إيمان كمال تكتب: هل يعيد هاني شاكر حساباته كنقيب الموسيقيين؟
بعد فوز هانى شاكر مجددا بكرسى نقيب الموسيقيين، أول ما تبادر إلى ذهنى أننا أمام سنوات جديدة من القرارات المتعسفة بالمنع وفرض السيطرة على ذوق الجمهور بما يرضى جانب الذوق الرفيع ومجموعة الأوصياء على الفن.. والبنى آدميين أيضا، وهى الصورة التى رسمها النقيب لنفسه بقراراته التى خذلت كل من يرى أن الفن حرية وتذوق وليس إكراها أو إجبارا، ولا أنكر أننى قررت هذه المرة أن انظر إلى نصف الكوب الملآن كما يقولون.. وفكرت بجدية هل يمكن لهانى شاكر هذه المرة وبعد أن ثبت نفسه على كرسى النقيب أن يعيد حساباته؟ أو يفكر بشكل مختلف ومغاير عن الصورة التى اختار أن يصدرها لنفسه فى السنوات الماضية؟
هل نتوقع منه أن يدعم الفنانين ويشجع على الفن والغناء بدلا من العنف تجاه الذوق المغاير لذوقه؟.. هل يعترف بأن الغناء الشعبى وأغانى المهرجانات صناعها لا يمارسون جريمة اخلاقية؟.. وهل يكتفى بالإشراف كنقيب فقط دون أن يحدد لنا الاختيار لمن نستمع أو يضع لنا قواعد الأغانى التى تتماشى مع أفكاره الشخصية؟.. وأظن أن كونه مطربا وفنانا يجعله يدرك أن الفن هو تذوق ولا يوجد عمل فنى يرضى الجميع.
التغيير هو المخرج الوحيد الذى قد ينصف صورته فى السنين المقبلة وعليه أن يدرك أن الأجيال المقبلة لا يعنيها مطلقا أن تمشى الأغنيات على «مازورة» ذائقته الخاصة، وأن هناك تغييرا حقيقيا فى المجتمع بحاجة لمزيد من الحرية.. ففى النهاية لن يبقى سوى الفن الذى يترك بصمة وعلامة.. فمئات من المطربين ظهروا فى زمن الفن الجميل ومع بدايات الفن لكن بقى الفن الحقيقى، فإذا كان فرض الوصاية هو الحل كما يظن هل يتوقع هانى شاكر بأن الجمهور يقبل الانحطاط والابتذال؟ -وهى فى حد ذاتها كلمات مطاطة غير محددة - فقد يرى البعض أن فرقة ما تقدم فنا هابطا أو تافها ولكن على العكس قد تشكل أغنياتهم حالة من البهجة والسعادة لآخرين..ففى الحياة لا ضرر ولا ضرار ولا وصاية على اختيار الذوق باستخدام الشعارات الرنانة من نوعية الحفاظ على الفن من الأغراض السيئة.
كل هذه أمنيات لا أراهن كثيرا على أن النقيب سيفكر بها بجدية، على العكس انتصاره الأخير فى معركة كرسى النقابة سيجعله متشددا فى تصدير مزيد من الأفكار التى تبناها من البداية والتى يراها أنها الأصلح، ولكن سأعتبرها نصيحة لا تضر، وعلى العكس فقد يكسب هانى شاكر أرضية جديدة لأشخاص بعيدين عن جمهوره ومعجبيه ونرفع له القبعة إن اثبت احترامه لحرية الفن، حتى وإن كان على عكس مزاجه الخاص ورغباته الشخصية.
فاروق الفيشاوى لم يهزمه السرطان
لا أعلم سر الإصرار عقب وفاة أى شخصية شهيرة بمرض السرطان بأن نعلن انتصار المرض عليه وهزيمته.. فى الحقيقة أشفق كثيرا على المرضى من هذه العناوين التى تثير الفزع فى نفوسهم.. أشفق على الأرواح الجميلة التى ذهبت إلى ربها وهى تحمل روح المقاومة وليس الهزيمة التى نلحقها بهم فى الوقت الذى لا يمتلكون حق الرد... فالفنان الجميل فاروق الفيشاوى لم يهزمه السرطان ولم ينتصر عليه وإن كان عانى من الألم والتعب إلا أنه مثل جميع البشر وصل إلى محطته الأخيرة التى لا تحتاج لأسباب، فمرضى السرطان يمتلكون من الشجاعة أضعاف البشر.. وتظل ابتسامة الفيشاوى هى أكبر دليل على أن المرض أتفه كثيرا من قيمته وحضوره الطاغى بأدواره التى تشبهنا كثيرا.