هل ستظهر جماعات إرهابية جديدة على خطى داعش؟
تعتبر جماعة الإخوان الإرهابية، جسرًا عبرت عليه، كل التنظيمات المتطرفة، وخرجت من رحمه، كتنظيم القاعدة وداعش وأنصار بيت المقدس، ليكثر التساؤل حول ظهور جماعات إرهابية جديدة على خطى السابقين، وهو ما يجيبه الخبراء، بتوقعاتهم، بأنه لن يتوقف التسلسل الجيلي للتنظيمات الإرهابية، إلا بالقضاء على الإخوان.
جماعة الإخوان الإرهابية
تعد جماعة الإخوان المسلمين -التي أسسها حسن البنا- واحدة من أقدم التنظيمات الإسلامية في مصر وأكبرها، كما أن لها تأثيرًا على الحركات الإسلامية في العالم، وذلك بما تتميز به من ربط عملها السياسي بالعمل الإسلامي الخيري.
وبعدما، أعلن البنا عن الجماعة في عام 1928، افتتحت لها أفرع في جميع أنحاء الدولة المصرية، وأصبحت ملهمة لكل جماعات العنف والتطرف والإرهاب التي نشأت بعدها، بل كانت بمثابة جسر عبرت عليه كل الجماعات الإرهابية.
جماعات خرجت من رحم الإخوان
وخرجت كل الجماعات المتطرفة من رحم الإخوان المسلمين، حيث خرج منها، تنظيم الجهاد والقاعدة وزعيمه أسامة بن لادن، تنظيم ما يُسمى بالدولة الإسلامية "داعش" وزعيمه أبو بكر البغدادي، فالأفكار المتطرفة والإرهابية، التي تربوا عليها، كان نتاجها العنف.
جميع الإرهابيين، الذين قاموا بعمليات مسلحة، و أعلنوا انتماءهم لتنظيم ما يُسمى أنصار بيت المقدس أو "داعش مصر" كانوا من الإخوان المسلمين، ولعل التسجيلات المرئية التي سجلها هؤلاء قبل إقدامهم على تنفيذ العملية تؤكد هذه العلاقة التي اعترفوا بها.
توقعات بظهور تنظيمات جديدة
في ظل انتشار الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي خرجت من رحم الإخوان، تداول السؤال الشائع، حول ظهور جماعات جديدة على نفس الخطى، فيقول طه علي الباحث السياسي، إنه من المتوقع ألا ينقطع سلسال التنظيمات المتطرفة، وبخاصة مع توافر الشروط اللازمة لظهور تلك التنظيمات، فيما يُعرف بـ "البيئة الحاضنة للإرهاب" بمعنى توافر عدد من الشروط السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تؤهل لظهور التنظيمات المتطرفة.
وأضاف "علي"، في تصريحاته الخاصة لـ"الفجر"، أن الملاحظ على خريطة الأزمات بالشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا يجد أن العديد من المناطق مرشحة بقوة لأن تحتضن جيلا جديدا من التنظيمات المتطرف، متابعًا أنه منذ الجيل الأول الذي تمثل في تنظيم القاعدة الذي تأسس أواخر الثمانيات على يد أسامة بن لادن وزملاءه أيمن الظواهري، وعبد الله عزام، متبنيين الدعوة إلى "الجهاد العالمي" في أفغانستان، وما أعقبها من جيل جديد شهده العراق على يد أبي مصعب الزرقاوي من خلال ما يعرف بـ "تنظيم التوحيد والجهاد" في التسعينات بالعراق ليتحول بعد مبايعته لـ بن لادن بـ "تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين"، وصولا إلى داعش وهو الجيل الثالث لعنف التنظيمات المتطرفة والذي شهد طفرة نوعية في آداءه مقارنة بالجيلين السابقين.
