عادل حمودة يكتب: أسبوع الأسرار العميقة

مقالات الرأي

عادل حمودة يكتب:
عادل حمودة يكتب: أسبوع الأسرار العميقة

خيرت الشاطر سعى إلى لقاء عمرو موسى فى الشتاء الماضى

مرسى ينتصر على الشاطر ويفرض قنديل على الحكومة

أمام ثوب مصر المرقع بألف وصلة وألف لون وألف دجال وألف شيخ طريقة لا يمكن لشعب غاضب أن يسكت على هذا الترقيع الوطنى.. وإلا كان هو نفسه شعبا مرقعا.

من هنا.. حتمية الصدام بين شعب يريد التغيير وبين النظام الذى لا يريد أن يتغير.. بين المسمار والخشبة.. بين الخنجر والجرح.. بين الشراع والريح.. بين الفاشية والحرية.. بين التضليل والتوضيح.

كأن الشاطر رجس من عمل الشيطان على موسى اجتنابه

بمجرد أن هبطت الطائرة وفتحت تليفونى حتى وجدت مكالمة من صديق قريب بيننا مودة وعشرة.. طلب أن ألقاه فى أمر مهم على الفور.. فتوجهت من المطار إلى مكتبه.. وهناك وجدت عنده دكتوراً رأيته من قبل .. أعرف أنه كان عضوا سابقا فى الحزب الوطنى.. وشغل منصب أمين رجال الأعمال فى حلوان.. وكسب كثيرا من بناء مستشفيات اليوم الواحد فى زمن وزير الصحة الأسبق إسماعيل سلام.

بعد تظاهرات 25 يناير انقلب على الحزب الوطنى وتحمس إلى جماعة الإخوان.. فهل كان خلية نائمة أم أنها الموجة الرائجة؟

فى ذلك اليوم من فبراير الماضى عرفت علاقته القوية والمتينة بالمهندس خيرت الشاطر الذى طلب منه التوسط للقاء مع عمرو موسى.. بل وأبدى استعدادا لقبول كل الشروط كى يحدث اللقاء.

أما السبب فهو المبادرات الأمريكية والأوروبية التى طرحت فى ذلك الوقت لدفع الإخوان لتشكيل حكومة ائتلافية بالتشاور مع رموز جبهة الإنقاذ.. محمد البرادعى وعمرو موسى والسيد البدوى شحاتة.. لتكون هذه الحكومة بمثابة الشرط السياسى الضرورى للموافقة على قرض صندوق النقد الدولى.

ووافق خيرت الشاطر على التنفيذ.. لكنه.. أصر على أن تحتفظ جماعته بسبع وزارات تساعدها وتساندها فى الانتخابات البرلمانية القادمة على رأسها وزارات الشباب والرياضة والحكم المحلى والتموين والتعليم العالى.. وقبل الرجل بالتخلص من النائب العام لو أصرت المعارضة على ذلك.

لكن.. خيرت الشاطر الذى يرى فى نفسه ما لا يراه غيره قال: «إن اللقاء مع رموز جبهة الإنقاذ لن يتم إلا بعد أن يجلس مع رئيس الدولة محمد مرسى ورئيس حزب الحرية والعدالة سعد الكتاتنى».. فهو فى تصوره أنه أكبر من أن يتحاور مع هذه الرموز ثم يطلب مهلة للرجوع إلى القيادات المؤثرة فى القرار السياسى.. لو جلس معهم سيأتى ومعه تفويض بالتصرف يدعم صورة الرجل القوى الغامض التى يفضلها ويروجها.

خلال فترة ترتيب اللقاءات دخلت قطر وقدمت وديعة بثلاثة مليارات دولار اعتبرها مرسى كافية لرفض مبادرة الحكومة الائتلافية ولو كان المقابل تأجيل قرض الصندوق.. ففرض حماسه للدكتور هشام قنديل على خيرت الشاطر عندما التقى به فى حضور سعد الكتاتنى فبقيت حكومته بعد التعديل.

مات سعى الشاطر للقاء عمرو موسى فلم يعد عنده ما يقول.. أو ما يعرض.. وانشغل بالتوسع فى «البيزنس» لتعويض ما فاته من ثروات.. حلم بتكوينها.

هذا السر الذى احتفظت به شهورا طويلة أكشف الغطاء عنه بعد الضجة التى أثيرت حول لقاء عمرو موسى بخيرت الشاطر فى بيت أيمن نور لتوضع الأمور فى نصابها الدقيق دون صيد فى الماء العكر.

