بعد غد .. الاحتفال باليوم العالمي للشعوب الأصلية وسط مخاوف باندثار ثقافاتهم



أعلنت الجمعية العامة العقد الدولي الثاني للشعوب الأصلية في العالم ، الذي يمتد من 2005 إلى 2015 ، وموضوعه هو عقد للعمل والكرامة .

وبهذه المناسبة ، وجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رسالة دعا فيها إلى أن نعيد تأكيد حقوق الشعوب الأصلية والتزامنا المشترك بالنهوض بقيم الإنصاف والعدل والكرامة للجميع .. حيث أكد على ما تتسم به الشعوب الأصلية بتنوعها

الرائع ، حيث تتألف من 5000 مجموعة متميزة تعيش في زهاء 90 بلدا ، وهى تمثل ما يربو على 5 \% من سكان العالم ، أي نحو 370 مليون نسمة.

وتعد هذه الشعوب مجتمعة وعاء لتراث ثقافي نفيس ، لكنه كثيرا ما يتعرض للتلاشي بوتيرة سريعة .. وكلنا يشهد تجليات إبداع الشعوب الأصلية وروحها الابتكارية في ميادين الفنون والأدب والعلوم ، لذلك فاحتفالات هذه السنة تسلط الضوء على هذه الإسهامات.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن الشعوب الأصلية تواجه عدة تحديات في سعيها إلى الحفاظ على هويتها وعاداتها وتقاليدها ، بل إن إسهاماتها الثقافية تستغل ويتجر بها في بعض الأحيان ، دون أن تحظى سوى بالنزر اليسير من

الاعتراف ، إن لم يتم تجاهلها تماما .. فلابد إذن من مضاعفة الجهود لكفالة الاعتراف بحقها في السيطرة على ملكيتها الفكرية وتعزيز هذا الحق ، ومساعدتها في حماية تراثها الثقافي ومعارفها التقليدية وفي تطوير هذا الرصيد وتقديم تعويضات منصفة على استغلاله ، لأن ذلك سيعود علينا جميعا بالنفع في نهاية المطاف.

وفي هذا الصدد، أكد أن أشجع الدول الأعضاء كافة هى أكثرها قدرة على اتخاذ خطوات ملموسة للتصدي للتحديات التي تجابه الشعوب الأصلية، بما في ذلك التهميش والفقر المدقع وفقدان الأراضي والأقاليم والموارد .. وينبغي أن تلتزم البلدان

أيضا بوضع حد للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تطال الشعوب الأصلية في عدة أنحاء من العالم.

وأشار مون إلى أنه يتطلع إلى المؤتمر العالمي للشعوب الأصلية المقرر عقده عام 2014 ، داعيا جميع الدول الأعضاء على العمل في إطار الشراكة الكاملة مع الشعوب الأصلية في سبيل بلورة أفكار ومقترحات عملية للبت فيها أثناء هذا التجمع المهم. ويكشف تقرير حالة الشعوب الأصلية في العالم الصادر عن الأمم المتحدة عام 2010 ، أن الشعوب الأصلية في العالم تواجه معدلات مقلقة من الفقر والجريمة والمشاكل الصحية وانتهاكات حقوق الإنسان استنادا إلى تقرير جديد لإدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية ، وهذا أول منشور للأمم المتحدة يقوم بدراسة شاملة للسكان الأصليين في كل أنحاء المعمورة ويكشف عن إحصاءات مقلقة.

ففي أمريكا ، يفوق احتمال إصابة الأمريكي الأصلي بداء السل احتمال إصابة عامة السكان بحوالي 600 مرة ويفوق معدل احتمال انتحاره معدل احتمال انتحار عامة السكان بنسبة 62 \% ، وفي إستراليا .. يتوقع أن يموت طفل السكان الأصليين قبل نظيره من عامة المواطنين بحوالي 20 سنة ، وتبلغ فجوة العمر المتوقع 20 سنة أيضا في نيبال،

في حين تبلغ 13 سنة في جواتيمالا و11 سنة في نيوزيلندا ، وفي مناطق من إكوادور ..

