مى سمير تكتب: «بن لادن» و«الترابى» نظما مؤتمرات لإسلاميين من 50 دولة وسمحا لـ«سى آى إيه» بالتنصت عليها

مقالات الرأي



كتاب فرنسى.. «الإخوان» حاربوا الروس فى أفغانستان بسلاح إسرائيلى ودعم أمريكى

تواصل «الفجر» عرض كتاب المؤرخ الفرنسى تيرى ميسان الجديد، «أمام أعيننا، حروب مزيفة وأكاذيب كبيرة»، الذى كشف الطريقة التى استخدم بها الرئيس الأمريكى جيمى كارتر، ومستشاره للأمن القومى، زبيجنيو بريجنسكى، القدرات الإرهابية لجماعة الإخوان ضد السوفييت، وتفاصيل جديدة عن العلاقات الواسعة التى جمعت بين الجماعة والمخابرات البريطانية والأمريكية.

فى عام 1977، تم انتخاب كارتر رئيساً للولايات المتحدة، وعين زبيجنيو بريجنسكى مستشاراً للأمن القومى، وقرر الأخير استخدام الإسلاميين ضد السوفييت فى أفغانستان، كما عمل على تغيير نظم الحكم فى عدة دول منها باكستان وسوريا، بهدف تسهيل وصول الولايات المتحدة إلى بترول «الشرق الأوسط الكبير» وفى هذا الإطار تم تقديم معدات عسكرية إلى جماعة الإخوان لتنفيذ أهدافه.

وشرح برنارد لويس، خبير التنظيمات الإسلامية، استراتيجية برجينسكى بوضوح خلال اجتماع مجموعة بيلدربيرج، الذى نظمه حلف شمال الأطلسى فى النمسا، فى أبريل 1979، بقوله إن جماعة الإخوان لا يمكنها لعب دور رئيسى فقط ضد السوفييت وإثارة المتاعب الداخلية فى آسيا الوسطى، ولكنها يمكنها تحويل الشرق الأدنى لمنطقة صراعات لصالح إسرائيل.

وعلى عكس الاعتقاد السائد، لم يكن الإخوان سعداء باتباع خطة بريجنسكى، إذ أنها كانت تبحث عن مكاسب أوسع، ولكنها فى جميع الأحوال حصلت على مساعدة من أمريكا لتأسيس فروع أخرى لها فى 120 دولة، باستخدام أموال من رابطة العالم الإسلامى تصل لـ 5 مليارات دولار سنوياً عن طريق رابطة العالم الإسلامى وهى ميزانية كانت تصل وقتئذ للميزانية العسكرية لدولة مثل كوريا الشمالية.

وعملت المخابرات الأمريكية والبريطانية على دعم الإخوان للوصول للحكم فى الشرق الأوسط، وعلى سبيل المثال فى باكستان، حيث أطاح الإخوانى الجنرال محمد ضياء الحق، رئيس أركان الجيش الباكستانى، بالرئيس ذو الفقار على بوتو وأعدمه، كانت هذه هى المرة الأولى التى يكون فيها الإخوان فى السلطة.

وصمم بريجنسكى «عملية الإعصار» فى أفغانستان، حيث أحضر من 17 لـ35 ألفا من عناصر الجماعة من حوالى 40 دولة لمحاربة الاتحاد السوفييتى، الذى كان أرسل قواته للدفاع عن أفغانستان بناء على طلب حكومتها ولكن الدعاية الأمريكية صورت الأمر باعتباره غزواً.

وجاءت عناصر الجماعة لمساندة زملائهم الأفغان أعضاء الجماعة وحلفائهم، مثل قلب الدين حكمتيار، زعيم الحزب الإسلامى الأفغانى، وأحمد شاه مسعود، عضو الجمعية الإسلامية، وحصل الإخوان على السلاح من إسرائيل وبتمويل ودعم من الولايات المتحدة، كانت هذه هى المرة الأولى التى يستخدم فيها التحالف الاستخباراتى الأمريكى والبريطانى جماعة الإخوان لشن حرب، وكان من بين المقاتلين المشاركين الجماعة الإسلامية الإندونيسية، ومجموعة أبو سياف فى الفلبين، وبالطبع تنظيم القاعدة.

وتم تدريب الفلسطينى عبدالله عزام والسعودى أسامة بن لادن على يد محمد قطب، شقيق سيد قطب، والذين كانوا مسئولين عن قيادة مقاتلى جماعة الإخوان فى أفغانستان بدعم أمريكى.

