قطر تتنصل من فضيحة الصاروخ المضبوط في إيطاليا وتسعى لإلصاق التهمة بإسبانيا
لم يجد تنظيم الحمدين سوى لولوة الخاطر المتحدثة باسم الخارجية القطرية، للتنصل من جريمته الجديدة في إيطاليا بعد العثور على صاروخ قطري بحوزة مجموعة من النازيين الجدد، والتي أصبحت منذ توليها منصبها محط سخرية وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن أصبحت عنوانا للكذب والخداع وتزييف الحقائق وتضليل الشعب القطري، منذ المقاطعة العربية لنظامه وأصبحت بحاجة إلى من يتحدث باسمها.
وفي محاولاتها
لطمس الحقائق وتوجيه الاتهامات بعيدا عن دوحة الخراب، زعمت المسؤولة القطرية أن صاروخ جو-جو طراز Matra Super 530 الفرنسي الصنع، الذي عثرت عليه السلطات الإيطالية
مؤخراً في مخبأ سري للأسلحة، كان من بين صواريخ قامت ببيعها لإسبانيا منذ 25 عاماً
مضت.
وصادرت الشرطة في إيطاليا الصاروخ، الذي كان
موضوعا داخل حاوية، ويحمل علامة أنه جزء من عملية بيع إلى قطر، وذلك خلال مداهمة استهدفت
يوم الاثنين الماضي، أفراداً يُزعم أنهم مرتبطون بجماعات يمينية متطرفة، حسبما ذكر
موقع "ذا درايف"، في عملية وصفت بأنها "فضيحة للدوحة".
وقالت المتحدثة
باسم وزارة الخارجية القطرية، في تصريح صحافي، إن سلطات البلاد بدأت على الفور تحقيقاتها
الخاصة بعد أن عثر الإيطاليون على الصاروخ وكان المسؤولون القطريون ينسقون مع نظرائهم
في إيطاليا. ووفقا لما ذكرته الخاطر، فقد سارع المسؤولون في قطر بالتصريح بأن البلاد
كانت قد باعت الصاروخ منذ عقود.
لولوة الخاطر أطلت
برأسها من جديد في أزمة الصاروخ، وكأنها ترفض ألا تكون طرفا في أي فضيحة لتنظيم الحمدين،
وكأنها تأبى أن يمر أي كذب أو خداع أو تضليل عبر أي شخص سواها، وتمثلت أحدث كذبة فيما
قالته أول أمس في أن قطر باعت هذا الصاروخ لدولة "صديقة" في إطار صفقة أسلحة
قبل 25 عاما، وأن بلادها بدأت تحقيقا عاجلا بالتعاون مع الجهات المعنية في إيطاليا
و"دولة أخرى صديقة"، بيعت لها الأسلحة لكشف الحقائق
وكانت الشرطة الإيطالية قد قامت بعدة غارات في
15 يوليو 2019، في إطار تحقيق واسع النطاق بين الجماعات الإيطالية الفاشية الجديدة،
التي كانت متورطة في إرسال أفراد، ومساعدات أخرى، للقتال ضد الانفصاليين الذين تدعمهم
روسيا في أوكرانيا.
وقالت الخاطر: "إن السلطات في قطر بدأت
على الفور تحقيقاً يمضي جنباً إلى جنب مع التحقيقات، التي تجريها السلطات الإيطالية
المعنية، وسلطات دولة صديقة أخرى تم بيع صاروخ Matra
إليها قبل 25 عاماً".
وأضافت أن "قطر قامت في عام 1994 ببيع الصاروخ
Matra Super 530 الذي تم العثور عليه، ضمن صفقة
شملت 40 صاروخاً من هذا الطراز إلى دولة صديقة، ترغب في عدم ذكر اسمها في هذه المرحلة
من التحقيقات".
وفي حين أن الخاطر لم تذكر اسم هذه "الدولة
الصديقة" ولا ترغب في ذكر اسمها، فقد قامت هي بنفسها بتحديدها ضمن التفصيلات الأخرى
التي قدمتها، ففي عام 1980، اشترت قطر 14 طائرة مقاتلة من
طراز Mirage F1 من فرنسا، إلى جانب مجموعة
من صواريخ جو-جو طراز Matra
Super 530F
ضمن الصفقة.
وفي عام 1994، باعت قطر الطائرات الـ13 المتبقية
إلى إسبانيا، كجزء من صفقة ثلاثية شملت أيضاً فرنسا، وقام سلاح الجو القطري ببيع قطع
غيار الطائرات، ومعها ما تبقى من الصواريخ Super 530F
إلى إسبانيا كجزء من الصفقة أيضاً. ووفقاً لقاعدة بيانات تجارة الأسلحة
الدولية، التابعة لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، اشتملت حزمة المبيعات على ما
يقرب من 40 صاروخ Super
530F.
وفي عام 2013،
أحالت إسبانيا إلى التقاعد آخر ما كان لديها من مقاتلات الميراج طراز F1s، بعدما كان الكثير منها قد خضع لبرنامج ترقية
عميق منذ عام 1996، لتحويلها إلى مستوى ميراج طراز F1M
الأكثر حداثة.
ولكن لم تتم ترقية الميراج، التي كانت مملوكة
في السابق لقطر، بل وكانت تلك المقاتلات من أوائل من خرجت الخدمة قبلها بسنوات. ومنذ
ذلك الحين، قامت شركة القطاع الخاص Draken International
بشراء الطائرات الميراج طراز F1M
المتبقية.
وكانت شركة Matra
قد أنتجت الصاروخ Super 530F
في عام 1979، خصيصا لتسليح مقاتلات Mirage طراز F1،
ولم يكن لإسبانيا أي استخدام لهذه الصواريخ، بعد إحالة تلك المقاتلات إلى الاستيداع.
