خطوة استفزازية جديدة لطهران تكشف نواياها في زعزعة أمن واستقرار المنطقة
كشف مسؤولون أمريكيون، اليوم السبت، أن طهران أقدمت على خطوة استفزازية جديدة تكشف نواياها في زعزعة أمن واستقرار المنطقة، وتؤكد كونها تهديداً إقليمياً ودولياً كبيراً، بعد الأزمة التي افتعلتها وأذرعها المنتشرة في المنطقة، باستهدافها لناقلات النفط في مضيق هرمز، الأمر الذي تكرر في أكثر من حادثة خلال الأشهر الماضية.
ونقلت شبكة
"سي إن إن"، اليوم السبت، عن مسؤولين أمريكين قولهم، إن واشنطن تمتلك صوراً
سرية تكشف أن إيران تستعد لإطلاق صاروخ في الأسبوع المقبل، الذي يزعم الإيرانيون أنه
قمر صناعي سيتم وضعه في مداره لأغراض سلمية، لكن الولايات المتحدة ترى أنه يعزز من
تطوير صواريخ إيران، وهو ما قد يزيد من التوترات المتصاعدة في المنطقة.
وكان زير الاتصالات
الإيراني، محمد جواد آذري جهرمي، صرح، أمس الجمعة، أن "القمر الصناعي "ناهيد
1" أصبح جاهزاً لتسليمه لوزارة الدفاع، على أن يتم قريباً إطلاقه ووضعه في المدار"،
مضيفاً أن "القمر الصناعي ناهيد -1، المخصص للاتصالات سيتموضع في مدار على ارتفاع
250 كلم من الأرض"، كما قال أيضاً إن "فترة بقاء القمر في مدار حول الأرض،
تستغرق شهرين ونصف الشهر، وسيتم خلالها، إلى جانب إنجاز المهام الموكلة إليه، اختبار
تقنيات جديدة للعلماء الإيرانيين في مجال فتح وإغلاق الخلايا الشمسية المتحركة".
وتدعي طهران أن
"الإطلاق سيكون للأغراض السلمية"، ولكن المسؤولين الأمريكيين، قالوا، بحسب
سي إن إن، "إن الصواريخ الحاملة للأقمار الصناعية الإيرانية تستخدم تكنولوجيا
مطابقة لتكنولوجيا الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية، وهو ما يساعدها
في تطوير صاروخ باليستي عابر للقارات، وهو النوع الذي يمكنها من ضرب الولايات المتحدة
في يوم من الأيام".
ويأتي هذا بينما
أكدت واشنطن وحلفاؤها مراراً أن تجارب إيران للصواريخ الباليستية تنتهك العقوبات وكذلك
القرار الأممي 2231 الصادر عن مجلس الأمن بشأن إيران عام 2015.
وينص قرار مجلس
الأمن الدولي الذي صادق على الاتفاق النووي الإيراني الموقع عام 2015 مع قوى كبرى على
"دعوة" إيران للإحجام عن تطوير الصواريخ الباليستية المصممة لحمل رؤوس نووية،
وذلك لمدة تصل إلى 8 سنوات.
صور زيادة النشاط
وأظهرت صور أقمار
صناعية حصلت عليها CNN
والتقطتها "بلانيت لابس ومعهد ميدلبري"، نشاطًا متزايداً
في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك وجود مركبات وحاويات شحن يُعتقد أنها متورطة في
الإطلاق.
وقال باحث أول
في مركز دراسات منع الانتشار النووي بمعهد ميدلبري، ديف شمرلر، لشبكة سي إن إن:
"يبدو أنهم يستعدون لإطلاق"، مضيفاً أن "وجود حاويات الشحن الكبيرة
يشير إلى أنه من المحتمل وجود صاروخ في المجمع (القاعدة الإيرانية ذات منصة لإطلاق
الصواريخ)"، معتبراً أن مناطق معينة من القاعدة الفضائية تميل إلى أن تكون خالية
من النشاط ما لم يتم إطلاق الصاروخ".
وتابع أنه
"من غير المحتمل أن يرتبط الصاروخ ببرنامج طهران للصواريخ الباليستية"، مشيراً
إلى أن "الصاروخ تم تعديله لإطلاقه في الفضاء وليس للأهداف العسكرية".
لكن العديد من
مسؤولي الدفاع والمخابرات الأمريكيين يؤكدون على أن إيران تعمل على تحسين مدى ودقة
جميع صواريخها، الأمر الذي أثار قلقاً من إمكانية استهداف حلفاء الولايات المتحدة والقوات
الأمريكية في المنطقة بالصواريخ الإيرانية في حالة حدوث حرب محتملة مع طهران.
دفاعات إضافية
وفي هذا الشأن،
قال الكولونيل المتقاعد، سيدريك لايتون، محلل الشؤون العسكرية بشبكة CNN، إن "الإيرانيين
يستخدمون هذه البرامج بطريقة يمكنها في الواقع تعزيز جوانبها العسكرية المختلفة".
