ترتيبات دولية جديدة في شمال سوريا تتجاوز تركيا
وقعت الأمم المتحدة مع قوات سوريا الديمقراطية، اتفاقاً يقضي بمنع تجنيد الأطفال دون سن الـ18، في خطوة وصفتها تركيا بالتطور الخطير، لأن من شأنها إضفاء شرعية دولية على هذا التحالف السوري الذي تشكل في العام 2014 لدحر تنظيم داعش الإرهابي.
ورغم أن الاتفاق في ظاهره يحمل إدانة لقوات
سوريا الديمقراطية على تجنيد أطفال في صفوفها، فإن مضمونه ينطوي على اعتراف أممي بهذا
التحالف وهذا ما يفسر ردة الفعل التركية الغاضبة.
ووفقاً لصحيفة "العرب" اللندنية
اليوم الأربعاء، ترى تركيا في قوات سوريا الديمقراطية تهديداً وجودياً لأمنها القومي
بالنظر إلى سيطرة وحدات حماية الشعب الكردي على هذا التحالف المدعوم أمريكياً، وتعتبر
أنقرة أن وحدات حماية الشعب الذراع العسكرية للاتحاد الديمقراطي الكردي امتداد لحزب
العمال الكردستاني الذي ينشط على أراضيها وتصنف تركيا الوحدات منظمة إرهابية.
وتأتي الخطوة الأممية وسط حديث عن ترتيبات
جديدة في الشمال السوري أهمها إعلان الولايات المتحدة موافقة دول شريكة في التحالف
الدولي ضد تنظيم داعش، على إرسال قوات لها لملأ الفراغ الذي ستخلفه القوات الأمريكية
في تلك المنطقة، ما يعني عملياً إجهاض طموحات تركيا في بسط نفوذها على كامل الشريط
الحدودي مع سوريا، والقضاء على العدو الكردي.
وفي المقابل، يبدو أن الاتفاق يثير فزع
تركيا التي رأت أنه يحمل مضامين خطيرة تتهدد طموحاتها في سوريا، وتشكل على المدى البعيد
تهديداً مباشراً لأمنها، وقالت الخارجية التركية في بيان، إن "توقيع الأمم المتحدة
على خطة عمل مع التنظيم الإرهابي المذكور، يعد تطوراً خطيراً، وأنقرة تدينه بشدة".
ويرى مراقبون أن ردة الفعل التركية مبررة،
فالأمور في منطقة الشمال السوري تتسارع بشكل يتجاوزها، وتخشى أن يكون هناك توجه دولي
لسحب البساط من تحت أقدامها، خاصة بعد نجاح الإدارة الأمريكية على ما يبدو في إقناع
حلفائها الغربيين بإرسال عناصر لهم إلى منطقة الشمال السوري، بعد أن رفضوا القيام بهذه
الخطوة في السابق.
وكما قالوا إن "توجه واشنطن للإبقاء
على نحو نصف قواتها في سوريا قد يكون الدافع الأساسي للقوى الحليفة لإرسال عناصر لها
إلى هذا البلد"، وسبق أن صرح المسؤولون الفرنسيون والبريطانيون بأن إعادة النظر
في الانسحاب الأمريكي الكلي من سوريا قد تدفعهم إلى مراجعة موقفهم الرافض لإرسال المزيد
من القوات إلى هناك.
ويرجح المراقبون أن تكون روسيا غير بعيدة
عن التفاهمات التي تجريها الولايات المتحدة، لافتين إلى أن موسكو تدرك أن عقد تفاهمات
مع واشنطن السبيل الأمثل لحل الأزمة السورية، خاصة وأن تركيا لا تبدو جدية في التعاطي
مع اتفاق خفض التصعيد في إدلب، وهو ما دفعها إلى تولي زمام الأمور بنفسها هناك.
ويرى محللون أن تركيا التي تكابد للحفاظ
على نفوذها في إدلب عبر الجماعات الجهادية التي تدعمها، في وضع أقل ما يوصف به سيء
لأن الترتيبات الجديدة الجارية في الشمال السوري سواء بالاتفاق مع روسيا أو عدمه، والتي
تجعل من قوات سوريا الديمقراطية طرفاً رئيسياً في أية تسوية مستقبلية في هذا البلد
من شأنها أن تبعثر جميع طموحاتها في هذا البلد.