قطر تعترف بانتهاكات حقوق العمال ومكتب الاتصال يسارع بحذف البيان
بعدما أصدر مكتب الاتصال الحكومي القطري اعترافا صريحا بضعف النظام المالي وشح السيولة، وهو يحاول تبرير سبب تأخر دفع أجور العمال الأجانب، أدرك بعد وقت قصير خطورة الاعتراف ليسارع إلى حذفه من موقعه ومواقع جميع الصحف القطرية.
وكشف الرد القطري
على تقارير انتهاكات حقوق العاملين في مشاريع البنى التحتية لمونديال 2022 الذين يواصلون
احتجاجاتهم منذ أيام، عمق الأزمة المالية والاقتصادية التي تعاني منها الدوحة.
وأقر مكتب الاتصال
الحكومي في قطر بوجود أزمة سيولة عميقة في بيان ملتبس ومراوغ وهو يحاول إعلان ما أسماه
بـ”نتائج التحقيق في الإضراب السلمي لعدد من العمال”.
وقال البيان إن
السلطات “فتحت تحقيقا في الإضراب الذي نفذه عمال في منطقة الشحانية يوم الرابع من أغسطس
الجاري وقد تم اعتقال الموقعين المفوضين من الشركتين المعنيتين”.
وأكد البيان أن
«السبب وراء التأخير في دفع أجور العمال جاء نظراً لوجود تدفق نقدي سلبي لدى شركتين
حدث نتيجة التأخر في الدفع من قبل عناصر أخرى في سلسلة التوريد» دون ذكر تلك أسماء
العناصر المسؤولة عن نقص السيولة المالية، الذي يهدد بإفلاس تلك الشركات.
وسرعان ما أدرك
مكتب الاتصال الحكومي خطورة الاعتراف بأن الشركات والنظام المصرفي يعاني من أزمة سيولة،
ليحذف البيان بعد وقت قصير من موقعه وكذلك من جميع مواقع الصحف القطرية.
ورجحت مصادر مطلعة
أن الجهة التي لم يتم ذكرها في البيان ما هي إلا شركات حكومية أو مدعومة بشكل مباشر
من الحكومة التي تمر بعجز مالي خانق فشلت في تجاوزه وحصر ارتداداته.
وفي محاولة لتغطية
تلك التداعيات أعلنت السلطات القطرية عن تسديد رواتب العمال المضربين لتجاوز الفضيحة
وإغلاق ملف انتهاك حقوق العمال الذي يطفو على السطح كلما تجندت الدوحة لإخفائه.
وجاء الرد القطري
المراوغ بعد أيام من فضيحة الإضرابات التي نفذها عمال في شركات تعمل في بناء منشآت
رياضية لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر.
وتداول نشطاء على
مواقع التواصل الاجتماعي منذ الأسبوع الماضي مقاطع فيديو لمظاهرات غير مسبوقة لعمال
في قطر، احتجاجا على أوضاعهم.
وظهرت في الفيديوهات
حشود كبيرة من العمال الوافدين وهم يقطعون أحد الطرق لتنفيذ إضراب عن العمل نتيجة الظروف
القاسية التي يعيشونها وعدم حصولهم على مستحقاتهم. وأبدت السلطات القطرية مرونة غير
معهودة في التعامل مع إضرابات العمال الأخيرة، حيث وثّقت شهادات ميدانية مواكبة شرطة
مكافحة الشغب لعمّال مضربين ومتجمّعين في منطقة المدينة الآسيوية بالدوحة دون أن تحاول
تفريقهم بالقوّة.
وفسّر مراقبون
سلوك الدوحة المعروفة عادة بعدم التسامح مع أي حركة احتجاج، بالرغبة في تطويق الانتقادات
الدولية وتفادي أي صدى إعلامي يمكن أن يكشف حجم الصعوبات التي تمر بها بسبب المقاطعة
العربية.
وكانت السعودية
والإمارات والبحرين ومصر قد قطعت العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية وخطوط النقل مع
قطر في يونيو 2017 بسبب دعم الدوحة للإرهاب.
ويشهد الجهاز المصرفي
القطري نقصا حادا في السيولة نتيجة نزوح المستثمرين وسحب عدد كبير من المؤسسات والأفراد
في دول مجلس التعاون الخليجي لودائعهم وتصفية أصولهم الموجودة في قطر، خاصة من الإمارات
والسعودية.
وقفزت قيمة إصدارات
قطر من أدوات الدين المحلية، خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 45.57 بالمئة
على أساس سنوي لتصل إلى 7.92 مليار دولار، مقارنة بـنحو 5.44 مليار دولار في الفترة
نفسها من العام الماضي.
ويأتي ارتفاع إصدارات
الدين المحلية رغم مزاعم وزارة المالية القطرية بترجيح تسجيل فائض في الموازنة بقيمة
4.3 مليار ريال في 2019.
وفشلت الدوحة في
الالتزام بتحقيق وعود سابقة خاصة بتعديل قوانين العمالة لديها بسبب الأزمة المالية
التي تمر بها، وتوجيه أنظارها نحو تمويل مشاريع أكثر أهمية من حقوق الإنسان مثل دعم
الجماعات الإسلامية في بعض بلدان العالم التي تشهد صراعات.
وقالت منظمة “هيومن
رايتس ووتش” في تقرير حديث أن الدوحة لم تنفذ قرار إلغاء نظام الكفالة الاستغلالي،
الذي يغذّي الانتهاكات ويمنح أصحاب العمل سلطة مفرطة على العاملين. ولا يزال القانون
القطري يحظر على العمال الوافدين الانضمام إلى نقابات أو المشاركة في إضرابات.
وتصدت السلطات
القطرية منذ أشهر إلى محاولة مجموعة من العمال الوافدين الاحتجاج على سوء ظروفهم المهنية
وتأخر رواتبهم، حيث تم منعهم من التظاهر ليتحوّل الاحتجاج السلمي إلى أعمال شغب نجمت
عنها خسائر مادية، في ظلّ تعتيم إعلامي تام من مختلف وسائل الإعلام القطرية.
وأنفقت الدوحة
على مدى سنوات عشرات مليارات الدولارات لتحسين صورتها وتعزيز نفوذها خارجيا عن طريق
شراء عقارات ومصارف وأندية لكرة القدم في أوروبا، وهو ما ألقى أعباء كبيرة على اقتصادها
واضطرها إلى زيادة الاقتراض المحلي والخارجي.
وتجد الدوحة نفسها
في عزلة دولية خانقة وهي تتخبط في فخ خطير بين محاولة إرضاء واشنطن وبين ارتباط مصالحها
مع خصوم الإدارة الأميركية في إيران وتركيا في سياسات دعم الجماعات المتطرفة.