وأضاف، إن الإيرانيين
"يحاولون أن يقولوا، إنه "بغض النظر عن العقبات التي تضعها واشنطن في طريقهم،
لكن هذه العقوبات ستكون بلا فائدة، لأنهم سيستمرون في المحاولة لجعل أنظمة أسلحتهم
عاملاً إقليمياً على الأقل، إن لم يكن عاملاً عاملياً ".
وفي الأشهر الأخيرة
، قررت الولايات المتحدة نشر المزيد من صواريخ "باتريوت" في الشرق الأوسط
بعد تصاعد التوتر مع إيران والتهديدات المتبادلة.
وفي مايو الماضي،
قال بيان صادر عن وزير الدفاع بالإنابة باتريك شاناهان، إنه "وافق على إرسال البارجة
"يو اس اس آرلنغتون" (LPD-24)، وبطارية صواريخ باتريوت إلى القيادة المركزية بالشرق
الأوسط، للانضمام إلى حاملة الطائرات "يو اس اس أبراهام لينكولن" والقاذفات
بالشرق الأوسط، وذلك رداً على التهديد الإيراني المتنامي بشأن شن عمليات عدائية ضد
القوات الأمريكية ومصالحها".
وأضاف البيان أن
"وزارة الدفاع تراقب عن قرب أنشطة النظام الإيراني وقواته المسلحة ووكلائه"،
مشيراً إلى أنه لن يتم تحديد أماكن تمركز القوات للدواعي الأمنية.
ويثير تطوير إيران
السريع لمجموعة واسعة من الصواريخ البالستية وصواريخ كروز، القلق في المنطقة وخارجها،
كما يهدد السلام الإقليمي والدولي.
وتعد ميليشيات
الحوثي الانقلابية في اليمن من بين أكثر المستفيدين من الصواريخ الإيرانية، حيث أطلقت
المئات منها إلى السعودية مستهدفة مناطق مأهولة بالسكان، فيما نجح الدفاع الجوي للملكة
في إسقاط معظمها.
أمن الملاحة البحرية
ويأتي هذا في وقت
تسعى فيه واشنطن إلى بناء تحالف بحري في الخليج لحماية الملاحة التجارية مع زيادة وتيرة
العمليات ضد السفن وناقلات النفط الأجنبية خلال الفترة الماضية.
وتزايد القلق من
نشوب حرب في الشرق الأوسط تأتي بتداعيات عالمية منذ أن انسحبت الولايات المتحدة العام
الماضي من الاتفاق النووي المُبرم مع إيران عام 2015، وأعادت فرض العقوبات عليها وقفزت
قضية أمن الملاحة في الخليج، الذي يمرّ عبر نحو 5 إمدادات النفط العالمية، إلى صدارة
الأجندة العالمية منذ مايو (آيار) عندما اتهمت واشنطن طهران بالوقوف وراء تفجيرات ألحقت
أضرارا بستّ ناقلات على مدى عدة أسابيع.
ومنذ ذلك الحين،
تتسارع وتيرة المواجهة بين إيران والغرب، حيث أرسلت الولايات المتحدة في 5 مايو (أيار)
مجموعة هجومية تضم حاملة طائرات وقاذفات إلى الشرق الأوسط، فيما أعلنت إيران في 8 مايو
(أيار) أنها ستخفف بعض القيود المفروضة على برنامجها النووي، قبل أن تحذر البحرية الأمريكية
في العاشر من الشهر ذاته من هجمات إيرانية محتملة على حركة الملاحة في الخليج.
ويقول الكاتب فارس
بن حزام في "الحياة" اللندنية إن "فتيل الحرب مع إيران في المنطقة لم
ينزع حتى الآن، وفرص اندلاعها قائمة إلى يومنا هذا، رغم هدوء مضيق هرمز منذ اختطاف
السفينة البريطانية قبل 4 أسابيع".
وشدّد، اليوم السبت،
مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية على أن الولايات المتحدة تعتبر إيران تهديداً
لمنطقة الشرق الأوسط وللحلفاء، وأكد أن الولايات المتحدة لا تخفف من اندفاعة سياساتها
ضد إيران وتأثيرها في المنطقة.
وفي حديث مع مجموعة
من مندوبي وسائل الإعلام، أشار المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه والاكتفاء بالإشارة إليه
كمسؤول في وزارة الخارجية، إلى أن إيران تعطي أسلحة للحوثيين وهم يهدّدون المرافق والمرافئ
السعودية بالطائرات المسيّرة والصواريخ.
وحذر تقرير جديد
من أن التوترات المتصاعدة بين إيران والولايات المتحدة جلبت الشرق الأوسط إلى شفا هاوية
خطيرة. وقالت "المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات"، وهي مركز فكري للأمن الدولي
مقره في بروكسل، في تقرير لها، إن "أي خطأ في الحساب أو تصعيد من جانب واحد يمكن
أن يدفع المنطقة بأكملها وبسهولة إلى صراع مدمر لا يدَّعي أحد بأنه يريده".