تونس "ما بعد السبسي": بين الانتقال السياسي وموجة جديدة من الصراعات
أعلنت الرئاسة التونسية وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي عن عمر يناهز 92 عامًا، أمس الخميس، ويأتي ذلك بعد دخوله مجددًا إلى العناية الفائقة في المستشفى، بعدما كان دخلها عدة أيام في نهاية يونيو إثر إصابته بـ"وعكة صحية"، ليؤدي بعدها رئيس مجلس النواب، محمد الناصر، اليمين الدستورية لتولي منصب رئيس الجمهورية مؤقتا لمدة لا تزيد عن 3 أشهر حسب الدستور، مما يطرح عدة تساؤلات عن السيناريوهات المحتملة التي قد تشهدها تلك الفترة.
"المرزوقي": نحتاج مزيدًا من ضبط النفس
ونعى قطبي المعارضة التونسية، الرئيس السابق المنصف المرزوقي وزعيم حزب النهضة التونسية راشد الغنوشي وفاة الرئيس التونسي المتوفي باجي قائد السبسي.
وقال المرزوقي في كلمة له :"رحم الله رئيس الجمهورية الأستاذ الباجي قائد السبسي وتلقاه بواسع غفرانه ورزق أهله جميل الصبر والسلوان,".
وتابع: "أصدق التعازي لعائلته وأصدقائه وللشعب التونسي الذي فقد اليوم رئيسه, ثمة لحظات في حياة الأفراد والشعوب التي يجب فيها أن نرتقي بأنفسنا إلى مستوى أعلى مما اعتدنا عليه في سائر الايام".
وأوضح:"في هذه الظروف الدقيقة في حياة شعبنا المطلوب منا جميعا، مزيد من الهدوء وضبط النفس وتحلي الجميع بروح المسؤولية تجاه الوطن وسلامته. التمسك بالدستور وبمؤسسات الدولة ولا شيء غير الدستور ومؤسسات الدولة ".
وتابع :"وآنداك لن تزيدنا الظروف الصعبة إلا نضجا وقوة وتلاحما وقدرا أكبر من حسن الاعداد لأزمات الحياة المتلاحقة".
الغنوشي ينعى "السبسي"
ومن جانبه كتب زعيم النهضة التونسية على حسابه :"ببالغ الحزن والأسى ننعى رئيس الجمهورية السيد الباجي قائد السبسي.
ورحل الرئيس الباجي في ذكرى عيد الجمهورية التي قدم لها الكثير وكانت له مساهمات مقدرة في بناء الجمهورية الثانية".
اختبار جديد للديمقراطية في تونس
وبوفاة "السبسي"، فإن تونس تمر باختبار جديد، حيث كان قد لعب دورًا رئيسيًا في التحوّل الديمقراطي الذي بدأ في 2011 بعد سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي إثر الثورة.
وكان اتفاق تقاسم السلطة الذي أبرمه السبسي بين حزبه نداء تونس، وبين حزب الإسلاميين في النهضة، ساعد على استقرار الوضع السياسي، ورحيل الباجي قايد السبسي في يوم إعلان الجمهورية التي عاصر شتّى مراحلها ومنعطفاتها، تارة في السلطة وتارة في المعارضة، تدخل التجربة التونسية مرحلة اختبار جديد يتعلّق أولاً بكيفية اجتياز المرحلة الانتقالية من الآن حتى انتخاب رئيس جديد للبلاد بأقل ضرر ممكن، وبأفضل الشروط التي يمكن أن تكون متاحة للاحتكام مجدّدًا لصناديق الاقتراع.
كما أنّه اختبار يتعلّق ثانيًا بالقدرة على الحفاظ على التفاهمات الواقعية التي أبرمها الإسلاميون والعلمانيون، بمعية شخصيات تجاوزت الحدود الفئوية ولغة الأحقاد والغلو من الطرفين.
زعماء عرب وغربيون ينعون "السبسي"
ومن جانبه، وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعزية إلى الشعب التونسي.
وقال البيت الأبيض في بيان إن "الرئيس دونالد ترامب والسيدة الأولى ميلانيا ترامب ينضمان إلى الشعب التونسي في الحداد على وفاة رئيسهم".
وأضاف البيان أن الرئيس الراحل "كان يدافع عن مصالح الشعب التونسي بلا كلل"، مشيراً إلى أن ترامب وزوجته "ينضمان إلى كثيرين في جميع أنحاء العالم في تذكر قيادته العظيمة وتكريم إرثه الكبير بصفته أول رئيس منتخب ديموقراطياً لتونس بعد ثورة 2011".
وتقدم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بخالص التعازي والمواساة لأسرة الرئيس الباجي قايد السبسي وللشعب التونسي الشقيق، مؤكدا أن المساهمة التاريخية للرئيس السبسي في مسيرة تطور تونس وتعزيز استقرارها سيسجلها التاريخ بأحرف من نور، وستستمر سيرته حية وفاعلة في وجدان الشعب التونسي والشعوب العربية جميعاً.
فيما نعى الرئيس الجزائري الانتقالي عبد القادر بن صالح في برقية تعزية الرئيس الراحل.
وجاء فيها: "الجزائر تشاطركم شعبا وحكومة آلامكم وأحزانكم"، مشيدا بخصال الرئيس التونسي الراحل.
كما أشاد العاهل المغربي بـ"أحد رجالات تونس الكبار".
وكتب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات، في تغريدة، أن قايد السبسي "قاد تونس في أحرج أوقاتها بحكمة وروية واقتدار، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنانه، وألهم شعبه وأهله الصبر والسلوان، وحفظ الله تونس وشعبها وأرضها دائما وأبدا".
كما نعى الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط "فقيد الشعب التونسي والأمة العربية جمعاء فخامة الرئيس الباجي قايد السبسي رئيس الجمهورية التونسية والرئيس الحالي للقمة العربية".