إمام المسجد النبوي: حكمة إسباغ النعم على بني آدم أن يسلموا بالطاعة
تحدّث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي؛ في خطبة الجمعة، عن أسباب خلق الله تعالى، بني آدم، وأسباب تكريم الله -عزّ وجلّ- له عن سائر المخلوقات بالنعم، وأن ابن آدم محل تكليفه وأمره ونهيه -عزّ وجلّ-.
وقال: الله -سبحان وتعالى- خلق الخلق بقدرته وعلمه وحكمته ورحمته، وأوجد هذا الكون المشاهد وجعل له أجلاً ينتهي إليه، وخلق في هذا العالم المشاهد الأسباب، وخلق ما يكون بالأسباب، وهو الخالق للأسباب ومسبّباتها، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، قال تعالى (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ* لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ).
وأضاف: الإنسان مخلوق عجيب من مخلوقات الله -جلا وعلا- جمع فيه من عجائب الصفات ما تفرقه عن غيره، مستشهداً فضيلته بقول الله تعالى (لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)، وتفضل الله تعالى على ابن آدم بالتكريم، قال تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا).
وأردف: تكريم الله -عزّ وجلّ- لبني آدم بالنعم في هذه الدنيا تكريم عام للصالح والفاجر، وأن التكريم الخاص في الآخرة برضوان الله وجنات النعيم يكون للمؤمنين، وليس للكافر نصيب في الآخرة إلا مَن أطاعه من الإنس والجن.
وتابع: الحكمة من إسباغ النعم على بني آدم هي أن يسلموا بالطاعة لله تعالى ويشكروه ولا يشركوا به أحداً بدليل قول الله تعالى (كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) فينزل الله تعالى النعم على بني آدم لتكون عوناً على طاعته وعبادته.
وقال "الحذيفي": الله تعالى أنزل لابن آدم ما يبيّن له مهمته في هذه الحياة ويعلمه بوظيفته والحكمة من خلقه، وأنه محل تكليفه وأمره ونهيه تبارك وتعالى، وأنه حامل أمانة الشريعة وشرف عبادة ربه، قال تعالى (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ).
وأضاف: الله -سبحانه وتعالى- بيّن لنا من سنن هذا الكون وما خلق فيها من الأسباب التي تؤثر في وجود ما بعد هذه الأسباب، وبين لنا من سننه في هذه الحياة أن أعمال الإنسان تصلح بها الحياة إذا كانت أعماله صالحة، ويدخل الفساد في الحياة إذا كانت أعماله فاسدة، وأن أعمال الإنسان يرى صلاحها أو فسادها حتى في الحيوان والنبات رحمة من الله وعدلاً؛ ليلزم الإنسان الطاعات ويهجر المحرّمات.