استمرار التوترات في منطقة الخليج العربي بسبب استفزازات إيران وأعمالها العدائية
تستمر التوترات في منطقة الخليج العربي، بسبب استفزازات إيران وأعمالها العدائية، والتي كان آخرها الاستيلاء على ناقلة نفط بريطانية على متنها 23 فرداً، ما تسبب بتصاعد الأزمة بين البلدين، مع استمرار تهديدات واشنطن، إلا أن المعضلة الحقيقية تكمن في مخاوف من حدوث اضطرابات تجارية محتملة في أحد أهم الممرات المائية حول العالم، مضيق هرمز الاستراتيجي.
لفتت الكثير من
التقارير الإخبارية العالمية إلى أهمية ضبط الأمن في مضيق هرمز، وعدم السماح لإيران
وميليشياتها باستغلال أهمية مضيق هرمز بشن هجمات أو عمليات استفزازية جديدة، ما قد
يتسبب بإغلاق أهم شريان لنقل النفط في العالم، أو ارتفاع تكاليف تأمين السفن المارة
عبره.
ارتفاع تكاليف
التأمين
يقول تقرير لصحيفة
"فايننشال تايمز"، نقلاً عن لجوناثان موس رئيس قسم النقل البري والبحري بشركة
"دي دبليو إف" البريطانية المتخصصة في مجال الاستشارات القانونية، إن
"ملاك السفن أصبحوا يواجهون تكليفات تأمين أعلى للسفن التي تمر عبر مضيق هرمز،
حيث ارتفعت تكاليف التأمين بثمانية إلى عشرة أضعاف خلال الأسابيع الثمانية الماضية".
فيما رأى بوب سانغوينيتي،
الرئيس التنفيذي لغرفة الشحن في المملكة المتحدة، أن "ناقلة ستينا إمبيرو المحتجزة
في إيران تحمل علم بريطانيا ومالكها سويدي، بينما طاقمها من جنسيات مختلفة، كما أن
نشاطها دولي، ما يعني أن "القضية ليست قضية تخص المملكة المتحدة وحدها".
وأشار التقرير
إلى أن البعض يطالبون بتدخل عسكري لحماية السفن التجارية، بينما يخشى آخرون من أن هذا
التحرك قد يؤدي إلى نتائج عكسية ويزيد من تدهور العلاقات الإيرانية المتوترة بالفعل
مع الغرب.
واعتبر أن التباين
في وجهات النظر مؤشر على التحدي الذي يواجه الحكومات لتوفير الحماية للسفن التجارية،
دون أن ينُظر إليها على أنها تقوم بعمل استفزازي.
لا يوجد مكان في
العالم للإمداد العالمي بالنفط، أكثر أهمية من مضيق هرمز، حيث أنه الطريق الوحيد لعمليات
نقل النفط من منطقة الخليج العربي الغنية إلى محيطات العالم. وهذا هو السبب في تصاعد
التوترات أخيراً ما تسبب حالة من القلق الكبير.
بيد أنه في حال
استمرت التهديدات والعمليات الاستفزازية من قبل نظام الملالي، فإنه سيتم إغلاق المضيق
مما سيشكل ضربة هائلة للاقتصاد العالمي، وفق تقرير لشبكة "سي إن إن" الأمريكية
الإخبارية، الذي أشار إلى أن الضربة يبدو أنها بدأت بالفعل، حيث قفزت أسعار النفط التي
كانت قد انخفضت مؤخراً، بنسب متفاوتة منذ بداية الهجمات والأعمال التخريبية خلال يونيو
(حزيران) ويوليو (تموز) الجاري.
مخاوف اقتصادية
يبدو مضيق هرمز
في الواقع أضيق مما يوحي به عرضه البالغ 21 ميلاً، حيث أن قنوات الشحن التي يمكنها
التعامل مع ناقلات عملاقة ضخمة يبلغ عرضها ميلين فقط متجهة من وإلى الخليج، مما يجبر
السفن على المرور عبر المياه الإقليمية الإيرانية والعمانية، وفقاً للتقرير.