وأردف الباحث السياسي، قائلًا؛ إنه مع توالي الأزمات التي يواجهها تنظيم داعش خلال السنوات الخمس الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط، اضطر إلى البحث عن مساحات جديدة، وبخاصة بعد الضغط الشديد الذي تعرض له في سوريا والعراق. حيث أصبحت ليبيا بيئة خصبة ينتقل إليها التنظيم وبخاصة مع وجود قوى إقليمية داعمة له في إطار مساعيها لخدمة أهدافها، ولكن تطور الأحداث في ليبيا مع استمرار المعارك التي يخوضها الجيش الوطني، فإنها تسعى لبيئات بديلة، لتصبح قارة أفريقيا أقوى البدائل المرشحة لاحتضان تلك التنظيمات، وبخاصة مع وجود تنظيمات سلفية جهادية مثل "القاعدة في بلاد المغرب" و "تنظيم المرابطون" الذي يرأسه الجزائري مختار بلمختار، وكذلك حركة بوكو حرام في نيجيريا، حتى وصل الأمر إلى موزمبيق حيث توجد حركة "السنة والجماعة" التي تشبه في نشأتها جماعة "بوكو حرام"، وغيرها من التنظيمات المختلفة في العديد من الدول الافريقية، وكانت القارة الافريقية شهدت نحو 500 عملية إرهابية خلال العام الأخير.
وأوضح أن ما سبق يرشح القارة الإفريقية لأن تصبح مسرحا لتنامي التنظيمات الإرهابية، وبخاصة مع انتقال التنافس بين القوى الدولية إلى القارة السمراء خلال الفترة الأخيرة، فضلًا عن أن آسيا هي الأخرى ليست بعيدا عن التسلسل الجيلي للتنظيمات المتطرفة، وبخاصة مع توافر شروط اجتماعية مناسبة لذلك، فالمجتمعات المسلمة التي تعاني من الاضطهاد من جانب البوذيين في سريلانكا، وغيرها من المناطق تجعل البيئة مناسبة للتنظيمات المتطرفة، فقد شاهدنا أخيرا تحول "جماعة التوحيد الوطنية" من حركة اجتماعية إلى تنظيم متطرف، وبخاصة مع دعم التنظيم الدولي للإخوان له.
جراثيم التطرف داخليًا وخارجيًا
بينما أشار إبراهيم ربيع القيادي الإخواني المنشق، إلى أن السلفية نشأت في مصر مع ظهور جماعة أنصار السنة المحمدية، وشقيقتها في المرجعية السلفية الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية، موضحًا أن هذه الجمعيات والتيارات أممت الدين الإسلامي وصادرته لحسابها ونصبت نفسها حارسا وحاميا ومصدرًا وحيدًا للدين وللتدين.
وأكد "ربيع"، في تصريحاته الخاصة لـ"الفجر"، أنه صاحب هذه الحالة انحسار مهمة "الأزهر" بدور موظف الدعوة وليس عالم دين له رسالة روحية، وترك المجال لهذه الجماعات النشطة والمدعومة للمرور والاستيلاء على المنابر لتعبث بالعقول في الداخل من خلال خلاياها في المعاهد ــ الكليات ــ المساجد، وفي الخارج بزرع خلاياها فى المراكز الإسلامية والمحافل الدعوية المختلفة حتى باتت جراثيم التطرف تنتشر داخليا وعالميا بتحركات تنظيمية.
وتابع القياي الإخواني المنشق، أن السلفية الجهادية والسلفية التراثية والسلفية المدخلية كلها وجوه لمنهج واحد الفرق بينهما في درجة الإفصاح عن نوايا الإرهاب المؤجل، فكل هذا حرث أرض عقلية المسلم المعاصر وشمسها وجهزها ليزرع فيها تنظيم الإخوان بذور الشر التي أثمرت ثمار الحنظل من تنظيمات إرهابية وأتاحت لذلك التنظيم اللعين التوغل والتمكن من المجتمعات العربية وتلاعب بكل القيم ودمرها مستمتعا بالحضانة الاجتماعية التي صنعها هؤلاء الدجالون.
ولفت إلى أنه في ثمانينيات القرن الماضي قام تنظيم الإخوان بتأسيس تنظيم "قاعدة الجهاد" المعروف إعلاميًا بتنظيم القاعدة وذلك في مدينة بيشاور البكستانية المتاخمة للحدود الأفغانية، الذي انبثق منه تنظيم داعش الذي يتبعه تنظيم أنصار بيت المقدس، وبعد إزاحة الإخوان في ثورة 30 يونيو 2013 وفض الاعتصام المسلح في ميداني رابعة والنهضة أسس لواء الثورة ولواء حسم الإرهابيين، ما يعني أن كل التنظيمات تابعة للإخوان وكلما تم حرق تنظيم سيخرجون علينا بتنظيم آخر ولن يتوقف سلسال الإرهاب والدم إلا بالقضاء على تنظيم الإخوان سياسيا وثقافيا واجتماعيا وتمويلا وإيواءً.