مصير مصانع "بير السلم" على طاولة البرلمان.. 2.5 مليون مصنع والإغلاق ليس الحل

الاقتصاد

ارشيفية
ارشيفية

تعد المصانع غير المرخصة أو ما نطلق عليها مصانع "بير السلم" ظاهرة منتشرة، وتحتاج لتدخل سريع، لأضرارها الجسيمة سواء على صحة المواطن، أو على الاقتصاد المصري.

ولا يوجد حصر دقيق لعدد مصانع "بير السلم" في مصر، وكل ما ينشر نسب تقديرية، على الرغم من أننا أصبحنا نعاني من وجود منتجات مغشوشة في مختلف القطاعات، وإن كان أخطرها المنتجات غير المطابقة للمواصفات في قطاعي الأدوية والأغذية، ولهذا انتبه البرلمان وفتح هذا الملف الشائك آملين أن يخرجوا بحل قريب حفاظًا على صحة المواطنين واقتصاد الدولة.

انتشار الحرائق بمصر سببه المنتجات المغشوشة
قال النائب طارق متولي، عضو لجنة الصناعة بالبرلمان، إنه تقدم بطلب إحاطة بشأن أزمة انتشار مصانع "بير السلم" في منطقة باسوس بالقليوبية، وما تسببه من أضرار صحية جسيمة على المواطن، بالإضافة إلى ضررها على الاقتصاد القومي.

وأوضح "متولي"، خلال تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن مدينة باسوس بها 365 مصنع بير سلم، ومنتجاتهم غير مطابقة للمواصفات، وهناك مصانع ورق، وأسلاك كهربائية، ومواسير مياه في تلك المنطقة، معتبرًا أن انتشار الحرائق في مصر سببه استخدام أسلاك مغشوشة تباع في تلك المنطقة.

وأَضاف أن لفة الأسلاك الكهربائية تباع في المناطق المعروفة بـ 2200 جنيه، بينما تباع في مصانع باسوس بـ 380 جنيه، كذلك يباع في باسوس حفاضات أطفال بـ 18 جنيه، على الرغم أنها تباع في الصيدليات والمحلات الكبرى بـ 180 جنيه، كما أن مواسير المياه التي تصنع في تلك المنطقة تسبب الإصابة بالتيفود على المدى البعيد.

وأشار إلى أنه تم عقد اجتماع في لجنة الصناعة بحضور ممثلي وزارات الصحة والصناعة والبيئة والتنمية المحلية وهيئة التنمية الصناعية، وتقرر شن حملات لحصر مصانع بير السلم على مستوى الجمهورية، كما تم مطالبة وزارتي الصحة والبيئة بالقيام بحملات على تلك المناطق، وأن تخضع تلك المصانع لإشراف مباشر من الدولة، مؤكدًا أنه سيكون هناك متابعة لهذا الملف في لجنة الصناعة الفترة المقبلة.

وتابع عضو لجنة الصناعة، أنهم ليسوا مع إغلاق مصانع بير السلم إلا المضر منها على صحة الإنسان، ولكنهم يستهدفون حصرها لتقنين وضعها، ودمجها بالاقتصاد الرسمي، مستطردًا: "الرئيس السيسي دشن حملة 100 مليون صحة وتكلفت المليارات لحماية صحتنا،ونحن نهدرها بمنتجات غير مطابقة للمواصفات".

غلق مصانع بير السلم ليس الحل
أوضح أمير الكومي، رئيس جمعية المراقبة والجودة لحماية المستهلك، أن ملف مصانع بير السلم قتل بحثا على مدار الـ 15 عام الماضية، فتلك المصانع منتشرة على مستوى الجمهورية، معقبًا: "مصانع بير السلم دولة لوحدها".

وأشار "الكومي"، خلال تصريحات خاصة لـ "الفجر"، إلى أنه يطلق على مدينة باسوس "هونج كونج مصر"، ولا يوجد بها عاطل واحد، وهناك قرية في المنصورة تنتج المبيدات والأسمدة الزراعية مما يشكل خطورة عظمى على صحة المواطن، فضلا عن وجود مناطق تشتهر بمصانع بير السلم في الفيوم.