لكن.. أخطر ما نتج عنه اللقاء هو توجيه اللوم إلى عمرو موسى.. كأن رموز الإخوان رجس من عمل الشيطان على المعارضة اجتنابه.. إلى هذا الحد وصلت كراهية الجماعة فى الشارع المصرى.

الشاطر يتبادل الهدايا فى السجن مع جاسوس إسرائيلى

فى منتصف الثمانينيات نشرت أول كتاب عن تنظيم الجهاد فى مصر.. كتاب «قنابل ومصاحف».. وطوال السنوات الماضية لم يخطر ببالى أن أحاور قيادات ذلك التنظيم الذى أباح قتل أنور السادات بعد أن أفتى بكفره.

أمام كاميرات برنامج «آخر النهار» كان على مائدة الحوار أحمد راشد وياسر سعد وصبرة القاسمى.. وكل منهم دفع سنوات طويلة من عمره فى السجون قبل أن يخرج للحياة من جديد.. نابذا سياسة البندقية.. معلنا إيمانه بالديمقراطية.

كشف الحوار عن حقائق مذهلة.. لم يعرفها أحد من قبل.. تضاعف من كراهية الجماعات والتنظيمات الإسلامية المختلفة للإخوان.

ذات يوم جاء الأمن بسبعين شابا من مزارع القصب فى الصعيد إلى السجن بتهمة مساعدة إرهابيين.. وتصور الإخوان الذين كانوا فى السجن وعلى رأسهم خيرت الشاطر أن «الوارد» الجديد ينتمى إليهم فأرسلوا لهم طعاما وثيابا لتجاوز حالتهم السيئة التى جاءوا عليها.. لكن.. ما اكتشفوا أنهم ليسوا منهم حتى طالبوهم بخلع الملابس التى يرتدونها.. وإعادة الطعام الذى لم يأكلوه.. فالجماعة لا تساعد إلا أعضاءها.. ولا تعترف بالاعتبارات الإنسانية التى تفرضها القيم الإسلامية.

وما يضاعف من الدهشة أن خيرت الشاطر الذى كان معزولا فى السجن عن باقى رفاق التنظيمات والحركات الإسلامية لم يكن له علاقة حميمة إلا بجاسوس إسرائيلى محبوس على ذمة قضية ضد الأمن القومى المصرى.. وكانا يتبادلان الهدايا.. حسب ما شهد علنا صبرة القاسمى.

ويصف قادة الجهاد الديمقراطى الإخوان بالخوارج.. ويؤمنون بأن الخروج على محمد مرسى يوم 30 يونيو هو كلمة حق تقال فى مواجهة حاكم ظالم.. فقد فشل هو وجماعته فى إدارة البلاد.. فتضاعف الفقر.. وزاد الخراب.. وتفشى الانقسام.

والأهم أن الجماعة قادرة على تضليل فصائل إسلامية تستغلها لمصلحتها عند الحاجة وتتجاهلها عند توزيع الغنائم والمناصب.. إن حازم أبوإسماعيل لا يعرف أن الذى حفر وراءه لإخراجه من سباق الرئاسة كانت خلايا الإخوان فى لوس أنجلوس.. هم هناك الذى جاءوا بكل الوثائق التى تثبت جنسية والدته الأمريكية.. ورغم ذلك يقدم هو وأنصاره للجماعة ما لا تحلم به.. وينفذون لها مهام بدنية عنيفة لا تورط الجماعة نفسها فيها.. وهو أيضا ما تكرر مع الجماعة الإسلامية التى ينسب إليها التورط فى أحداث العنف التى جرت فى الاتحادية فى نهاية العام الماضى.

لكن.. يوما بعد يوم.. تتكشف حقيقة الإخوان لحركات وجماعات الإسلام السياسى وغيرها.. لذلك سيلتقى 13 فصيلاً منها يوم الثلاثاء القادم فى مركز ابن خلدون ليقرروا معا مساندة الشعب المصرى يوم 30 يونيو.

أوباما يدفع حكمه ثمنا لدعم مرسى فى ووتر جيت الجديدة!

الرئيس الأمريكى هو «الزبون رقم واحد» الذى تتعامل معه وكالات المخابرات فى بلاده.. لذلك فأول اجتماع لباراك أوباما بعد انتخابه بيومين كان مع مايك ماكونيل.. مدير المخابرات الوطنية.. بصحبة مايكل موريل رئيس قسم التحليل فى وكالة المخابرات المركزية (سى أى إيه) كان الاجتماع سريا فى مبنى فيدرالى يسمى جلاجنسكى.. وهو ناطحة سحاب بسيطة الطراز.

