د. بهاء حلمي يكتب: الأكاديمية الوطنية للمحاماة.. رؤية ومستقبل
إن فكرة إنشاء الأكاديمية الوطنية للمحاماة التى تبناها مجلس نقابة المحامين وأقرها مجلس النواب عند مناقشة مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون المحاماة قبل انتهاء الدورة البرلمانية يُعد نقلة نوعية وفكرًا جديدًا يقوم على التخطيط العلمى لإعداد وتأهيل خريجى كليات الحقوق من الحاصلين على الثانونة العامة وما يعادلها من الشهادات الأجنبية المعادلة فى مصر كشرط للقيد بجدول النقابة كمحام تحت التمرين.
إن إدراك أصول العمل النقابى والشعور بالمسئولية تجاه المحامين جعل الأستاذ سامح عاشور نقيب المحامين يخوض المعارك فى مواجهة التحديات والمشكلات التى تواجه المحامين المشتغلين بغرض تحسين مواردهم، والعمل على تحقيق ذلك بكل عزيمة وإصرار من منطلق الإيمان بأن المشكلات المتراكمة لا تحل إلا من خلال دراستها ثم اقتحامها ومواجهتها للوصول لأفضل الحلول المناسبة، وأن يكون العمل على قلب رجل واحد وبروح الفريق لتحقيق الصالح العام للمحامين ومستقبل مهنة المحاماة وهو ما تم اتباعه حتى إتمام إقرار التعديل التشريعى.
وأيا كانت المكاسب التى تحققت لصالح المحامين المشتغلين والضمانات والحصانة الإجرائية للمحامين فى مرحلتى الاستدلال والتحقيق، وتفتيش مكتب المحامى بمعرفة النيابة العامة أو قاضى التحقيق، وعدم احتجاز المحامى أو القبض فى غير حالات التلبس، إضافة الى التعديلات الأخرى التى سنعرفها بعد التصديق على تلك التعديلات.
الحقيقة إن إنشاء أكاديمية وطنية للمحاماة تعتبر واحدة من أهم الإنجازات كونها تهدف الى إعداد وتأهيل المحامى بشكل علمى وعملى، وتعمل على ترسخ قواعد ممارسة المهنة والحفاظ على أخلاقياتها وآدابها بما يتناسب مع سمو رسالة المحامى فى الدفاع عن الحقوق والحريات باعتباره ممثلا للقضاء الواقف الواثق من علمه ومشروعية الحقوق التى يدافع عنها، الأمر الذى ينعكس بالإيجاب والارتقاء بمهنة المحاماة وتحقيق رسالتها بالاشتراك مع السلطة القضائية لتحقيق العدالة وسيادة القانون.
إن فكرة إنشاء مؤسسة علمية تعليمية خاصة بالمحاماة تتيح للدارس الإلمام بواقع عمل المحاماة لمباشرة المهنة واكتساب المهارات والخبرات المعرفية والقانونية والإجرائية فى مجال التخصص ويعالج أوجه القصور الحالى المتمثل فى الفجوة بين دراسة القانون بشكل نظرى من جهة، وبين ميدان تطبيقه فى المحاكم المختلفة ومهارات ممارسة المحاماة من جهة أخرى، ليحصل المتدرب بعد اجتيازه الدراسة بالأكاديمية شهادة أو دبلوم خاص لقيده بالنقابة كمحام، يعتبر تعظيمًا للموارد البشرية والعدد الكبير من خريجى كليات الحقوق.
إن تأهيل المحامين مهنيا وأخلاقيا وإدراك واجباتهم ومسئولياتهم والإلمام بالحماية القانونية المقررة لهم أثناء أداء رسالتهم فى مواجهة أى اعتداء أو تجاوز، وتنمية الوعى لديهم وتثقيفهم وترسيخ القيم الوطنية لهم هى مسئولية لا تقل عن المسئوليات الملقاة على عاتق نقابة المحامين ونقيبها.
وإذا كان إنشاء أكاديمية وطنية للمحاماة يعبر عن التخطيط العلمى لمستقبل المحامين ومهنة المحاماة العريقة فى مصر، ويرفع مستواهم العلمى والثقافى، فهى نقطة البداية لأن تصبح الأكاديمية مؤسسة تعليمية على المستوى الوطنى والإقليمى أيضا مع احتضانها لبعض الكيانات التعليمية المتخصصة مثل (معهد المحاماة، ومركز البحوث القانونية، وكليات الدراسات القانونية المتخصصة، والمكتبات القانونية الإلكترونية الحديثة..)، وذلك لإجراء الأبحاث القانونية والتطبيقية فى علوم القانون، وتشجيع النشاط العلمى للتأليف والترجمة والنشر، وعمل بروتوكلات تعاون مع كليات القانون ومراكز البحوث القانونية على المستوى المحلى والإقليمى والدولى.
إن تأسيس أكاديمية المحاماة يتطلب مزيدًا من الجهد والعمل المتواصل من جانب نقيب المحامين وفريق عمله خلال العامين القادمين لاستكمال مسيرته ودوره الوطنى والنقابى المشهود، ولتحقيق الأهداف المنشودة مع الاستعانة بالأساتذة والمتخصصين لإعداد اللوائح المالية والإدارية والفنية المنظمة لهذه الأكاديمية لاكتمال العمل وفق المخطط له بأسلوب علمى بناء.
www.bahaahelmy.com