الفضاء الروسية: موسكو مستعدة لتزويد الصين بمحركات الصواريخ
أعلن المدير العام لوكالة الفضاء الروسية "روس كوسموس"، دميتري روغوزين، اليوم الثلاثاء، استعداد روسيا لتزويد الصين بمحركات الصواريخ وإطلاق أقمار صناعية صينية على صواريخها.
رائدا فضاء روس كوسموس أنطون شكابليروف وألكسندر ميسوركين خلال مهمة السير خارج محطة الفضاء الدولية، والتي اتسغرقت مدة 8 ساعات و 12 دققة
وأشار روغوزين في مؤتمر صحفي أن روسيا تعول على استيراد الإلكترونيات الدقيقة من الصين "التعاون في مجال خدمات النقل - إطلاق مركبات فضائية صينية بصواريخنا لنشر كوكبة متعددة من الأقمار الصناعية، قبل عمليات التسليم المحتملة لمحركات الصواريخ. ومن الصين، توفير الإلكترونيات الدقيقة اللازمة، التي قد نحتاج إليها".
كما أكد روغوزين أن هناك خطط لمواصلة التعاون بين موسكو وبكين في مجال الملاحة عبر الأقمار الصناعية.
العلاقات الروسية - الصينية
نهاية الاتحاد السوفياتي سنة 1991 كانت بداية جديدة للعلاقات الروسية - الصينية التي تعيش اليوم ازدهارا يصل إلى درجة التحالف غير المعلن بين بكين وموسكو. وبدلا من الخلافات الآيديولوجية بين العملاقين الشيوعيين، حلّ تعاون متعدد المستويات وتنسيق يمتد من الحدود البرية المشتركة إلى مجلس الأمن الدولي.
يلتقي البلدان الكبيران على طول أكثر من أربعة آلاف كيلومتر شهدت منذ القرن السابع عشر تقدما للمستوطنين الروس الذين كانوا يتوسعون في سيبيريا ليصلوا إلى منشوريا حيث كانت اللقاءات الأولى بين الإمبراطورية الصينية والتجار والمغامرين الروس قبل أن تتطور العلاقات وتمر بمراحل من الصعود والهبوط بسبب ظروف ثنائية أو دولية.
ففي القرن التاسع عشر انحازت روسيا إلى الدول الأوروبية في سعيها إلى فرض أقصى التنازلات على الصين ضمن سلسلة من المعاهدات المجحفة بحق الصينيين. وبعد الثورة البلشفية، ساعدت روسيا السوفياتية «الكيومنتانغ» ضد خصومه من أمراء الحرب وأرسلت عددا من المستشارين العسكريين.
واستمرت العلاقات على هذا النحو أثناء صراع الصينيين ضد الاحتلال الياباني إذ وقفت موسكو إلى جانب الصين وأقنعت الزعيم الشيوعي ماو تسي تونغ بالانضمام إلى القوات الوطنية لطرد الاحتلال الياباني.
ففي القرن التاسع عشر انحازت روسيا إلى الدول الأوروبية في سعيها إلى فرض أقصى التنازلات على الصين ضمن سلسلة من المعاهدات المجحفة بحق الصينيين. وبعد الثورة البلشفية، ساعدت روسيا السوفياتية «الكيومنتانغ» ضد خصومه من أمراء الحرب وأرسلت عددا من المستشارين العسكريين.
واستمرت العلاقات على هذا النحو أثناء صراع الصينيين ضد الاحتلال الياباني إذ وقفت موسكو إلى جانب الصين وأقنعت الزعيم الشيوعي ماو تسي تونغ بالانضمام إلى القوات الوطنية لطرد الاحتلال الياباني.
وبعد انتصار الثورة الشيوعية في 1949، بدا أن عصرا جديدا قد بزغ ليضم الاتحاد السوفياتي والصين. بيد أن ذلك لم يعمر طويلا بسبب ما اعتبره ماو تحريفا للعقيدة الشيوعية بعد نقد الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف للستالينية. ووقعت صدامات مسلحة بين الجانبين سنة 1969 واستمر التوتر في العلاقات حتى أواسط الثمانينات مع بريسترويكا ميخائيل غورباتشوف، لكن التحسن الحقيقي حصل بعد اختفاء الاتحاد السوفياتي وترسيم الحدود النهائية بين البلدين في أواسط التسعينات.
هذه الخلفية التاريخية تفيد في تلمس الأطوار التي مرت بها العلاقة بين البلدين الكبيرين قبل أن يكتشفا جملة من المصالح المشتركة تجعل من روسيا والصين مرشحتين لاحتلال مواقع رئيسية على الخريطة الدولية.
فهناك أولا الاقتصاد. وتصدر روسيا قسما كبيرا من حاجات الصين إلى النفط والغاز، حيث تحتل تجارة الطاقة المركز الأول في التبادل التجاري بين البلدين. ورغم ذلك يميل الميزان التجاري إلى مصلحة الصين التي تصدر إلى روسيا الآلات والتجهيزات والإلكترونيات وغير ذلك. ويأمل الصينيون والروس بوصول حجم تجارتهم إلى مائتي مليار دولار بعد أقل من خمسة أعوام خصوصا أن العقوبات الغربية على موسكو بعد احتلال القرم قد حملت روسيا على زيادة تعاونها مع الصين.