حرص رجال أوباما على أن يكون الاجتماع فى غرفة خاصة حصينة توصف بمرفق المعلومات الحساسة.. الغرفة صغيرة.. فى وسط المبنى.. يوجد بها حمام بسيط.. ومصممة بحيث لا يسمع الصوت خارجها.. وخالية من النوافذ.. وألا تشعر من فيها بالضيق أو الانزعاج.

أوضح ماكونيل النواحى الفنية المستخدمة فى وكالة الأمن القومى التى تتمتع بقدرات خارقة على التنصت.. وكان هذا المجهود قد بدا قبل سنوات انطلاقا من مشروع يرمز إليه باسم «شارك فينى» صمم لاعتراض مكالمات التليفون المحمول ورسائل البريد الإلكترونى بسرعة فائقة.. وتقدم المشروع نفسه ليشار إليه باسم «رت 10» لمضاعفة السرعة حتى صارت أسرع بعشرة بلايين مرة.. فتحول المشروع إلى «رترج» وهو اختصار لعبارة «الزمن الفعلى».. ويدل البرنامج من اسمه أن هناك سبيلا لانتزاع المعلومات وتخزينها وتوفيرها عند الطلب بما يسمح للولايات المتحدة بالتصرف عند الشعور بالخطر.

ويمنح البرنامج كل دولة من دول العالم لونا يحدد خطورتها ومدى التنصت عليها.. وتتراوح الألوان ما بين الأخضر (الأقل خضوعا للرقابة مثل إسرائيل) فالأصفر (درجة أعلى فى الاهتمام مثل أمريكا اللاتينية) فالبرتقالى (درجة أكبر فى الرقابة مثل مصر) وأخيرا الأحمر (درجة شديدة الخطورة مثل إيران).

وحسب ما نشر مؤخرا فإن التقارير التى جمعت من التنصت على إيران وصلت فى شهر واحد إلى 14 مليار تقرير.. ومصر أكثر من 7 مليارات تقرير.. والأردن أكثر من 12 مليار تقرير.

لكن.. السؤال المهم: ما الذى فجر الفضيحة فى وجه أوباما والبرنامج نفسه أسس فى عام 2007 فى عهد بوش؟.. وهل ستصل الفضيحة إلى حد إجبار أوباما على الاستقالة كما حدث فيما قبل مع نيكسون فى القضية الشهيرة المعروفة بووتر جيت؟

لقد قال أوباما بعد لقائه الأول مع مايك ماكونيل ومايكل موريل مازحا: «الحقيقة أننى كنت حتى انتخابى أخشى الخسارة فى الانتخابات لكن بعد حديثى معكم أصبحت أخشى الفوز».

وربما تذكر أوباما هذه العبارة التى قالها فى شتاء 2008 ونسيها بعد مرور خمس سنوات.. لكن.. كرة الجليد التى بدأت مجرد نتف صغير راحت تكبر وتزداد صلابة بعد أن تسربت تقارير على مواقع التواصل الاجتماعى فى بلاده تؤكد أن التنصت امتد من الخارج إلى الداخل.. ومن الأجانب إلى المواطنين الأمريكيين أنفسهم.. وهنا الخطر الحقيقى الذى قد يطرده من البيت الأبيض.

ولو كانت المباحث الفيدرالية هى التى سربت المعلومات حول فضيحة ووتر جيت، فإن هناك شكاً فى أن إحدى وكالات المخابرات هى التى سربت المعلومات حول الفضيحة الأخيرة.. أما السبب فهو رغبة هذه الأجهزة فى التخلص من أوباما بعد مساندته للإخوان فى حكم مصر.. فلاتزال هذه الأجهزة تعتبر الجماعة منظمة إرهابية تتغطى بانتهازية سياسية.. وإن مصالح الولايات المتحدة (أمن إسرائيل وضمان سير الملاحة فى القناة ومكافحة الإرهاب) مهددة فى وجود الجماعة فى الحكم.. ومن ثم فإما أن يرفع أوباما دعمه عنها أو يرحل قبل التخلص منها.

إن حالة النحس التى أصابت مصر خلال العام الماضى امتدت إلى الولايات المتحدة نفسها.