الجارديان: يجب علي المصريين منع بلادهم من الانحدار إلى الفوضى

أخبار مصر

الجارديان: يجب علي
الجارديان: يجب علي المصريين منع بلادهم من الانحدار إلى الفو

نشرت صحيفة الجارديان مقالا للكاتب وضاح خنفر اورد فيه ان الرئيس المصري محمد مرسي سيتم السنة الأولى في منصبه يوم الاحد. و بدلا من أن يكون هذا الحدث مناسبة للاحتفال - بأول رئيس منتخب - يخشى كثيرون من ان تمثل الذكرى السنوية بداية لانهيار النظام السياسي في مصر. ودعت المعارضة لاحتجاجات حاشدة ضد مرسي والإخوان المسلمين في هذا اليوم. على الرغم من ان المعارضة والاحتجاج هو حق سياسي في ظل النظام الديمقراطي، يمكن أن تؤدي هذه الاحتجاجات الي انقلاب ضد العملية الديمقراطية، ويمكن أن يغرق مصر في دوامة من العنف والفوضى.

هناك العديد من الانتقادات حول أداء مرسي وسلوك جماعة الإخوان المسلمين منذ سقوط حسني مبارك. حيث ظهرت عدم قدرتهم على إجراء حوار جدي مع القوى السياسية المعارضة، وتسهيل المشاركة الحقيقية. كما اتخذت قرارات احادية الجانب بشان عدد من القضايا التي كانت بحاجة إلى إجماع وطني. في محاولات على مدى العام الماضي لمنع الرئيس والإسلاميين، و رفضها لنتائج الانتخابات الحرة، تحاول المعارضة تغيير قواعد اللعبة الديمقراطية.

وقد ارتكبت المعارضة خطأين جسيمين محظوران سياسيا. أولا، بالمطالبة باستقالة مرسي، تحالفت المعارضة مع فلول النظام السابق وأجهزة الأمن التي تم حلها. في مقابلة نشرت الأسبوع الماضي، مع صحيفة الحياة اللندنية، قال محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور الليبرالي، : ان كلمة فلول قد أصبحت الآن شيئا من الماضي، و من الضروري احتضان أولئك الذين لم يرتكبوا جرائم من النظام السابق . كما اكد شريكه في جبهة الخلاص الوطني، حمدين صباحي، المرشح الرئاسي اليساري الناصري ، هذا الموقف في مقابلة مع التلفزيون المصري. ووصف أولئك الذين يعارضون أي تحالف مع فلول النظام السابق بأنهم مراهقين سياسيين ضيقي الأفق .

وتزامنت هذه التصريحات مع العديد من الأحكام القضائية التي برأت عدد كبير من كبار شخصيات النظام السابق. في يونيو 2012 ، برأت المحكمة مبارك من الفساد. كما الغي حكم سابق يدينه بتهمة التآمر لقتل المتظاهرين خلال الثورة. ويجري الآن اعادة محاكمة الرئيس السابق وسط الارتباك حول التهم التي لا تزال قائمة ضده.

وقبل بضعة أيام برأت المحكمة عددا من أعضاء جهاز أمن الدولة المنحل، من بينهم رئيس الجهاز ومساعد في وزارة الداخلية. كما برأت محكمة أخرى أبنائه، جمال وعلاء، في عدد من التهم الموجهة إليهم. تعطي عملية تبرئة وزراء مبارك السابقين ومساعديه الانطباع ان هناك عملية لتطهير التاريخ، كما لو أن 30 عاما من الطغيان والفساد كانت وهم، و ليس لها أساس واقعي. وقال فهمي هويدي، و هو صحفي مصري بارز، : إن مهرجان البراءة للجميع ليس مجرد مزحة، ولكنه انعكاسا حقيقيا لموقف القضاء تجاه رأس النظام السابق، أعوانه وبقاياه.

و كان ثاني خطأ هو دعوات المعارضة للجيش للتدخل واسقاط الرئيس المنتخب. إذا كان لمرسي إنجاز ديمقراطي حقيقي ، فقد كان إبعاد الجيش عن السياسة وإقالة عدد من أعضاء المجلس العسكري السابق. فقد أقنع قيادة الجيش الجديد بعدم التدخل في العملية الانتقالية، وبالتالي فإنه من المثير للسخرية أن تدعو المعارضة الآن – و هي جزء من ثورة ضد عقود من الحكم العسكري - الجيش للتدخل، وأن يرفض الجيش المشاركة في العملية السياسية.

و طلب وزير الدفاع، اللواء عبد الفتاح السيسي، الشهر الماضي من جميع الأحزاب السياسية وقف مطالبة الجيش بالتدخل ، قائلا انه يجب أن يكون صندوق الاقتراع الوسيلة الوحيدة للتغيير. ومع ذلك، لا يزال يأمل بعض المعارضين في تدخل الجيش، وخصوصا إذا تخلل العنف احتجاجات يوم الاحد. هناك مخاوف من أن تثير عناصر أمنية مرتبطة بالنظام السابق أعمال العنف، و مهاجمة المنشآت الحكومية لإجبار الجيش علي السيطرة.

يعزز الوضع الاستقطاب السياسي في مصر، حيث يصر أنصار مرسي على مقاومة محاولات الاطاحة به. تحسبا لاحتجاجات يوم الاحد، دعت الأحزاب الإسلامية لتجمعات عامة. كان اول تجمع لهم يوم الجمعة الماضي في وسط القاهرة، وكان ضخما. و من الواضح ان الإسلاميون يريدون إظهار أنه لا يزال لديهم التأثير الأكبر في الشارع، وأنه إذا لجأت المعارضة إلى مظاهرات واسعة سوف تنقلب لصالح الإسلاميين.

يمثل معظم قادة المعارضة ،الذين يصفون أنفسهم بأنهم ليبراليين ويساريين، النخبة السياسية التي ليس لها وجود واسع في الشوارع. و قد أكدت صناديق الاقتراع هذا مرارا وتكرارا. و هم يأملون ان يمنحهم تحالفهم مع النظام السابق السلطة والنفوذ: لا يزال لدي نظام مبارك نفوذا في عدد من القطاعات الرئيسية، بينها الأجهزة الأمنية والقضاء ورجال الأعمال. كما ان لديهم تأثيرا كبيرا من خلال ملكيتهم لوسائل الإعلام.

يمر الشرق الأوسط باخطر مرحله انتقالية منذ الحرب العالمية الأولى. يمكن أن يكون تأثير الانتفاضة السورية، و انتشارها في لبنان والعراق، وصعود التوترات الطائفية إلى مستويات غير مسبوقة، له انعكاسات جذرية خارج المنطقة. يزيد انحدار مصر الي حالة من الفوضى، من الخطر وعدم الاستقرار في المنطقة بأسرها. يجب ألا يسمح المصريين لهذا أن يحدث. لا يزال لديهم فرصة لبناء مستقبل أفضل. لا يوجد بديل لحوار وطني جدي في مصر، يلتزم فيه جميع الأطراف بالعملية الديمقراطية - حتى لو كان ذلك يتعارض مع رغباتهم.