بين الأمل والألم.. حكاية محاربة سرطان تحولت من نزيلة إلى صيدلانية في 57357

أخبار مصر

أيه
أيه

أصر الشاطئ أن يسحبها نحو بحور الموت فأنقذت نفسها بطوق الإصرار الذي قادها نحو بر الأمان.. حيث النجاح الذي ولد من رحم العزيمة، والرغبة في التحدي التي كانت وليدة الظلمات، فكان الصبر وقوة التحمل هما المفتاح الذي استطاعت به أن تصبح آية من آيات الأمل التي أغلقت الأبواب في وجه الألم.



"آية" هي إحدى محاربات السرطان، خاضت رحلتها قبل نحو 6 أعوام، مرت خلالها بلحظات ممزوجة بالإخفاق والنجاح قررت أن تروي لـ "الفجر" قصتها الملهمة.
وبعينان يملؤهما التفاؤل، وفاه من ابتسامته المبهجة، تكاد تعتقد أنه مرسوم بهذا الشكل الذي يدفعك للفرحة، بدأت آية عاصم حكايتها لنا، وبروح يملؤها الانتصار والفرحة؛ حيث كانت طفلة مُفعمة بالحيوية والنشاط، تمرح وتفرح في كل مكان، ويتطاير منها فستانها القصير وضفائرها فرحًا من نسمة هواء خلال اللعب من قريناتها بالشارع، وظلت كذلك طوال حياتها.



لم تكن تعلم آية في صغرها، أنها في يوم من الأيام ستصبح واحدة من مناضلات المرض اللعين؛ حيث قضت نحو 4 سنوات في حرب خاضتها بكل قوة، وأصرت أن تكتب سطرًا جديدًا في حكايات القوة والانتصار.

في بداية معرفتها بالمرض، كانت آية في الصف الأول الثانوي، وحاولت أسرتها أن تخفي عليها حقيقة المرض في بادئ الأمر، إلا أنها أدركت القصة في بدايتها، وقررت ن تُكمل طريقها وسعيها للشفاء.

عاشت محاربة قصتنا نحو 4 سنوات من 2013 حتى 2017، لحظات من الألم، كادت في أوقات أن تنكسر، ولكن كان يراودها ذاك الصوت الخافت في أذنيها، يذكرها بحُلم طالما كان موجودًا بجوارها، وهو أن تصبح صيدلانية ناجحة، فلم تترك شعور الخوف أو الخذلان يسيطر عليها في أي وقت، طردته مرارًا وتكرارًا قبل أن يتسلل إلى نفسها المليئة بالأمل ويقتلها.

وروت آية قصة رحلتها لنا، قائلة: "كانت سنوات قاسية، مُرة أحيانًا، وفي وقت آخر جافة، لا يوجد بها سوى حُلم بسيط يراودني، قضيتها بين جلسات العلاج الكيماوي، وكان التحدي الأكبر بالنسبة لي هو دراستي، فأصررت أن أكمل الثانوية العامة شُعبة علمي علوم لأحقق ما أتمنى".



امتزجت كُتب الدراسة بالأدوية خلال مرحلة كانت الأصعب بالنسبة لها، ورغم صغر سنها أدركت ضرورة أن تكون قوية، وأن تصنع لنفسها قصة مختلفة قادرة على إلهام الآخرين، على الرغم من أن المرض حاول كسرها في بادئ الأمر؛ وقالت: "كنت فاكرة إني كبيرة وأقدر أقبل الموضوع، لكن مع أول جلسة قعدت أعيط جامد وخُفت، ومع الوقت تأقلمت مع العلاج".
أصرت آية أن ينتصر في قصتها الخير على الشر، وأن تكون نموذجًا يُحتذى به، فقررت أن تصبح صيدلانية، وأن تحقق حلمها، ووسط الإحباط قررت أن تستمر في تفوقها، حتى حصلت على مجموع 96% في الثانوية العامة، وقررت أن تبدأ من نفس المكان الذي انتهت منه، وهو مستشفى 57357.

صداقات كونتها محاربة السرطان الصغيرة داخل المستشفى، ساعدتها على تخطي الألم وأن تصل إلى حُلمها، منها أطباؤها وفريق التمريض، الذي كان لديهم إصرارًا طوال الوقت أنها قادرة على أن تتخطى الأزمة.

عادت محاربة قصتنا بظهرها للخلف، وارتفعت عينها للسماء قليلًا، قائلة: "دخلت هنا لابسة لبس المرضى، والنهاردة لابسة البالطو الأبيض، إتمنيت إني أساعد الأطفال، وأديهم درس قوي يكون حافز ليهم، الناس فاكرة إن الصيدلي مجرد بائع، لكن دوره في المستشفى مختلف تمامًا، والمكان خلاني أحب الصيدلي بسبب احترامهم ليه، واللي بيقدمه من مساعدة وحب".

ولاتزال آية تذهب للمستشفى بشكل مستمر، مرتدية البالطو الأبيض، للتدريب على العمل الصيدلي، بجانب دراستها، محاوِلة مساعدة المرضى وسرد قصتها للتخفيف عنهم، ومنحهم أملاً في العلاج، بشرط حصولهم على الدواء: "بكون سعيدة جدًا مع المرضى، ونفسي أتخرج وأبقى دكتورة في المستشفى، وأتعامل معاهم بشكل أكبر، مرّيت بصعوبات كتير محدش كان يتصور إني أجيب مجموع وأدخل صيدلة، بس ده عوض ربنا ليا".