ويمر عبر مضيق
هرمز حوالي 22.5 مليون برميل من النفط يومياً منذ بداية عام 2018، وفقاً لشركة
"فورتيكسا" لتحليل الطاقة، وهو ما يقرب من 24 ٪ من إنتاج النفط العالمي اليومي،
وحوالي 30 ٪ من النفط المتنقل في محيطات العالم.
وبالنسبة للولايات
المتحدة، يحمل المضيق أهمية أخرى كبيرة، حيث أن كمية النفط التي تمر عبره، تضاعف تقريباً
إنتاج النفط الكلي للولايات المتحدة، حتى أنها تمثل الطفرة الأخيرة في الإنتاج الأمريكي،
والتي أدت إلى أن تصبح أكبر منتج للنفط في العالم، وفق تقرير "سي إن إن".
قلق متزايد
وفي تقرير لمجلة
"إنشورانس جورنال"، يقول كبير محللي عمليات الشحن في شركة "بيمكو"
بيتر ساند، إن الاستهداف الواضح للناقلات ينذر بالخطر لأصحاب السفن العاملين في الخليج
العربي، لكن الأمر يتعلق بشركات الشحن إلى حد ما، على الرغم من الحاجة إلى مزيد من
الاحتياطات والأمان، مشيراً إلى أن "هناك قلق متزايد، ولابد من إضافة تدابير السلامة
والأمن العام للسفن والناقلات".
ووفقاً للتقرير،
فإنه من الطرق الواجب اتخاذها تفادياً لأي هجمات، زيادة سرعة مرور السفن عبر مضيق هرمز،
الذي يبلغ عرضه في أضيق نقطة حوالي 3 كيلومترات، إلا أن ذلك سيتسبب بتباطؤ السفن التي
تحمل البضائع لتوفير تكاليف الوقود. واقترح التقرير أيضاً تجنب المرور في المضيق أثناء
الليل، للحفاظ على مراقبة أفضل لأمن السفن.
وعلى الرغم من
هجمات طهران التي طالت سفناً وناقلات نفط تحمل أعلاماً مختلفة، إلا أنه بحسب ساند،
فإنه من بين حوالي 2000 شركة تشغل السفن في الخليج العربي، أوقفت شركتان فقط العمليات
بشكل فوري. وخلافاً لذلك، استمر العمل بلا انقطاع إلى حد كبير".
إلا أنه المخاطر
المتزايدة قد تؤدي إلى تعزيز المخاوف عند بعض شركات نقل النفط، وقال تحليل لنسبة المخاطر
صادر عن شركة خدمات الشحن "بريمار إيه سي إن"، إنه يمكن للمالكين رفع قيمة
أقساط التأمين، وقالت الشركة إن منطقة الخليج قد تم إعلانها كـ"منطقة مدرجة"،
مما يعني أنها تواجه خطراً أكبر، بعد أحداث 12 مايو (أيار) التي استهدفت ناقلات قبالة
ساحل الفجيرة الإماراتية.
وذكر تقرير
"إنشورانس جورنال"، أنه فور هجمات الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار الشحن للمشغلين
في الخليج بنسبة 10-20 ٪، ومع زيادة المخاطر، من المتوقع أن ترتفع أقساط التأمين بنسبة
10-15 ٪.
ويشير التقرير
إلى أنه عادة ما يكون الجزء الأكبر من التكاليف الإجمالية لعمليات الشحن تأتي من المشترين
والمستأجرين، وهو سبب آخر يجعل أمن مضيق هرمز أمراً بالغ الأهمية بالنسبة إلى مستوردي
النفط في جميع أنحاء العالم.
واليوم، فإن أي
صراع يهدد الناقلات سيعطل بشدة إمدادات النفط الخام في شرق آسيا المتعطشة للطاقة، وقد
تكون الأسعار المرتفعة أكثر تضرراً على بلدان مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة
وإندونيسيا.