أمين قدري يكتب: فيس بوك ميزان العدل بالمساواة بين الجاهل والمتعلم فى ترويج الشائعات
ضحية جديدة ضمن ضحايا مسلسل الاستخدام السيئ لموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، خلال الساعات القليلة الماضية انتشرت "صوره" لرجل مسن على السوشيال ميديا وهو يؤدي صلاه عيد الأضحى أثناء ركوبه دراجته، الأمر الذى كان ملفتا للانتباه، واستغل البعض طريقته فى أداء الصلاة بالتقاط الصور وتداولها حتى أصبحت حديث سخرية بين المستخدمين، وعندما وصلت إليه تفاصيل هذه الواقعة أصيب بحالة من الحزن والغضب والمكوث بالمنزل جراء نشر صورته والتهكم ضده.
بداية ظهور الصورة وانتشارها كان بهدف الضحك والسخرية وانتهاك خصوصية الآخرين كما يفعل أغلب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث استغاث أحد أبناء الرجل بحذف تلك الصورة، وما سببته من بعض المشاكل العائلية ووصفت البنت أباها بالرجل البسيط، وأن ظهور تلك الصورة سببت له أزمة نفسية.
أيضا هذه لم تكن هذه الواقعة هى الأولى ضمن ضحايا الاستخدام السيئ، فمنذ ما يقارب سنتين تقريبا التقط أحد الأشخاص صورة لسيدة أثناء تواجدها بأحد المصايف مع أهلها، وقام بنشرها للسخرية على السوشيال ميديا حتى تصدرت المشهد أيضا، وعندما شاهدها زوجها أصر على عدم الاستمرار معها حتى انفصلا عن بعضهما، وكذلك يستمر مسلسل الضحايا نظرا لعدم وجود قانون صارم يمنع هؤلاء من التدليس واختراق خصوصية الغير عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
لكن الأمر لم يقتصر على المسائلة القانونية فقط، بل يوضح لنا مدى سقوط الأخلاق نتيجة الاستخدام السيئ للسوشيال ميديا الذى نشاهده يوما بعد يوم، ولم نرى أي تحرك لوقف تلك المهازل والانتهاكات، السؤال متى يتم الرقابة والتدخل من قبل المسؤلين ومحاسبة هؤلاء الذين يخرجون عن النص مما يقدمونه فى هدم وانتهاك وفضح بعض الأسر بالتقاط صور دون علمهم وانتهاك خصوصيتهم؟ متى نشاهد وجود رقابه تقوم بمحاسبه المخطئين الذين يسيئون للسوشيال ميديا؟.
"الفيس بوك" أصبح منصة ترويج للمعلومات الخاطئة والكاذبة وتوحيد للثقافات وتدميرها، حتى أضحى ميزانا عادلا لمساواة بين الجاهل والمتعلم فى نقل المنشورات وترويجها دون التأكد من صحتها وتشويه بعضهم البعض والسخرية من بعضهم لأشخاص اخرين والتشهير بهم، مما تسبب فى حدوث مشاكل كثيرة بين المواطنين بسبب السخرية التي يروجها الكثير عبر الصور أو مقاطع الفيديو للنيل من بعض الأشخاص، خاصة ما يكونوا من البسطاء الذين ليس لديهم أي تعامل مع التكنولوجيا، وأفقتد دوره الجوهرى كوسيلة للتواصل.
لكن فى الحقيقة وبعيدا عن السبب الحقيقي لانتشار هذا الأمر وتصدره على السوشيال ميديا، إلا أن أغلب رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا الأمر بهدف الضحك في حد ذاته، ولا يعني أغلبهم من المشاركة بأنهم يدعمون فكرته، بل ربما لا يعرفون سبب انتشاره من الأساس، فأغلب الشباب لا يجدون قانون صارم للانتهاكات الشخصية التي نشاهدها يوما بعد يوم حتى يخافون لومه لائم.
ووفقا للقانون أنه يمكن معاقبة شخص على نشر الصور إذا كانت هذه الصورة تعد إساءة لأشخاص أو تنتهك حرمة الحياة الخاصة، أو تحتوى على معلومات أو أخبار كاذبة، او مفبركة وتمثل اساءة لصاحبها.
ولكن لماذا تحول موقع "فيس بوك" لسوء استخدام من الكبار والصغار بما يقدمونه بنشر معلومات ربما تكون سياسية أو اجتماعية فى صورة سيئة، فالبعض ينقلها والأخر يطبقها، والكثير يرددها حتى لا يعلم معناها، فالغالبية تجهل سياسة وسائل التواصل الاجتماعي حتى أصبحت العقل المدبر للمجتمع، فالكل ينتظر حدث ما لنقل ما ينشره الأخر حتى يروجه وينقله عنه دون أدنى تفكير وأي مسؤلية يخشاها حتى القانون لعدم تنفيذه الصارم على بعض الاشخاص الذين يخرجون عن النص.
أصبح "فيس بوك" منصة لتداول الشائعات والأكاذيب والترويج لحساب أشخاص أخرين فاالجميع لديهم وسائل تواصل اجتماعية، والقليل يملكون مناصب ولا ينظرون إلى وسائل التواصل التى تعد محطة لهجوم الأشخاص المدركين وغير المدركين من صحة الأخبار وترويجها ونقلها ودعمها من أجل تصفحها وعدم التأكد من صحتها، لذا يمكن القول أن "فيس بوك" أصبح منصة ضح معلومات مدلسة وخاطئة لا يمكن الوثوق فيها وليس التواصل كما هو الغرض منه.
ونحن نشاهد ترويج الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي سواء كانت بقصد أو بدون قصد في كثير من الأوقات وخطورة نشر المعلومات الخاطئة على نطاق واسع دون التأكد من صحتها ويعد الإنترنت سلاح ذو حدين، "ممكن يساعدك فى بناء حياتك على أرض الواقع" وأيضا من الممكن يأخذك من الواقع للخيالـ وبالتالى لن تستطيع الخروج منه وتكون رهن له للأبد".
أن معظم أو أغلب الحقائق التى تُصنع على السوشيال ميديا تكون مزيفة، حتى حقيقة شخصيتهم عندما يصنعون من أنفسهم آلهة لأتباعهم، لكن للأسف كلها آلهة مزيفة لا قيمة غير بالغش والخداع، لذلك لابد من الحرص الشديد خلال التعامل مع هذا العالم الافتراضى.