسكريين والمدنيين وكيف دارت الاجتماعات الأولى بينهم، قال التعايشي:
أعضاء المجلس السيادي يتمتعون بقدر كبير من المسؤولية تجاه الوطن، كما أنهم يتمتعون
بقدر كبير من الوعي، ويدركون بعمق حجم المخاطر التي تهدد البلد، وكان واضحاً بالنسبة
لي من الاجتماعات الأولى لأعضاء المجلس العسكري أنها جاءت معضدة لهذه الشراكة والتفاهم
المشترك، وأكدت أن أولويات العمل المشترك لأعضاء المجلس في مقبل الأيام هي تحقيق السلام
والاستقرار في السودان، والعمل من أجل رفع المعاناة والأعباء عن كاهل السودانيين.
وحول التمثيل المتميز لجيل الشباب والنساء
في مجلس السيادة، قال: هذا التغيير الكبير الذي يحدث في الخريطة السياسية السودانية
نابع من طبيعة ثورة ديسمبر، والتفاعلات العديدة التي أدت إليها على جميع الأصعدة السياسية
والاجتماعية وفي بنية العقلية السودانية لفترة طويلة، وهو ما أدى إلى بروز دور المرأة
السودانية والشباب بشكل كبير، وإلى بروز قيادة جديدة، وهو مؤشر على أن السودانيين يرغبون
في تأسيس دولة جديدة بمضامين جديدة، وهو ما سيؤدي إلى تغييرات جذرية كبيرة.
وحول العلاقة بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء
وقوى الحرية والتغيير خلال الفترة الانتقالية، أكد التعايشي أن الاتفاق السياسي والوثيقة
الدستورية قد حددا بشكل واضح خطوط التلاقي والاستقلال بين هذه الهياكل الانتقالية،
وأن قوى الحرية والتغيير سيكون لنوابها والنواب الآخرين في المجلس التشريعي مهام الرقابة
والمساءلة والتشريع خلال الفترة الانتقالية.
ورغم تفاؤله بمستقبل السودان وما يمكن أن
ينجزه التغيير الذي أطاح بحكم النظام المخلوع، إلا أن التعايشي قال: «لا نستطيع أن
نتجاهل صعوبات وتحديات إعادة هيكلة الدولة السودانية، وإزالة التشوهات والفساد الهيكلي
والإداري الهائل الذي لحق بهيكل الدولة القديمة».
وأوضح التعايشي أنه رغم الإرادة القوية
للحركات المسلحة وقوى التغيير في إنجاز عملية سلام شامل، إلا أن هناك تعقيدات كبيرة
تحيط بهذه العملية، وهو الأمر الذي يجب الانتباه إليه، فهناك ارتباطات لهذه القضية
بقضايا السلطة والثروة والنازحين وملكية الأرض وطريقة إدارة الدولة وغيرها من القضايا
المعقدة، فضلا عن تركة النظام السابق في كيفية تحقيق السلام، والعقلية الميالة لعقد
تسويات سياسية فوقية، وتنحو لعقد شراكات سياسية وليس حل جذور الأزمة. وأضاف أن ملف
وقف الحروب وتحقيق السلام هو ملف مهم ينطوي على كثير من المخاطر، وإذا لم يضع السودانيون
في اعتبارهم التعقيدات العديدة المحيطة به، لن ينجحوا في إيجاد تسوية تاريخية تعالج
قضايا الحرب والسلام، وتنهي هذه الحقبة المريرة في تاريخ السودان.
وحول أول قرارات مجلس السيادة التي اتخذها بحسم تجاه التطورات في ولاية البحر الأحمر بشرق السودان، قال التعايشي: إن مجلس السيادة تعامل بحساسية عالية مع الأوضاع في شرق السودان لعدد من الاعتبارات الأمنية والاستراتيجية، فشرق السودان هو بوابة السودان الاقتصادية، كما أنه بوابة الأمن القومي السوداني، وكذلك بوابة الأمن الإقليمي، وبالتالي أي توتر أمني فيه لا يجب أن يمر مرور الكرام، ولا ينبغي التعامل معه مثل أي منطقة أخرى، كما أن التصعيد الذي حدث في الصراع بين مكوناته القبلية ليس له أي أسباب موضوعية تجعله سببا للقتل والحرق، وبالتالي أخذ المجلس السيادي الأمر مأخذ الجدية، واتخذ قرارات سياسية حكيمة تتناسب مع الأحداث التي راح ضحيتها 29 شخصا، إضافة إلى خسائر فادحة في الممتلكات. وأضاف: «أعتقد أن مثل هذه القرارات والإجراءات ستعمل على تعديل المناخ العام في البلد، وستتخذ من الاحتياطات ما يؤدي إلى إخماد الفتنة». وأوضح أن الأمر متعلق أيضاً بظروف انعدام التنمية وعدم الاستقرار السياسي، وهي القضايا التي يجب حلها في المدى القريب، ولكن لابد أن تبسط الدولة هيبتها وأن يأخذ القانون مجراه. وشدد على أن السودان يمر بمرحلة تغيير جذري، سينعكس سياسياً واقتصادياً وأمنياً على منطقته العربية ومحيطه الأفريقي، وعلى جيرانه وأشقائه أن يدركوا أن السودان الذي يتشكل الآن سيكون أحد أركان السلام ورسل التواصل في المنطقة والإقليم، وسيعيد السودان إلى مكانه الطبيعي في منطقته والعالم.