ولكن ما حدث لتلك الصواريخ منذ ذلك الحين ليس
واضحاً تماماً، على الرغم من أن السلطات الإسبانية تقول إنها قامت بنزع ذخيرتها وباعتها
كخردة. ومع ذلك فقد أشار المسؤولون الإيطاليون إلى أن السلاح الذي عثروا عليه كان سلاحاً
حياً.
وبحسب موقع Defensa.com قالت وزارة الدفاع الإسبانية في بيان لها:
"إن الصواريخ الـ40، التي تم الحصول عليها من قطر، تم تجريدها بالكامل من ذخيرتها
بمعرفة القوات الجوية الإسبانية. ويقع على عاتق السلطات الإيطالية مسؤولية تحديد المصدر
الحقيقي للصاروخ، في ضوء الأدلة".
والسلطات في قطر وإسبانيا لديهما الأرقام المسلسلة
لجميع الصواريخ المتضمنة في عملية البيع لعام 1994 ويمكن التحقق منها.
كانت هناك تكهنات بأن قطر تتستر على أنها كانت
الوحيدة التي فقدت Super
530F،
ولكن يبدو أن هذا الاحتمال بعيد بشكل خاص، بالنظر إلى أن بيان وزارة الخارجية القطرية
أكد بشكل علني أن هذا الصاروخ يرتبط بالصفقة التي جرت منذ 25 عاماً.
وأضافت الخاطر في البيان الذي تناقلته وسائل
الإعلام القطرية: "تعمل قطر الآن عن كثب مع الأطراف المعنية، بما في ذلك إيطاليا،
للكشف عن الحقائق وتشعر بالقلق الشديد إزاء الكيفية التي انتهى بها هذا الصاروخ، الذي
تم بيعه قبل 25 عاماً، إلى أن يقع في أيدي طرف ثالث ليس بدولة"، مشيرة إلى أن
قطر كانت تنسق مع إسبانيا أيضا، بشأن هذه المسألة.
ومن التكهنات أيضاً أنه ربما يكون، في خضم عملية
التجريد من الذخيرة، شق أحد تلك الصواريخ طريقه إلى السوق السوداء، ثم وصل إلى حيازة
شبكات إجرامية في إيطاليا، حيث عثرت عليها السلطات أثناء غاراتها الأخيرة.
ومن غير الواضح أيضاً ما إذا كان أي من الصواريخ
من طراز Super 530F تم إرجاعه إلى فرنسا، كجزء
من ترتيبات عملية بيع عام 1994، والذي سيكون عاملا محتملًا آخر، للبيع غير المشروع.
أما الأسباب، في المقام الأول، التي تكون قد
دفعت هؤلاء الأفراد في إيطاليا، الذين تربطهم صلات بجماعات فاشية يمينية متطرفة، في
ذلك البلد، للحصول على هذا الصاروخ، وما كانوا قد خططوا للقيام به، فإنها لا تزال غير
واضحة.
وأفادت بعض التقارير بأن السلطات الإيطالية اعترضت
مكالمات هاتفية حول احتمال بيع سلاح بمبلغ 470000 يورو إلى "مسؤول حكومي أجنبي".
ووفقاً لما سبق أن نشره موقع "The War Zone"، فإن عدد القوات الجوية التي تستخدم حالياً
مقاتلات Mirage طراز F1، وهي المقاتلات، التي صممت شركة Matra صاروخ طراز Super 530F لها خصيصاً، يتضاءل باستمرار.
ومن ثم فإن كل من ليبيا وإيران، هما اللتان تواصلان
تشغيل أساطيل صغيرة من هذه الطائرات المقاتلة.
وتكافح حكومة الوفاق في ليبيا من أجل الحصول
على أسلحة إضافية وغيرها من المعدات العسكرية. ويمكن أن تكون إيران مهتمة أيضاً بالهندسة
العكسية التي تشكِّل الصواريخ، التي تبني بالإمكانيات المحلية، بما في ذلك إصدارات
المنصات والأغراض الأخرى، مثل تنويعات صواريخ أرض-جو.
والسيناريو المرجح
حتى الآن هو أن قطر كانت على علم بخروج الصاروخ من أراضيها ووصوله إلى إيطاليا عبر
ليبيا، فسجلّ قطر في دعم الجماعات الإرهابية في كل مكان بالعالم بالمال والسلاح ودورها
التخريبي في ليبيا، يدعم هذا السيناريو.
ولم يعد سرا أن
تنظيم الحمدين يدعم المليشيات المتطرفة في طرابلس التي تنتمي لجماعة الإخوان الإرهابية
وتنظيم القاعدة المسلح، ويقدم لهم كل ما يحتاجونه من تمويل وعتاد عسكري ودعم إعلامي
في محاولة لمواجهة العملية التي ينفذها الجيش الوطني الليبي لاستعادة الأمن والاستقرار
بالعاصمة وتحريرها من قبضة المليشيات المسلحة؛ لذا دائما ما تحذر إيطاليا من تسرب إرهابيين
من ليبيا إلى أراضيها ضمن قوارب المهاجرين غير الشرعيين.
وما يدعم هذا السيناريو
أيضا أن قطر تدعم أنشطة إسلاميين متطرفين في إيطاليا، تحت ستار بناء المساجد والأعمال
الخيرية، وهو ما قابله عدد من المحللين الإيطاليين بالسخرية بعد الكشف عن فضيحة الصاروخ
بقول أحدهم: "نحن نعلم أن قطر تمول مسجدا جديدا في المنطقة الشمالية من إيطاليا،
لكن لم نكن نتوقع أنها تمول بالأسلحة جماعات متطرفة".