في ذكرى رحيله.. من هو الأنبا شنودة رئيس المتوحدين؟
قضى خمس سنوات متوحداً في صلوات وتأملات، و فتح أبواب ديره للأقباط يصلون فيه ويأخذون حاجتهم منه، كما بنى لهم كثيرًا من الكنائس في القرى المجاورة للدير وكان يدافع عنهم أمام الحكام، إنه الأنبا شنودة رئيس المتوحدين، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم.
وللأنبا شنودة، الذي وُلد بقرية شندويل التابعة لمركز المراغة محافظة سوهاج، من أبوين مسيحيين تقيين، وكان أبوه يدعى أبيجوس وأمه دروبا. مكانة هامة ومتميزة في التراث القبطي؛ فهو من جهة يلقب بـ"عميد الأدب القبطي" أما لقبه الأشهر فهو "رئيس المتوحدين"؛ وهو نموذج رائع للنبوغ المبكر؛ إذ تذكر سيرته الذاتية أنه كان وهو طفل صغير يواظب على الصلوات والأصوام وعمل الرحمة مع الفقراء والمساكين.
اشتهر منذ طفولته بمحبة الصلاة؛ فأوفده والده إلى خاله الأنبا بيجول فتولاه بالرعاية حتى ألبسه لباس الرهبنة؛ وبعد وفاة خاله تولي رئاسة الدير الأبيض وكان ذلك نحو عام 388م؛ ولقد ترك سلسلة مؤلفات وعظات قيمة؛ حتى قال عنه المؤرخ الإنجليزي ورل "أن الأنبا شنودة هو أعجب شخصية أخرجها القبط في أي عصر من عصورهم الطويلة وبأنه مؤسس المسيحية القبطية ".
ويعد الأنبا شنودة واضع القوانين والنظم في الحياة الرهبانية، إذ حدد أسس الرهبنة الثلاثة، لذا جمع ديره فى القرنين الرابع والخامس الميلاديين نحو ٥ آلاف راهب، لينهلوا من علمه ويقتدوا به، لأنه كان أديبًا، وكتب العديد من العظات والمقالات والرسائل والأقوال التي تعبر عن عمق الدراسات والأفكار التي حملها. كما سمي بأبو القبط أو أبو المصريين، وهو يُعتبر أهم شخصية تمثل رهبنة الشركة في مصر بعد القديس باخوميوس .
ودُعي "أرشمندريت" أي رئيس المتوحدين، لأنه كان يمارس حياة الوحدة من حين إلى آخر، وشجع بعض رهبانه على الانسحاب إلى البرية بعد سنوات قليلة من ممارستهم حياة الشركة، دون قطع علاقتهم بالدير تمامًا. توفي وهو يبلغ من العمر مائة وعشرين عاماً قضاها كلها في خدمة الرهبنة والكنيسة، وكتب فيها الكثير من الرسائل والميامر الروحانية.
ويقع دير رئيس المتوحدين، الشهير بالدير الأبيض، على مساحة ١٢٫٨٠٠ فدان، ويحتوى على عدة كنائس ومبانٍ ملحقة للخدمات، كما يضم مطابخ ومخازن وحجرات يقيم فيها الرهبان "قلالى".