علماء الأزهر خلال قافلة دعوية بالمعادي: النظافة من شرائع الإسلام
انطلقت اليوم الجمعة، رابع القوافل الدعوية المشتركة بين علماء الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف إلى المعادي بمحافظة القاهرة لأداء خطبة الجمعة تحت عنوان: "الآداب والحقوق العامة للمجتمع وأثرها في رقيه وبناء حضارته"، وذلك في إطار التعاون المشترك والمثمر بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف من أجل تصحيح المفاهيم الخاطئة، ونشر الفكر الوسطي المستنير، وبيان يسر وسماحة الإسلام ، ونشر مكارم الأخلاق والقيم الإنسانية، وترسيخ أسس التعايش السلمي بين الناس جميعًا.
وأكد الدكتور سالم عبد الخالق عبد الحميد الأستاذ بكلية أصول الدين والدعوة، من منبر مسجد "المدينة المنورة" بحدائق المعادي، أن الإسلام جاء بمنهج متكامل، ينظم علاقة الإنسان بربه، وعلاقته بالناس، وعلاقته بالكون كله، فقد حفلت الشريعة الإسلامية بالعديد من النظم والآداب والحقوق العامة التي ترسخ لرقي المجتمع وتقدمه وازدهاره ، ومن هذه الآداب: أدب الاستئذان، والذي يعد من جميل الآداب العامة، التي تمنح الناس الخصوصية، حيث يقول سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ"، وقد علّمنا النبي (صلى الله عليه وسلم) الاستئذان وآدابه.
وأكد الدكتور محمد محمد محمد عيسى الأستاذ بكلية الدعوة الإسلامية، من منبر مسجد "العظيم" بزهراء المعادي، أن من جملة الآداب والحقوق الإسلامية التي حض عليها الإسلام ورفع شأنها، حق الطريق فينبغي على الإنسان مراعاته، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ في الطُّرُقَاتِ)، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا، نَتَحَدَّثُ فِيهَا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) : (فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ)، قَالُوا : وَمَا حَقُّهُ ؟ قَالَ: (غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ - أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ - شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ)، فينبغي لمن يستخدم الطريق أو المنشآت العامة عدم رفع الصوت، أو التحدّث بصوت عالٍ مزعج، وعدم الضحك بصوت مُخل، وعدم إلقاء المخلفات في الطريق، ووضعها في الأماكن المخصّصة لها.
وقال الدكتور إبراهيم عبد الستار علي، عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الإسلام جعل الطهارة والنظافة الكاملة للجسد والثوب والمكان جزءً لا يتجزأ من شرائعه، بما يتناسب مع أهميتها كسلوك إنساني، وقيمة حضارية، مؤكدًا أن الله (عز وجل) مدح المؤمنين الحريصين على تنظيف أجسادهم، وتنظيف ظواهرهم وبواطنهم، فقال سبحانه: "إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ"، وقال (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّ اللَّهَ طِيبٌ يُحِبُّ الطِّيبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ"، وقَالَ (صلى الله عليه وسلم): "الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ..."، وقد رأى (صلى الله عليه وسلم) رجُلًا شعِثًا - قد تفرَّقَ شَعرُهُ – فقال (صلى الله عليه وسلم): (أما كان هذا يَجدُ ما يُسَكِّنُ به شَعْرَهَ؟)، ورأى رجُلًا آخر عليه ثيابٌ غير نظيفة، فقال (صلى الله عليه وسلم): (أَما كان هذا يجدُ ما يَغسِلُ به ثوبَهُ؟).
وأضاف الدكتور أحمد عبد الهادي علي بديوان عام وزارة الأوقاف، أن من الآداب والحقوق العامة التي جاء بها الإسلام أدب الحوار، فالحوار من وسائل التعارف، وتصحيح المفاهيم، وقد فتح الإسلام باب الحوار بين الناس جميعا؛ وصولا للهداية والحق، بلا حرج أو قيود، لكن ينبغي أن يكون الحوار بعيدًا عن الطعن في الآخرين، أو السخرية منهم، أو احتقارهم قال تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، ويقول سبحانه: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ..}، ويقول نبينا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): (لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ وَلَا البَذِيءِ)، فينبغي أن يكون الحوار بالحسنى، قائم على أسس من العلم ، والموضوعية، ورعاية مقتضى.