د. بكري عساس يكتب: مصر تتحدث عن نفسها

ركن القراء

د. بكري عساس رئيس
د. بكري عساس رئيس جامعة أم القري السابق


من لندن إلى القاهرة في زيارة مع الأهل خلال إجازة عيد الأضحى المبارك لمدة أربع أيام، رافقنا خلالها الصديق الكريم الاعلامي المصري عبد الناصر زيدان. 
 
تم ترتيب برنامج الزيارة بأن يكون اليوم الأول مخصص لزيارة متحف مقياس مستوي مياه النيل خلال موسم الفيضان السنوي في حي المنيل بالقاهرة والذي كان يقوم به المصريون منذ أقدم العصور ليتعرفوا على ارتفاع النيل لعلاقته الوثيقة بري الأرض وتحصيل الخراج، وذكر مدير المتحف في شرحه أن السد العالي يقوم بهذا الدور في الوقت الحالي.  

بعدها ذهبنا لزيارة متحف سيدة الغناء العربي أم كلثوم وقضاء بعض الوقت لمشاهدة عرض فيديو تسجيلي عن مسيرتها الفنية وما قدمته للمجهود الحربي ولكثير من شرائح المجتمع المصري. 

في اليوم الثاني كان البرنامج لزيارة المسرح القومي المصري في منطقة الأوزبكية في وسط القاهرة القديمة والذي تم تأسيسه عام 1869م، وقدم خلال مسيرته الكثير من روائع المسرح العالمي، وفي السنوات الاخيرة شهد تألق عمالقة تمثيل المسرح على خشبته منهم سيدة المسرح العربي سميحة أيوب ويحي الفخراني وغيرهم، وعبر مشاركة فنانين كبار في عروضهم المسرحية التي من أبرزها مسرحية" أهلاً يا بكوات" بطولة حسين فهمي وعزت العلايلي ومسرحية "الملك لير" بطولة يحي الفخراني. 

شاهدنا خلال الزيارة مسرحية المتفائل بطولة سامح حسين ونصر الصائغ ونجوم فرقة المسرح القومي إخراج اسلام امام، المسرحية مأخوذة من رواية "كانديد" للكاتب الفرنسي فو لتير الذي كتبها عام 1759م وتدور أحداثها حول شاب برئ عاش وترعرع في منزل خاله الذي اسند تعليمه الي أحد المعلمين الذي قام بترسيخ فكرة المتفائل وحسن النية داخله مما عزله عن العالم الخارجي وجعله يتوسم الخير في الجميع وينظر للحياة بنظرة مشرقة للغاية. 

وكان عملا توفرت فيه كل مقومات النجاح والتميز، لتنوع النص من غناء وأداء حركي وتمثيل. 

اليوم الثالث والاخير كان جولة في القاهرة القديمة بداً بقصر عابدين وحديقة الأزهر وخان الخليلي وكالعادة قضاء بعض الوقت في مقهى نجيب محفوظ بمنطقة الحسين. 

في هذا المقهى بالذات يتميز العاملين فيه بالروح المرحة وسرعة البديهة ومن أجمل ما سمعت عند طلب الأبن من العامل شراب(اليانسون) ويقال(ينسون) باللهجة المصرية وإذا به يرد" لا يوجد ينسون ولكن لدينا يتذكرون "وكانت نكته ولا أروع تؤكد على خفة دم اخواننا المصريين، بعدها تناولت طعام العشاء مع مجموعة من الأدباء والاعلاميين في فندق الفصول الأربعة المطل على نهر النيل. 

مرة أخري عمار وتحي مصر، لقد شعرنا براحة ومتعة كبيرة ونحن نزور هذا البلد الكريم مصر الحبيبة.

قال شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدته بعنوان (مصر تتحدث عن نفسها):
وقف الخلق ينظرون جميعا        كيف أبني قواعد المجد وحدي
إن مجدي في الأوليات عريق     من له مثل أولياتي ومجدي