ثلاث معاني في الخدمة.. عظة البابا تواضروس اليوم بوداي النطرون
ألقى البابا تواضروس الثاني، خلال صلاة القداس الإلهي، صباح اليوم، بدير القديس الأنبا بيشوي، بوادي النطرون، عظة تحدث فيها عن "ثلاث معاني في الخدمة".
وقال في عظته:
في هذا الصباح الباكر نحتفل بسيامة عدد من أبنائنا الشمامسة لكي ما يصيروا كهنة في الإسكندرية والقاهرة وإسنا وأستراليا وكندا. سيامة الآباء الكهنة وتكريس أنفسهم وأسرهم من أجل عمل الله الممتد في كنيسته في كل مكان وزمان وجيل. هو يوم فرح لهؤلاء الذين يتكرسون بعد تزكية الآباء والخدام والشعب لكي ما يخدموا في كنيسة الله الحي.
نحن كل يوم في صلاة باكر نصلي مع القديس بولس الرسول ونقول " أسألكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم إليها" فالكهنوت دعوة تمتد من جيل لجيل يعطيها لنا الله ليس عن إستحقاق بل كوزنة نتاجر بها ونكون أمناء فنربح. فكما سمعنا في إنجيل اليوم "كن أمينا في القليل أقيمك على الكثير.." "لأن كل من له يعطى فيزداد ومن ليس له فالذي عنده يؤخذ منه".
من أجل هذا دعوة الكهنوت ليست أمرا هينا أو بسيطا فمن يتكرس وهو مرتبط بأسرة واولاد يشتركوا معه جميعا في هذا التكريس وأثقال الخدمة ونحن نصلي من اجل الأكليروس ونقول "اعطي بهاءا للأكليروس..." وكلمة بهاء في اللغة العربية تعني:
1- النقاوة الداخلية 2- اللمعان اخارجي
فنصلي ونقول أعطيهم النقاوة الداخلية ومنها تنعكس على حياته الخارجية فيصير لامعا أي تائبا وقديسا فاللمعان ليس الشهرة.
وأريد أن أتحدث معكم عن ثلاث معاني يجب أن تكون في حياة الكاهن وكل من له خدمه:
- المعنى الأول: المحبة التي تملأ القلب فتتحول إلى روح الأبوة: المحبة الحقيقية التي للمسيح ولا يتحقق الشبع من محبة الله طول ما القلب به أنواع آخرى من المحبة. املأ قلبك من المحبة الحقيقية التي ليست بالكلام أو المجاملات. محبة حقيقية حسب قلب الله فتتحول لمحبة خارجية بروح الأبوة فكلمة "أبونا" ليست لقب لكنها مفتاح المحبة التي يقدمها الكاهن في كل صباح ومساء. أنت المدعو للكهنوت اجتهد في صلواتك، علاقاتك بالإنجيل، بقانونك وحياتك الروحية لتمتلأ بمحبة الله فتكون أبا يشعر بمحبته الكل.
من الآباء الكهنة الدكتور والمهندس والمحاسب لكن لا نحتاج كل هذا نحن نحتاج أب ليفتقد ويبحث عن الضال ولا يعرف الكسل. إن أهمال الأب في أسرته الصغيرة مرفوض فما بالك الأب الروحي المسئول عن عشرات الأسر. نحتاج المحبة الداخلية التي تنعكس خارجيا بروح الأبوة.
- المعنى الثاني: املأ قلبك بالتوبة الداخلية لتتحول لروح الأتضاع: قلب الانسان لا يراه سوى الله والتوبة عمل داخلي تشعر به السماء التي تفرح بتوبة الخاطئ. للكاهن توبة دائمة وإلا كيف سيتوب الناس وعلامة الإنسان التائب الاتضاع.
أنت مدعو لتترك ذاتك فالكهنوت ليس رئاسة ولا منظرة إنما في عرف كنيستنا هو إتضاع أولا وأخيرا.فالسيد المسيح كنز الفضيلة عندما أراد أن يعلمنا قال "تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب" وفي الساعات الأخيرة من خدمته أنحنى السيد والمعلم ليغسل أرجل تلاميذه. عندما تتوب بالحقيقة يكون لك روح الأتضاع ولا يوجد بك روح الكبرياء أو التسلط فتشعر في نفسك أنك اول الخطاة.
- المعنى الثالث: املأ قلبك بالعمل المستمر والنشاط فيتحول لأستقامة السلوك: أعطيت هذه الوزنة لتتاجر بها وتربح ففي كل يوم نصلي في مزمور التوبة " قلبا نقيا أخلق في يا الله وروحا مستقيما جدده في من أحشائي..." إستقامة الإنسان في سلوكه وخدمته وعلاقاته وتعاملاته أمينا في كل شئ يحترس من المجد الباطل والخطايا الأخلاقية ومحبة المال. تنال الكهنوت في قلبك كوزنة تحافظ عليها وتتاجر بها وتربح وليس كنيشان او ترقية بل مسئولية تحتاج كل الحرص. احترس من الغفلة واحرص على النقاوة والأستقامة وكنيستنا تعلمنا في كل مساء نصلي ونقول " جميع ما أخطأنا به في هذا اليوم إن كان بالفعل أو بالفكر أو بجميع الحواس أصفح واغفر لنا..." كأن الانسان يجدد نفسه ويطرح خطاياه في الخارج.
ثلاثة معاني لنتجدد ونعمل بدعوة القديس بولس الرسول "اسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم إليها.." الكنيسة تقول لنا أن نسلك كما يحق لذلك:
املأ قلبك بالمحبة لتتحول إلى روح الأبوة
املأ قلبك بالتوبة الداخلية لتتحول لروح الأتضاع
املأ قلبك بالعمل المستمر والنشاط فيتحول لأستقامة السلوك
نحن اليوم سنرسم 23 كاهن في مناطق كثيرة ولا يسع الشعب سوى الصلاة من أجلهم كل يوم وليس اليوم فقط لينجح الله طريقهم
يفرح معنا اليوم نيافة الأنبا صرابامون وكل الآباء الرهبان يستضيفونا اليوم والآباء الأساقفة والكهنة والشمامسة نفرح معا لأنه يوم تكريس نصلي ان يدوم هذا الفرح.