استئناف محادثات الطرح الأولي لأرامكو رغم إستمرار تفاوت التقييم
قالت مصادر صناعية ومصرفية إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يصر على قيمة قدرها تريليونا دولار لشركة النفط أرامكو، حتى رغم أن بعض المصرفيين ومصادر قريبة من الشركة يقولون إنه ينبغي للمملكة أن تقلص القيمة المستهدفة لعملاق النفط إلى حوالي 1.5 تريليون دولار.
وبينما تستأنف أرامكو محادثات مع بنوك بشأن طرح عام أولي، قال مصدر قريب من الشركة إن مجلس إدارتها سيجتمع قبل نهاية هذا الأسبوع وسيجري على الأرجح مناقشة حول قيمة أرامكو.
وامتنعت أرامكو السعودية عن التعقيب. ولم يرد المكتب الإعلامي للحكومة السعودية على طلب من رويترز للتعليق.
وحدد الأمير محمد قيمة أرامكو عند تريليوني دولار في أوائل 2016 عندما اقترح في البداية بيعا للأسهم لتنويع اقتصاد المملكة بما يقلص اعتمادها على النفط.
وقال مصدر قريب من أرامكو ومصدر آخر على دراية بخطط الطرح العام الأولي إن ولي العهد ما زال متمسكا بهذه القيمة، حتى رغم أن بعض البنوك تعتقد أن تحقيقها سيكون صعبا.
وعلى مدار الأعوام الثلاثة الماضية كثفت الدول مساعيها للتحول من الوقود الإحفوري للحد من ارتفاع درجات الحرارة في العالم وهو ما يفرض ضغوطا على أسعار النفط.
وقال المصدر المطلع على خطط الطرح العام الأولي ”إذا لم تقًيم السوق أرامكو على نحو مناسب فإنهم ليسوا في عجلة من أمرهم للذهاب إلى طرح عام أولي.بإمكانهم دائما التأجيل“.
وأضاف قائلا ”هم لديهم الأدوات المناسبة للمناورة وليسوا في موقف ضعيف لتنفيذ الطرح العام الأولي لأرامكو ما لم تكن هناك قيمة تحقق أهداف الرؤية والمصلحة الوطنية“.
وحتى عند الحد الأدنى من التقييمات المتوقعة سيخلق الطرح العام الأولي لأرامكو أكبر شركة عامة في العالم. لكنه سيعرض المملكة أيضا لتدقيق غير مسبوق. وبعد شهور من إرجاء الإدراج تعرضت السعودية لضغوط من الغرب بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول في أكتوبر تشرين الأول الماضي.
وكانت الخطة المبدئية لبيع حصة خمسة بالمئة في أرامكو تهدف لجمع أموال لصندوق الثروة السيادية السعودي للاستثمار في القطاعات غير النفطية. وعندما أرجئ الطرح العام الأولي باع الصندوق حصة أغلبية في شركة الصناعات الأساسية السعودية (سابك) العاملة في مجال البتروكيماويات لأرامكو مقابل 69 مليار دولار.
وبعد الإعلان عن الإستحواذ على سابك أصدرت أرامكو أول سنداتها الدولية في أبريل نيسان. وأظهر نجاح بيع السندات، الذي جذب طلبات تجاوزت قيمتها 100 مليار دولار لإصدار قيمته 12 مليار دولار، انحسار الضغوط على المملكة التي أعقبت مقتل خاشقجي. وتجددت المحادثات بشأن بيع حصة بعد ذلك بفترة وجيزة.
اضطرت أرامكو لإعلان بياناتها المالية بعد بيع السندات هذا العام مما كشف عن صافي ربح ضخم بلغ 111 مليار دولار، وهو ما يتجاوز بأكثر من الثلث صافي الربح المجمع لأكبر خمس شركات نفطية في العالم: إكسون موبيل ورويال داتش شل وبي.بي وشيفرون وتوتال.
وقال مصدر مطلع إنه حتى على الرغم من تلك الأرباح حدد أحد البنوك الساعية لدور في خطة جديدة للطرح الأولي قيمة أرامكو بين 1.4 و1.5 تريليون دولار بما في ذلك سابك.
وتكافح شركات النفط والغاز لجذب اهتمام المستثمرين نتيجة ضعف التوقعات المتصلة بالنفط وزيادة نشاط الدفاع عن حماية المناخ. وصعد قطاع الطاقة على مؤشر ستاندرد آند بورز اثنين بالمئة منذ بداية العام الحالي وسجل أداء أقل من السوق الأوسع نطاقا. وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 15 بالمئة.
وحتى بتقييمها عند 1.5 تريليون دولار ستظل أرامكو أعلى في القيمة بما لا يقل عن 50 بالمئة عن أعلى الشركات قيمة على مستوى العالم.
وتقدر قيمة مايكروسوفت على سبيل المثال بنحو تريليون دولار بينما تبلغ قيمة كل من أبل وأمازون نحو 900 مليار دولار.
وسعر النفط المتوقع هو أحد العوامل المهمة في تحديد قيمة أي شركة نفط. ويسعى المنتجون، ومنهم السعودية وغيرها من أعضاء أوبك إضافة إلى منتجين مستقلين مثل روسيا، إلى دعم السوق في العام الحالي عن طريق اتفاق للحد من إنتاج النفط بسبب تباطؤ الطلب وزيادة الإمدادات من الولايات المتحدة ومنتجين آخرين.
ويجري تداول خام برنت عند 59 دولارا للبرميل وهو ما يقل عن مستوى بين 70 و80 دولارا للبرميل الذي تقول أوبك ومصادر في القطاع إن السعودية تفضله.
وقال مصدر مقرب من أرامكو ”إذا كنت متأكدا تماما من وجود سعر نفط مرتفع فسيكون من الأسهل الحصول على تقييم مرتفع. لكن الأسعار ليست على هذه الدرجة من الارتفاع وحتى سعر النفط شديد الارتفاع غير مستدام“.
وأضاف ”كما أن الكثير يعتمد على الدمج مع سابك“.
وقال المصدر إن البنوك قدرت قيمة أرامكو قبل تعليق الطرح العام الأولي بين 1.3 و1.7 تريليون دولار.
وقال مصدر آخر من بنك عالمي إن تقديرات البنوك في هذا الوقت كانت بين 1.5 و1.7 تريليون دولار تقريبا عند طرفها الأعلى.
وتضخ أرامكو نحو برميل ضمن كل عشرة براميل تنتج على مستوى العالم وترى أن أنشطة المصب، وهي عمليات تكرير النفط والبتروكيماويات، ذات أهمية متزايدة في تعزيز الأرباح التي تجنيها عن كل برميل. وبشراء سابك تسعى أرامكو إلى أن تصبح رائدة عالمية في الكيماويات وهو ما يسهم في تنويع مصادر إيراداتها.
وقال المصدر الذي يعمل في أحد البنوك العالمية إن الجهود لا تزال ترتكز على تحقيق قيمة تريليوني دولار. وقال مصدر ثان مقرب من أرامكو إن الشركة تعمل على إيجاد سبل لتعزيز قيمتها بمنأى عن سعر النفط.
وأضاف المصدر ”إنهم يدرسون أمورا مثل الحوكمة الداخلية وكيفية استخلاص قيمة. وإذا نجحوا في هيكلة عملية الاندماج مع سابك بشكل ملائم فسوف يرفع ذلك قيمة الشركة“.