يضاف إلى ذلك اتفاق التبادل النقدي، حيث اتفق الجانبان على تسهيل تحويل العملتين الوطنيتين - الروبل واليوان - ما أضفى قدرا من الاستقرار المالي في البلدين، في إطار سعي الجانبين إلى تقليص سطوة الدولار الأميركي في الأسواق العالمية.
فهناك أولا الاقتصاد. وتصدر روسيا قسما كبيرا من حاجات الصين إلى النفط والغاز، حيث تحتل تجارة الطاقة المركز الأول في التبادل التجاري بين البلدين. ورغم ذلك يميل الميزان التجاري إلى مصلحة الصين التي تصدر إلى روسيا الآلات والتجهيزات والإلكترونيات وغير ذلك. ويأمل الصينيون والروس بوصول حجم تجارتهم إلى مائتي مليار دولار بعد أقل من خمسة أعوام خصوصا أن العقوبات الغربية على موسكو بعد احتلال القرم قد حملت روسيا على زيادة تعاونها مع الصين.
يضاف إلى ذلك اتفاق التبادل النقدي، حيث اتفق الجانبان على تسهيل تحويل العملتين الوطنيتين - الروبل واليوان - ما أضفى قدرا من الاستقرار المالي في البلدين، في إطار سعي الجانبين إلى تقليص سطوة الدولار الأميركي في الأسواق العالمية.
الجانب الثاني، وقد يكون الأهم، هو ظهور طموحات استراتيجية عند كل من الرئيسين فلاديمير بوتين وشي جينبينغ، استطاعا أن ينزعا عنها طابع التنافس والصراع وأن يجدا عددا من المصالح المشتركة. مشروع «مبادرة الطريق والحزام» الذي تسير بكين فيه لم تشعر موسكو حياله بالتوتر، بل رحبت به لاعتقادها أنه سينعكس إيجابيا على الاقتصاد الروسي بل وعلى تحسين قدرة روسيا في الوصول إلى أوروبا. في المقابل، تبدي الصين قبولا للمساعي الروسية لتشكيل المزيد من هيئات التعاون الإقليمية والدولية والتي قد تكون «بريكس» و«معاهدة شنغهاي» من أشهرها لكنها تتضمن أيضا مصرف التنمية المشترك.
هذه المشاريع وغيرها تتأسس على رؤية استراتيجية روسية تتجه نحو إنشاء كيان أوراسي يشمل ما تسميه موسكو «الجوار القريب» أي الدول السوفياتية السابقة في وسط آسيا والقوقاز. وحتى الآن، ليس من سمة سياسية واضحة لهذا الكيان المقترح الذي لا تمانع روسيا في أن يكون اقتصاديا فضفاضا في المرحلة الأولى على أن يكتسب طابعا سياسيا لاحقا قوامه وقف تمدد حلف شمال الأطلسي والنفوذ الأميركي في آسيا خصوصا، وهذا ما لا تمانع الصين في رؤيته يتحقق على أرض الواقع.
هذه المشاريع وغيرها تتأسس على رؤية استراتيجية روسية تتجه نحو إنشاء كيان أوراسي يشمل ما تسميه موسكو «الجوار القريب» أي الدول السوفياتية السابقة في وسط آسيا والقوقاز. وحتى الآن، ليس من سمة سياسية واضحة لهذا الكيان المقترح الذي لا تمانع روسيا في أن يكون اقتصاديا فضفاضا في المرحلة الأولى على أن يكتسب طابعا سياسيا لاحقا قوامه وقف تمدد حلف شمال الأطلسي والنفوذ الأميركي في آسيا خصوصا، وهذا ما لا تمانع الصين في رؤيته يتحقق على أرض الواقع.
هذا المشروع يمهد للجانب الثالث من العلاقات الروسية - الصينية الحالية، ويتلخص في أن التوتر الصيني - الأميركي بسبب التعرفات التجارية والاتهامات الأميركية للصين بسرقة التكنولوجيا المتقدمة (بعدما تراجع الاهتمام بمسألة حقوق الإنسان في الصين من جدول الأعمال الأميركي) يستدعي البحث عن حليف قوي مثل روسيا يستطيع إزعاج الولايات المتحدة حيث لا تتوقع، على غرار مسارعة بكين وموسكو إلى مساندة نظام الرئيس الفنزويلي نيقولا مادورو بعد التهديدات التي أطلقها ضد الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
بكلمات ثانية، يساعد تراجع نفوذ الغرب، ليس بوصفه سيطرة سياسية واقتصادية تقودها واشنطن فحسب، بل أيضا بوصفه سعيا إلى تعميم مجموعة من القيم التي كان الغرب يراها «كونية»، مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والحوكمة الرشيدة... إلخ، على تمدد البدائل التي يشكل التحالف الروسي - الصيني الضمني أحد أبرز تجلياتها، وهو تحالف يستند إلى تشابه في الطبائع الشخصية لكل من الرئيسين بوتين وشي، وهذا أمر لا تنقصه الأهمية في عالم اليوم، وإلى لقاء عريض في المصالح والتصورات المستقبلية، وهذا الأهم طبعا. وهو ما يعمل الجانبان على تحويله إلى حقائق راسخة في الأعوام القليلة المقبلة.