يفوق احتمال إصابة السكان الأصليين بسرطان الحنجرة المتوسط الوطني 30 مرة.

وعلى المستوى العالمي، ياني ما يزيد على 50 \% من البالغين في صفوف السكان الأصليين من الصنف الثاني من داء السكري، وهو رقم من المتوقع أن يرتفع .. ولفت التقرير إلى أن تلك الظروف قد نشأت رغم إسهامات مجتمعات الشعوب الأصلية الهائلة في التنوع الثقافي واللغات والمعرفة التقليدية في العالم ، كما أشار إلى أن

احتمال سقوط الشعوب الأصلية في دوامة الفقر أكبر من احتمال نظيراتها من الشعوب غير الأصلية.ومن جانبها ، قالت ميرنا كانينغام التي ساهمت بفصل في التقرير الأممي ، إن من الاستنتاجات المثيرة للفزع هو هذا العدد الهائل من لغات الشعوب الأصلية المهددة بالتلاشي .. مضيفة أن التقرير يذهب في تقديراته إلى القول إن 90 \% من لغات

العالم التي تتحدثها الشعوب الأصلية قد تنقرض خلال المائة سنة القادمة . وقالت سونيا سمولكومب من أمانة المنتدى الدائم المعني بقضايا الشعوب الأصلية في إدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية إنها تعتقد أن القضايا الرئيسية الراهنة

بالنسبة للشعوب الأصلية هى ضمان أمن الأراضي ، والاعتراف القانوني والتنمية في إطار الثقافة والهوية .

وقد حذر أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون من زوال ثقافات الشعوب الأصلية ، مشيرا إلى أن لغة واحدة أصلية تموت كل أسبوعين ، وهناك قول مأثور للسكان الأصليين مفاداه بأن موت أحد الشيوخ، يشبه احتراق الضوء. وهذا تعبير جميل يعبر عن احترام حكمة العمر .. ولكن يمكن أن يكون هذا القول أيضا تحذيرا . إذ يمكننا القول إن موت عادة تقليدية للشعوب الأصلية، هو أشبه باحتراق النور . إذا كان ذلك صحيحا، فإن عالمنا يزداد قتامة . اليوم لغة واحدة أصلية تموت كل أسبوعين ، إن الثقافات الأصلية مهددة بالزوال.

ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، اندثرت حوالي 600 لغة في القرن الماضي ولا يزال المزيد من اللغات في طريقها إلى الاندثار .. وتقول اليونسكو إن انقراض بعض اللغات يعتبر كارثة حضارية وثقافية .

وكانت قد أعلنت أن هناك 3000 لغة من بين لغات العالم مهددة بالإنقراض اللغوي حتى عام 2050، و2400 لغة آخرى على حافة هاوية الإنقراض.

وتطالب اليونسكو بالتنوع اللغوي حماية للتراث اللغوي الإنساني . وهذا ماجعلها تصدر قواميس وتسجيلات اللغات التي قد أوشكت على الإندثار لتكون فيما بعد مخطوطاتها كحجر رشيد لفك طلاسم هذه اللغات الميتة للأجيال القادمة.

فهناك 300 لغة من بين 600 لغة عالمية معرضة للانقراض بين شعوب الأرض تمثل حضارات أمم وتراثها الثقافي والإجتماعي والحياتي وهذا ما جعل اليونسكو تدق أجراس الخطر وتشن أكبر حملة دولية للحفاظ على هذا التراث الإنساني من الضياع أو الاختفاء ، فخلال القرون الثلاثة الماضية توارت بل ماتت عدة لغات ولاسيما في

إستراليا وأمريكا وعدة بلدان من العالم . واعتبرت المنظمة أن أية لغة 30\% من أطفالها لايتعلمونها معرضة للانقراض اللغوي الداهم ، لأن من خلال اللغات التي نكتسبها نتعرف على المعارف الإنسانية ونعبر عن عواطفنا.