ومفاجأت طالبان لأوباما في رمضان

عربي ودولي


لم يكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما يتنفس الصعداء بالتوصل إلى اتفاق بالكونجرس في 2 أغسطس لرفع سقف الدين العام وخفض الإنفاق والذي حال دون عجز الولايات المتحدة عن الوفاء بالتزاماتها ، إلا وفوجيء بضربتين موجعتين جدا وفي يوم واحد .

ففي 5 أغسطس ، أقدمت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني على خفض تصنيف الولايات المتحدة الممتاز وهو أي.أي.أي ، وهو أمر يعتبر سابقة في تاريخ الاقتصاد الأمريكي.

هذا بالإضافة إلى أن خفض تصنيف أمريكا الائتماني يعني ببساطة أنها لم تعد أكثر مكان آمن للاستثمار في العالم ويعني أيضا تراكم الديون على حكومة الولايات المتحدة لتصل إلى أكثر من 14 تريليون دولار ، كما يشير إلى أنها أقل إنتاجية من الماضي وأن اقتصادها أصبح قائما على الخدمات أكثر منه على الإنتاج.

ويبقى الأمر الأخطر وهو أن خفض التصنيف الائتماني يعتبر إشارة واضحة لا لبس فيها على تراجع قوة الولايات المتحدة الاقتصادية ، بل وذهب محللون إلى أن تلك الخطوة قد تتسبب في إطلاق أزمة مالية أخرى تلقي باقتصادات الولايات المتحدة والدول الغربية إلى الركود مجددا .

ورغم أن أوباما سارع لانتقاد خفض التصنيف الائتماني وناشد نواب الكونجرس على تنحية السياسات الحزبية جانبا والتركيز على إعادة ترتيب الوضع المالي وتنشيط الاقتصاد باعتبار ذلك مهمة عاجلة ، إلا أن صحيفة واشنطن تايمز أكدت أن أحوال الولايات المتحدة من الناحية الاقتصادية بدأت تسوء كثيرا .

وحذرت الصحيفة من أن أمريكا تعيش اليوم وضعا سيحتم على الدول الدائنة لها استشعار إفلاسها مما يدفع بها إلى تقليص القروض الجديدة وستعمد أسواق المال إلى رفع سعر الفائدة كمؤشر على ارتفاع نسبة الخطر في الديون الأمريكية وستقوم بقية شركات التصنيف الائتماني في العالم بتخفيض درجة الأمان في الاقتصاد الأمريكي ، مما يقلل من الثقة في الدولار .

بل وأشارت واشنطن تايمز إلى أن عدة دول بدأت في تحويل احتياطيها من الصرف الأجنبي من الدولار إلى اليورو ، كما أن الصين وهي أكبر دائن للولايات المتحدة طالبت أمريكا صراحة بخفض إنفاقها العسكري الضخم وتكاليف الرعاية الاجتماعية وإيجاد عملة احتياط عالمية تحل محل الدولار.

وجاء الإعلان في 5 أغسطس أيضا عن مقتل 31 جنديا أمريكيا في حادث سقوط طائرة هليكوبتر في ولاية وردك غرب العاصمة الأفغانية كابول ليضاعف ورطة أوباما أكثر وأكثر .

صحيح أن حركة طالبان كثفت من هجماتها ضد قوات الناتو منذ ذوبان ثلوج الشتاء وحلول فصل الربيع ، إلا أن المفاجأة التي لم يتوقعها أحد أن تقوم خلال شهر رمضان الكريم بإيقاع أفدح خسارة بشرية تتكبدها القوات الأمريكية في حادث واحد طوال سنوات الحرب العشر في أفغانستان.

بل وفجرت شبكة ايه بي سي الأمريكية مفاجأة من العيار الثقيل مفادها أنه من بين قتلى حادث المروحية التي أسقطتها طالبان 25 من عناصر القوات الخاصة التابعة لسلاح البحرية والمعروفة باسم Navy Seals والتي كان أوكل إليها عملية اغتيال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن قبل شهور.

ورغم أنه لم يتأكد بعد إن كانت طالبان استهدفت تلك المروحية تحديدا للانتقام من مقتل بن لادن بناء على معلومات استخباراتية أم أن الأمر كان محض صدفة ، فإن الأمر الذي لاجدال فيه أن هذه تعتبر أكبر خسارة في حادث واحد وفي يوم واحد تتعرض لها القوات الأمريكية في أفغانستان منذ 2001 .

وكان الرئيس الأفغاني حامد كرزاي أكد في بيان صادر عنه مقتل 31 جنديا أمريكيا وسبعة جنود أفغان إثر تحطم طائرة هليكوبتر في ولاية وردك مساء الجمعة الموافق 5 أغسطس .

وسارع أوباما للتعبير عن بالغ حزنه للحادث وأكد أن الولايات المتحدة مازالت ملتزمة بخطة تقليص أعداد جنودها في عملية يتبعها تولي القوات الأفغانية المهام الأمنية من القوات الأجنبية بحلول عام 2014.

وفي المقابل ، فإن ردود أفعال بعض وسائل الإعلام الأمريكية جاءت على عكس ما ذهب إليه أوباما ، حيث دعت مجلة التايم إلى الإسراع بالانسحاب من أفغانستان بشكل لا يوحي بالهزيمة والاندحار .

ويبدو أن الدعوة السابقة لاتستند فقط لتصاعد الخسائر في صفوف قوات الناتو وإنما لأن الوقت أيضا ليس في صالح استراتيجية أوباما في أفغانستان خاصة بعد خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة والذي قد يدخلها في أزمة اقتصادية هيكلية أخطر من الأزمة المالية في 2008 ويحتم عليها خفض نفقاتها العسكرية بالخارج .