وخلال ولاية كارتر، قامت جماعة الإخوان بمحاولة انقلاب ضد الرئيس حافظ الأسد انطلاقاً من مدينة حماة، لكن المحاولة فشلت وفر معظم أعضاء الجماعة إما إلى ألمانيا أو إلى فرنسا حيث منحهم المستشار الألمانى فى ذلك الوقت هيلموت كول، والرئيس فرانسوا ميتران حق اللجوء، وبعد ذلك بعامين، اندلعت فضيحة داخل صفوف الإخوان فى أوروبا بعد اختفاء 3 ملايين دولار من 10 ملايين دولار تبرعت بها رابطة العالم الإسلامى إلى الجماعة فى أوروبا.

وخلال ثمانينيات القرن الماضى، تلقت رابطة العالم الإسلامى تعليمات من واشنطن لتغيير المجتمع الجزائرى، وعلى مدار 10 سنوات، مولت الرابطة بناء مساجد تتضمن مستوصفات طبية ومدارس فى قرى الجزائر، ما جذب طبقة العمال إلى الجماعة.

وفى عام 1989 أيضاً، تأسست الجبهة الإسلامية للإنقاذ فى الجزائر برئاسة عباسى مدنى، بينما انهار الحزب الحاكم تحت وطأة فضائح، ثم فازت الجبهة الإسلامية بالانتخابات المحلية وقام الجيش بانقلاب وألغى نتيجة الانتخابات، وغرقت الجزائر فى حرب أهلية طويلة ودموية راح ضحيتها أكثر من 150 ألف جزائرى، إذ لم يتردد الإسلاميون فى الغرق فى الدم، وعلى سبيل المثال قاموا بذبح سكان قرية بن طلحة ودمروها.

وفى عام 1983، أسند الرئيس رونالد ريجان إلى كارل جيرشمان، الزعيم السابق للاشتراكيين الديمقراطيين فى الولايات المتحدة الأمريكية، مهمة إدارة مؤسسة الصندوق الوطنى للديمقراطية، وبشكل علنى كانت هذه المؤسسة منظمة غير حكومية، ولكن فى الواقع تم تأسيسها بناء على مايعرف باسم اتفاقية «Five Eyes»، المعروفة اختصارا بـ «FVEY»، هو مصطلح يشير إلى تحالف مخابراتى يشمل كل من الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا ونيوزيلندا.

عمل جيرشمان بالفعل مع رفاقه التروتسكيين وأصدقائه فى جماعة الإخوان فى لبنان وسوريا وأفغانستان، أنشأ شبكة واسعة من الجمعيات والمؤسسات التى استخدمتها وكالة المخابرات المركزية والمخابرات البريطانية لمساعدة الجماعة كلما كان ذلك ممكنا.

فى هذا السياق، استخدمت السى آى إيه والمخابرات البريطانية الرابطة العالمية المناهضة للشيوعية، لتوفير الأموال اللازمة لـ«الجهاد فى أفغانستان»، والتى نشط فيها أسامة بن لادن، والذى أصبح زعيم تنظيم القاعدة فيما بعد.

وفى عام 1985، قامت المملكة المتحدة، بتجهيز مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية وكلفته بدراسة المجتمعات الإسلامية والطرق التى يمكن أن تؤثر بها جماعة الإخوان.

فى عام 1989، نجحت جماعة الإخوان فى تدبير انقلاب ولكن هذه المرة فى السودان، تزعمه العقيد عمر البشير، والذى لم يضع الوقت ورشح الإخوانى حسن الترابى، رئيساً للبرلمان السوادنى والذى أعلن فى مؤتمر تم تنظيمه فى لندن، أن بلاده ستصبح القاعدة الخلفية لجميع الجماعات الإسلامية فى العالم.

وعندما غادر أسامة بن لادن إلى السودان فى تسعينيات القرن الماضى كانت مهمته استعادة السيطرة على الإسلاميين الذين هربوا من سلطة جماعة الإخوان، ونظم بن لادن مع الترابى سلسلة من المؤتمرات الشعبية العربية والإسلامية، دعا فيها ممثلى الحركات الإسلامية والقومية من حوالى 50 دولة وكانت هذه الاجتماعات كانت تحت مراقبة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وشارك فى هذه الاجتماعات، زعماء من ياسر عرفات، رئيس حركة فتح الفلسطينية وممثلين عن حزب الله اللبنانى.

وأكبر دليل يقدمه الكتاب بشأن العلاقات العميقة التى جمعت بين جماعة الإخوان والمخابرات الأمريكية والبريطانية هو ما تضمنه الكتاب بشأن «BCCI» وهو بنك إسلامى ضخم استخدمته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لعملياتها السرية، خاصة فى تمويل الحرب ضد الروس فى أفغانستان، وتجارة المخدرات فى أمريكا اللاتينية، وعندما تم الإعلان عن إفلاس البنك استرد بن لادن 1.4 مليار دولار من أمواله لمواصلة عمل جماعة الإخوان لصالح واشنطن.