ونوه بأنه لا يوجد حصر دقيق لمصانع بير السلم على مستوى مصر، وإن كانت تقدر بشكل مبدئي بالنظر إلى المنتجات في الأسواق، أن عدد تلك المصانع قد يصل إلى 2,5 مليون مصنع، لافتا إلى أنه تقدم في 2014 بمقترح إلى رئيس الوزراء حينها لحصر عدد تلك المصانع بدقة من خلال أن يقوم كل نائب في دائرته بحصر عدد تلك المصانع، وهو ما سيوفر علينا ميزانية كبيرة.

واعتبر أن من أسباب عدم وجود حصر دقيق بعدد مصانع بير السلم أنه لم يتم رصد ميزانية بحثية لهذا الملف، مطالبا أن تكون هناك وزارة للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر تتولى هذا الملف، حيث أنه ملف بلا أب شرعي، وجهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة بلا أدوات، فلن يستطع التعامل مع تلك المشكلة.

وأكد أنه ضد غلق مصانع بير السلم، فهو ليس حلا، وهناك دول كبرى قام اقتصادها على تلك المشروعات، ولكن يجب العمل على ضم هذا القطاع للدولة، وإعادة هيكلته، خاصة وأن حجم اقتصادها ضخم، وسيفيد الدولة.

2 % حجم الغش في الدواء بمصر
قال الدكتور علي عوف، رئيس الشعبة العامة للأدوية بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن مصانع بير السلم منتشرة على مستوى العالم، وهناك منتجات مغشوشة بالعالم، ولكن الغش في قطاعي الأدوية والأغذية من أخطر أنواع الغش.

وأشار "عوف"، خلال تصريحات خاصة لـ "الفجر"، إلى أن نسبة الغش في قطاع الدواء عالميا تصل إلى 10%، ولا يوجد إحصائية دقيقة عن نسبته في مصر وغن كانت وفقا للتقديرات لا تتعدى 2%، ويمكن القضاء على تلك النسبة بزيادة التفتيش الصيدلي، موضحًا أن المنتجات التي تغش هى الأغلى سعرًا، والأكثر مبيعًا.

ولفت إلى أن غش الأدوية والمنتجات الطبية في مصر يتم من خلال شراء ماكينات مستعملة من المصانع التي تبيع مكاينتهم، وتنتشر بيعها في منطقة "السبتية"، ولهذا يعمل التفتيش الصيدلي المصري على بيع الماكينات إلا من خلال الإدارة المركزية للشئون الصيدلية.

وأضاف أنه لا يوجد سيطرة واضحة على سوق الأدوية المغشوشة في مصر، حيث أنها تباع في القرى والنجوع البعيدة عن الرقابة، بينما تقل نسبة تواجد الأدوية المغشوشة في المناطق المركزية، والتي تتعرض للتفتيش الصيدلي باستمرار.

وحذر من غش الحقن بالتحديد كونه يؤثر على صحة المواطن بصورة سريعة، وقد لا يمكن انقاذه، مطالبا وزارة الصحة أن تصدر قرار ملزم لجميع صيدلي مصر بعدم استلام حقن المضاد الحيوي إلا بفاتورة تثبت مصدرها، ومنع الصيدليات من شراء الحقن إلا من الموزعيين الرسميين بفواتير مكتوبة، حيث أن غش الحقن قاتل.

الحوافز سبيلنا لضم مصانع بير السلم للاقتصاد الرسمي

وقالت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن حجم الاقتصاد غير الرسمي، أو مصانع بير السلم يقدر بنحو ما بين 50 إلى 60% من حجم الاقتصاد المصري.

وأضافت "الحماقي"، خلال تصريحات خاصة لـ "الفجر"، إلى أن اقتصاد مصانع بير السلم مؤثر، وضمه للاقتصاد الرسمي سيكون في صالح الدولة، حيث أنهم لا يدفعون ضرائب، وغير مسجلين بالدولة، وعند ضمهم سترتفع الحصيلة الضريبية، ومن ثم سيقل عجز الموازنة.

وأكدت أن السبيل الوحيد لضم أصحاب هذا القطاع لاقتصاد الدولة، هو تقديم حوافز وتسهيلات لهم تشجعهم على الانضمام للاقتصاد بشكل رسمي.