محمد مسعود يكتب: لولا 30 يونيو
كان مشهدا مربكا، الجميع ممزق.. الخوف من المصير المجهول، على مد البصر، والرعب من المستقبل المظلم ملأ الخيال.
ووسط عواصف الإحباط.. ورياح خيبة الأمل.. لم يكن مستغربا، أن تغرق مراكب الأمانى فى بحور اليأس، بعد أن آل الحكم إلى عروس ماريونيت، تابعة لجماعة، حولت الأمن إلى خوف.. والحلم إلى عجز.. وعزة التاريخ.. إلى ذل وعار الحاضر.
كان على الجماعة، تقزيم مصر، لتصبح على مقاسهم.. وتليق على مكتب إرشاد الحاكم الجديد، الذى كلما ظهر، كنا ندعو الله، أن يكون مجرد مرض نشفى منه سريعا، وألا يكون قدرا مقدورا، جاثما على أنفاسنا وصدورنا، طيلة فترة حكم الجماعة التى حددوها سلفا، بأنها لن تقل عن خمسمائة عام.
أفرز نظام الإخوان مجموعة من الوجوه الميتة، الخالية عن التعبير مثل مرشد الجماعة محمد بديع، وذراعه اليمنى خيرت الشاطر، علاوة على محمد البلتاجى وعصام العريان والكتاتنى، وجوه عجزت عن دفع عجلة التنمية، ورسم حدود المستقبل، إلا من مشروع وهمى أطلقوا عليه «طائر النهضة»، ووصفوه بأنه سيحلق بمصر عاليا، وإنما فى الحقيقة كان سيجعلها أسفل سافلين.
لذا.. لم يحتمل المصريون أكثر من سنة سوداء واحدة، شاهدوا فيها أخونة مفاصل الدولة، وتمكين مكتب الإرشاد من كل شىء، ناهيك عن الخطط الجهنمية التى تقضى ببيع قناة السويس وتأجير آثار مصر لمدة مائة عام.
كان جميعنا يعلم، أن الثورة لن تكون على محمد مرسى العياط، بل ستشتعل ضد الجماعة ومكتب الإرشاد ورموز الحزب الكارتونى «الحرية والعدالة»، وخرج المصريون يعلنون عن غضبتهم، لم يكن هناك ما يخشونه، أيخشون الموت وهم فى الأساس يموتون اختناقا كل يوم.. أيصمتون أمام تهديدات الجماعة «إما أن نحكمكم أو نقتلكم».
وفى 30 يونيو 2013 انفجر بركان الغضب، وخرج المصريون يملأون الميادين هاتفين فى مشهد مهيب: «يسقط يسقط حكم المرشد»، واستنجد الشعب والثوار بجيش مصر، أكثر المؤسسات صدقا ومصداقية، كونها كانت على الدوام فى صف الشعب المصرى، ولم يخيب المشير عبدالفتاح السيسى ظن الذين احتموا به واستنجدوا بشخصه وبمؤسسته الباسلة لتحميهم من الإخوان وترفع السيف عن رقابهم أجمعين.
وتدخل السيسى كبطل خارق، وحول الخوف إلى أمن، والعجز إلى حلم.. وظلام الهوة السحيقة، إلى شروق شمس مستقبل جديد، فأصبح لهم بطل الحلم والحقيقة، ونجح فى الخروج بهم وبمصر إلى بر الأمان، لذا طمع المصريون أن يكون بطلهم هو رئيسهم.. وأمام الضغوط لم يخجلهم، ولبى طلبهم، وكان صريحا معهم، أننا سنتعب سويا للنهوض بمصر، لم يفعل مثل غيره، لم يعد بالمستحيل.. لكنه سعى إلى تحقيقه.
لولا 30 يونيو لتراجعت مصر مئات السنين، لولاها لكان أغلبنا فى السجون والمعتقلات أو ضحايا إبادة جماعية من جماعة متوحشة، لولا 30 يونيو ما شاهدنا قناة سويس جديدة، ولا مشروعات سكنية، أو عاصمة إدارية جديدة، أو طرق وكبارى تربط المحافظات ببعضها، لولا 30 يونيو، ما عاد الأمن وحل الأمان، ما استطاعت مصر تنظيم دورة رمضانية وليس بطولة قارية يشهد العالم بنجاح تنظيمها.
ولولا وقوف الجيش فى صف شعبه لصال الإرهابيون والمرتزقة فى شوارع القاهرة، ولولا 30 يونيو لنهش الفساد فى جسد هذا الوطن الذى لم يزل يتعافى حتى الآن ليقف على قدميه ويواجه العالم بقوة.
لولا 30 يونيو ما عادت إفريقيا إلى حضن مصر.. وما كان يمثلنا رجل نشهد له بالدهاء السياسى الذى أفسد – ولا يزال – مؤامرات دول عظمى ضد مصر، فتحية إلى شعب مصر وجيشها والرجل الذى أعاد الأمن إلى الأنفس والأمل إلى القلوب.