الحسيني الكارم يكتب: خراب البيوت.. أجيال واهية

ركن القراء

الحسيني الكارم
الحسيني الكارم


"بيت المهمل يخرب قبل بيت الظالم" مثل مصري أوسعنى جدي رحمه الله حديثا عنه، وردده على مسامعي مرارًا وتكرارًا، منذ حداثتي، لتقومني خُلقًا، وعلمًا، ولتيقظ ضميري دومًا، وبعد أن توفاه الله ترحمت على ما علمني إياه، وما غرسه في نفسي من قيم ثمينة لا تباع ولا تشترى.

الفساد والإهمال، يختلفان من حيث النية، ويتفقان من حيث النتائج، فكلاهما قاتل، يدمر أجيال لا حصر لها، خاصة وإن كان القائم عليه والمتسبب فيه قدوة، ومثلا أعلى، فنحن نعيش في حقبة لا ظلم فيها ولا ظلمات، ويحارب رئيسها عبدالفتاح السيسي كافة أشكال الفساد بأسلوب ممنهج وفقًا لآليات رقابية شديدة الانضباط، ولكن هل الرئيس ورجاله يقومون بدور الرقابة على الضمير، فوق كل الأعباء التي يتحملونها من تصحيح مسارات اقتصادية، والنهوض بالدولة، ومكافحة الإرهاب، وتطوير البنية التحتية، والتعليم والصحة، والصناعة وغيرها، قطعا الإجابة بلا، ولكن هناك من يتربصون بفسادهم لأولادنا ولأجيالنا التي يعد الرئيس كل شيئ من أجل راحتهم وتوفير مناخ مناسب وفقا لدولة يسودها العدل والقانون.

يبدأ تقويم النشئ منذ الصغر في المدرسة والبيت معًا، لا يتجزءا، فدور المعلم لا يقل عن دور الوالدين والعكس، فكم معلم يقوم بالدور التربوي على أكمل وجه، وكم ولي أمر يتابع هذه النقطة الحساسة، فالأدب فضلوه عن العلم، والوزارة سبق تعليمها تربيتها، وتقويمها، فإذا كان رب البيت بالدف ضاربًا، فما بالك بباقي أفراد الأسرة، إذا بدأنا بتأهيل المعلم وتحميله المسئولية تجاه الأجيال التي تخرج من تحت يده، خاصة في ظل حروب الجيل الخامس والسادس التي ينتهجها البعض لهدم الهوية المصرية، ومحو الانتماء لدى الأجيال القادمة فقل على الدنيا السلامة.

رأيت كثيرًا كم من معلم ومن مدرب يدخن برفقة طلابه، وبرفقة أعضاء فريقه، وكم رأيت منهم لا يقوم ضميره رقيبا عليه، فقط يؤدي واجبه كموظف، لا كمثال ولا كقدوة، فهل نعيب على المستوى الأخلاقي المتدني الذي وصل إليه الجيل الحالي، أم نلوم على من تسبب في ذلك، وهنا لا أعمم، فهناك كثيرون أفاضل يراعون الله وضميرهم، في كل ما يقومون به من واجبات إعمالا بالأية الكريمة، "وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"، إيمانًا منهم بدورهم التربوي.

كم من موظفًا تسبب في رفع حالة الضغط على القيادة السياسية، بسبب عرقتله لمصالح المواطنين، عن عمد لهدف التربح بالرشوة، أو عن غير عمد بالتكاسل، فالبسطاء يطلقون تعبير ولفظ الحكومة على كل مؤسسات الدولة، ويحملون الرئيس كل النتائج والأسباب، ولا يفصلون، فهل جزاء رئيسنا الذي أرسلته لنا عناية السماء أن يواجه بكل هذه الضغوط دون مساعدته، أم قرروا أن يعاقبوه على قوله مرارا وتكرارا أنه لا مكان لفاسد بيننا.

لا يصح في ظل خطط تطوير التعليم التي تنتهجها وزارة التربية والتعليم، وفقا لتوجيهات القيادة السياسية، وفي مقدمتها الرئيس، أن يقوم عليها بعض المدرسين غير المؤهلين والأسوياء، لكوننا لم نحقق خطوة واحدة للأمام بل نعود  عشرات الخطوات للخلف، ونساعد عدونا على تدمير أجيالنا التي من المفترض أن تحمل راية البناء والتعمير التي رفعها الرئيس السيسي، فهذا الرجل لا يعمل لأجل مال ولا جاه، بل لأجل كرامة أمة ورفع مكانتها وشأنها،

 وما يحزنني وبحزن اي مواطن مصري اصيل هو انسياق شبابنا وراء الذوق المفروض عليهم، خلف ما يسمون أنفسهم بفنانين ومطربين، يجمعون الملايين، ولا نجني من خلفهم إلا انتشار الانحلال والفساد والاقتداء بالأعمال الإجرامية التي يقدمونها، أين ذهبت هويتنا المصرية، هل انتهي جيل "قف للمعلم وفيه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا"، من الذي جني على من؟

حان وقت توحيد الصف لا لمقاطعة الفاسدين، بل لاستئصال أوراهم السرطانية من جسد الوطن، واسترجاع هويتنا التي كان يتحاكي العالم عن عظمتها، وذوقها، وتراثها، وتاريخها، وخلقها، حان وقت الاستماتة في الدفاع عن وطننا، وتعميم روح الانتماء والوطنية، وتجهيز جيل بمثابة جيش مدني يصطف خلف قواته المسلحة وشرطته وحكومته، للمحاربة على كافة الأصعدة، والتنمية على كافة المحاور.